ليس هذا ما تراضينا عليه !!
زاوية الكتابكتب أغسطس 11, 2012, 12:35 ص 1399 مشاهدات 0
المضحك في قضية تحويل الدوائر الانتخابية الى المحكمة الدستورية هو الصحوة المفاجأة التي نزلت على حكومتنا الرشيدة. فالسلطة تتعمد للأسف الى استغفال الناس معتمدة تارة على اعلام مضلل للرأي العام و تارة على اختلاق أزمات وقتية مصطنعة تلهي بها الشعب. فالبرغم من عدم تطرق حكم المحكمة الدستورية الاخير الى عيب يشوب الدوائر الحالية الا ان الصحوة الحكومية اختلقت العيب و باشرت الإجراءات للتأكد من دستورية قانون الدوائر. و هذا حق يراد به باطل. فان قانون الدوائر الخمس هو مشروع حكومي، فهي من اقترح في البداية تعديل الدوائر و هي من شكلت لجنة تعديل الدوائر التي اعتمدت الدوائر الخمس و هي من صاغ القانون و هي من وزع الدوائر. و جميع ما سبق تم دراسته و بحث مدى تطابقه مع الدستور من خلال جيش المستشارين و الخبراء الدستوريين و الإدارات الحكومية ذات الصلة. و لكن المفاجأة و بعد سبع سنوات من الممارسة الفعليه تطعن الحكومة في القانون متعذرة بأن 'جميع الخبراء الدستوريين يؤكدون عدم دستورية القانون' !!
و قد يقول قائل هنا ان إجراءات الحكومة من ضمن صلاحياتها القانونية و الدستورية. و هنا يكمن الخلل في فهم القضية و الخلاف. فالغاية لا تبرر الوسيلة. فهل يعقل مثلاً القول بإغلاق البنوك نهائياً لمنع عمليات السطو عليها ؟! و هل يعقل مثلاً منع الزراعة لكي نحارب آفة المخدرات ؟! الغاية هنا نبيلة و لكن الوسيلة خط. فتصحيح خطأ (ان وجد) لا يكون من خلال خطأ اخر. و هذا ما تقوم به الحكومة تماماً. فالبحث عن تحصين القوانين دستورياً امر محمود و لكن التذاكي على الناس غير مقبول أبداً. فالقانون حكومياً و مر عليه سبع سنوات من التنفيذ فلماذا الان ؟ و كيف مر هذا الزمن دون ان تلاحظ ذلك ؟ و اين هم هؤلاء الخبراء طوال هذا الوقت ؟ و ماذا عن بقية القوانين المشكوك بدستوريتها ؟! فقبل عدة سنوات أعدت مجموعة 'صوت الكويت' الشبابية كتيب جميل يحتوي على ثمان قوانين رئيسية غير دستورية مدعمة بالشرح التفصيلي و الدلائل على المخالفات الدستورية. و هو للامانة اكثر اقناعاً من ما تفضل به معالي وزير الاعلام بالأمس مع شديد احترامي لشخصه الكريم. فلماذا لا تطعن الحكومة بهذة القوانين أيضاً ان كانت صادقة بصحوتها الدستورية المفاجأة ؟!
ان طريق تعديل الدوائر واحد لا ثاني له. و هو عن طريق إرادة الشعب من خلال ممثلهم الشرعي و الوحيد 'مجلس الامة' و غير ذلك يعتبر تزيف و تزوير لا يمكن قبوله. فقد أهدرت هنا غاية وجود مجلس ينتخبه الشعب مباشرة بالطريقة التي يشرعها هو لا من خلال الحكومة او المحكمة الدستورية. ففصل السلطات انهار امام هذا المشهد و استقلال العملية الانتخابية انتهكت و اصبحت إرادة الامة محل مزاج السلطة و أدواتها. و الأهم من جميع ما سبق هو ان المقصد الاساسي لمؤسسين الدستور قد انتفى. فالمسيرة نحو الحياة الديمقراطية التي كافح من اجلها أجدادنا و ضحوا من خلالها بالغالي و النفيس و الروح ذهبت هباء منثورا. فالاجداد لم يسطروا أسمائهم بتاريخ الكويت الحقيقي ليجني الأحفاد مجلس صوري اقرب الى المعيّن من المنتخب. فالحكم في الكويت ديمقراطي و السيادة للامة مصدر السلطات جميعاً و ليس ما نعيشه اليوم.
انه زمن استخدام الدستور لوأد الدستور و استغلال الديمقراطية لضرب الديمقراطية. و هو زمن المشهد الاخير من مسرحية مخرجها السلطة التي لم تؤمن بالدستور يوماً و أبطالها رئيس الوزراء و حكومته و ما هم بأبطال بل ممثلون درجة ثانية يملا عليهم النص و ينفذون و الجمهور هو شعب مخلص استمر بالجلوس بمقاعدة حتى نهاية الفصل الاخير.
يبقى القول كم أحزنني موقف البعض الذي بلع الطعم مبكراً كل رهانه هو تغيير نتائج الانتخابات لصالحه. فالطموح لتحقيق مكاسب انتخابية هو امر مشروع سياسياً. و لكن ان جاء بطرق ملتوية فلن يدوم. الدنيا دواره و حكومتنا الرشيدة ما لها صاحب و المؤسف ان هذه المجموعة تحديداً هي اكثر من شربت كأس السم الحكومي و لم تتعض و لسان حالها اليوم يقول 'اسقني و اشرب على أطلاله' و اليها اقول 'لا تسقني ماء الحياة بذلة .. بل فاسقني بالعز كأس الحنظل'
تعليقات