التكفيريون تربوا على أيدي أناس بعيدين عن تربية القرآن الكريم!!

زاوية الكتاب

كتب 598 مشاهدات 0


القبس

رأي وموقف  /  الإرهاب المرفوض

د. عبد المحسن يوسف جمال

 

قال سبحانه : «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ»، المائدة (32).

الإنسان هو الإنسان، وحقه في الحياة محترم وفق المفهوم الإنساني، فلا يجوز الاعتداء على أي انسان مهما كان دينه أو فكره.

وهذه الآية الكريمة تنسف كثيراً من الآراء الخطأ لبعض من يدعي الإسلام، ويقوم بقتل الناس في الأسواق والمساجد والأماكن العامة بشكل إجرامي، ليحدث فساداً في الأرض.

اللافت في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه اعتبر قتل النفس (أي نفس) «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فكأنما قتل الناس جميعاً»، أي من قتل إنساناً بريئاً، فجريمته تساوي قتل البشرية كلها، وفي ذلك إجرام ما بعده إجرام، فالنفس الإنسانية لا تقتل في الإسلام إلا قصاصاً لقتل إنسان بريء آخر، ومن يقتل إنساناً بريئاً واحداً، فإنه يكون على استعداد لقتل آخرين، ولأن الإسلام ينظر إلى المجتمع كالجسد الواحد، فمن قتل أحد أعضائه يكون على استعداد لقتل الأعضاء الآخرين.

وبالتالي، فإننا نستغرب من التكفيريين الذين يقومون بتفجير أنفسهم وقتلها في وسط مجاميع بريئة من الناس من دون ذنب، ولا شك أن هؤلاء تربوا على أيدي أناس بعيدين عن تربية القرآن الكريم ومفاهيمه السامية.

والجميل في الآية الكريمة أنها لم تقتصر على الجانب السلبي وهو القتل، بل إنها نظرت إلى الجانب الإيجابي، وهو إحياء نفس واحدة، يعتبر إحياء وإنقاذاً للمجتمع الإنساني كله.

وهذه دعوة إلى العمل الصالح، ومساعدة الناس (كل الناس) مهما كانت ديانتهم أو أفكارهم.

هذا القرآن الكريم، وبهذا الفهم الإنساني الراقي نزل في بيئة ومجتمع يبيح القتل لأتفه الأسباب وأقلها، ولكنه أراد تربية المسلمين على احترام حياة الإنسان، والدفاع عنه والحفاظ عليه وإنقاذه من مخاطر الحياة.

ومع أن الآية تتكلم عن بني إسرائيل، إلا أنها عامة وتخاطب الناس كافة، للحفاظ على حياة الإنسان.

هذه الآية الكريمة تعتبر مقياساً للمسلم الحق الذي يتبع الإسلام ويحافظ عليه، وبين أولئك الذين يسعون في الأرض فساداً وتخريباً، فيقومون بقتل الناس الأبرياء، فرادى وجماعات، لا لشيء إلا بسبب الابتعاد عن حقيقة الدين الإسلامي الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وآله.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك