شبح منطقة اليورو يطارد المصارف الأمريكية بقلم باتريك جنكينز
الاقتصاد الآنأغسطس 8, 2012, 12:50 ص 770 مشاهدات 0
تسعى مجموعات مالية لإيجاد سبل للحد من تعرضها لأثر مضاعف من أي صدمات إقليمية. وهناك اتفاق بالإجماع بين رؤساء المصارف الأمريكية على أن أكبر تهديد يواجههم هو تداعيات الأزمة المالية في منطقة اليورو.
ومع أن القضايا المحلية الأمريكية، ولا سيما 'الهاوية المالية'، تعتبر من الهموم التي تشغل المصرفيين الأمريكيين، إلا أن عجز الزعماء الأوروبيين المستمر عن حل أزمة الديون في بلدان منطقة اليورو الطرفية يبقى الهم المهم. ومن الواضح، كما قال رئيس أحد المصارف الاستثمارية الأمريكية: إن 'الولايات المتحدة تقلل دون شك، من شأن أوروبا'. وأضاف: 'هذه المشكلة والهاوية المالية هما أكبر التحديات التي نواجهها'.
وهناك هدوء نسبي فيما يتعلق بتعرض المصارف المباشر لمنطقة اليورو، الذي انخفض بشكل مطرد وتتم الآن مراقبته عن كثب من خلال تحديثات شهرية يجمعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
لكن ما يثير قلق كبار المصرفيين والجهات التنظيمية الخاصة هو عدم القدرة على التنبؤ بالآثار غير المباشرة. وقال أحد صناع السياسة: 'من حيث العواقب من الدرجة الأولى، جميع المصارف تتخوف من خسائر تبلغ بضعة مليارات في [منطقة اليورو الطرفية'. وأضاف: 'العواقب من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة هي التي تثير فزعي'.
وعلى الرغم من أنهم قد يتفقون على التشخيص، إلا أن عددا قليلا منهم يمكن أن يتفق على وسائل المعالجة. واتبعت مصارف مثل 'جيه بي مورجان تشيس' استراتيجية للتحوط ضد المخاطر، لكنها تحافظ على خطوط الائتمان إلى كل من الحكومات والشركات الكبرى في دول مثل إسبانيا وإيطاليا. ويعتقد جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ 'جيه بي مورجان تشيس'، أن القارة 'ستتخبط خلال' أزمتها.
وأظهر آخرون قدرا أكبر من التشاؤم. وقال أحد المصرفيين، من معسكر الحذر: 'إن أفضل شيء يمكنك القيام به هو الانكماش والتخفيض'. وأضاف: 'نحن الآن نخطط على أساس تفكك منطقة اليورو تماما خلال 18-24 شهرا. وعندما تكون فرصة حدوث ذلك أكثر من 5 في المائة، يصبح الأمر لا مفر منه مع مرور الوقت'.
ومن بين مصارف الولايات المتحدة الكبرى، مر 'مورجان ستانلي' بوقت عصيب أكثر من غيره لإدراك السوق لتعرضه لمنطقة اليورو.
وفي العام الماضي، بعد أن أفادت مدونة زيرو هيدج أن مصرف 'مورجان ستانلي' لديه تعرض كبير في فرنسا يقدر بـ 39 مليار دولار. وبلغت مخاوف السوق حول هذا البلد ذروتها، وصُدم المصرف بالكشف الكبير عن مواقف الإقراض الحقيقية الخاصة به في المنطقة. وتبين أن الرقم الحقيقي جزء صغير من ذلك، وكان الرقم الأكبر هو ذلك الناتج عن أحجام تداولات العملاء من خلال عمليات بورصة نيويورك يورونيكست الأوروبية التي تتم عبر فرنسا. وعلى الرغم من أن حدة القلق خفت بين المستثمرين إلى حد ما، إلا أن مطلعين من داخل المصرف يقرون بأن أسهمه ما زالت تعتبر أقرب وكيل بين أسهم المصارف الأمريكية لخطر منطقة اليورو.
يقول براد هينتز، المحلل في 'أليانز برنستين': إن 'مورجان ستانلي' و'جولدمان ساكس' أصبحا 'مصرفين أوروبيين شرفيين'، بأسهمهما التي تتداول تزامناً مع المجموعات الأوروبية. وخلال الصيف الماضي انخفض 'مورجان ستانلي' أكثر من 10 في المائة في يوم واحد، وسط مخاوف بشأن تعرضه لأوروبا.
وكتب هينتز في مذكرة أن 'جزءا من هذا الخوف تفسره تجربة مجتمع الاستثمار المؤسسي'. وأضاف: 'في خضم الأزمة المالية عام 2008-2009، صدم المستثمرون في جميع أنحاء العالم عندما أدركوا أن المصارف في أسواق رأس المال في جميع أنحاء العالم مرتبطة مع بعضها بعضا بشكل وثيق، من خلال سجلاتها الخاصة بالمشتقات المتداولة خارج البورصة'.
ويضرب 'مورجان ستانلي' أيضا مثلاً في الخطوات التفصيلية التي اتخذتها المصارف لدعم أنفسها وطمأنة المستثمرين. وفي حالة واحدة، طلب 'مورجان ستانلي' من الحكومة الإيطالية إلغاء مليارات الدولارات الخاصة بعقود المشتقات المالية غير المسددة، ما أسفر عن مدفوعات حجمها 2.57 مليار جنية إسترليني من وزارة الخزانة الإيطالية إلى مصرف الاستثمار.
يستخدم المصرف شرطا قانونيا غير عادي، يرتبط بـ 'إجراءات إنهاء إضافية' للضغط على وزارة الخزانة الإيطالية لإلغاء عقود مشتقات في وقت سابق من هذا العام، ويشمل أيضاً عمليات مقايضة لمعدل فائدة تم إبرامها مع المصرف منذ أكثر من 20 عاماً.
وتترقب أطراف مقابلة للمصارف مناورة قانونية من جانب المصارف. ويحذر مسؤولون تنفيذيون في أحد صناديق التحوط من أن الصناديق يجب أن تكون حذرة من الأطراف المقابلة لن تغير اللغة المستخدمة في الأوراق الخاصة بالتأكيدات التجارية. كما تستند عقود المشتقات على اتفاق رئيس، مع تغييرات يتم التفاوض حولها بين الطرفين، لكن قسيمة تأكيد التجارة هي وثيقة ملزمة. ويضيف المسؤول التنفيذي: 'خلال الأزمة في عام 2008، بدأ كثير من المصارف في إدراج بنود غير قياسية'، مثل إنهاء العقد في وقت مبكر في حال تعرضت مقايضات العجز عن سداد الائتمان الخاصة بالمصرف لتحرك كبير.
وحتى الآن كانت استراتيجية المصارف هي مطابقة الأصول بالمطالبات، والتأكد من أن التحوطات فعالة، ودفع الأطراف المقابلة إلى القانون الإنجليزي أو قانون نيويورك، مع المطالبة بضمانات لا تتأثر بشكل سريع، بحيث تتم إعادة هيكلتها مرة أخرى بعملة أخرى مع إعادة تقييمها. لكن على الرغم من كل ذلك، لا يزال هناك إدراك – المنازل المتأثرة من الأزمة الأخيرة - بأن من المستحيل التنبؤ بجميع النتائج السامة التي تنتشر من كارثة مالية في منطقة اليورو.
وقال كريستوفر باتس، الشريك في شركة كليفورد تشانس الذي درس التأثير المحتمل على عقود المشتقات المالية للدول التي تترك منطقة اليورو: 'ما أعتقد أنه مثير للاهتمام حول هذا الأمر هو التقلب النفسي الذي تعانيه المصارف'. وأضاف: 'لكن بسبب الصعوبة الكامنة في العمل فعلياً، فإنها تضع الناس في موقف صعب لمعرفة كيف تُعدّ هذا'.
ويشكل المستثمرون صورة حول كيف تعامل مصارف 'وول ستريت' أصولها في أوروبا بناءً على بيانات جمعتها لجنة الأوراق المالية والبورصات من تقارير خاصة بخمسة أرباع سنوية، وطلبت اللجنة أخيرا مزيدا من التفاصيل.
وربما كان العنصر الأكثر بروزاً هو ما الشيء الذي لم يتغير؟ وعلى الرغم من التوقعات الوخيمة للانهيار المالي الأوروبي، لا توجد سوى إشارات ضئيلة على عمليات هروب دراماتيكية من اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا.
وعدم اتساق تقارير المصارف يجعل من الصعب تفسير الصورة. مثلا، جولدمان ساكس قدم فقط مخاطر تعرضه الائتماني في أول تقريرين ربع سنويين. وبعد ذلك يبدو أن تعرضه للخطر يزداد، لكن في حقيقة الأمر قدم تصريحا كاملا من خلال تضمين تعرضه لمواضع التداول في تلك البلاد.
وتختلف أرقام المصارف الأخرى التي تلاحظ تغيرات في المبادئ التوجيهية للجنة الأوراق المالية والبورصات الخاصة بالإفصاح عن التحوطات. مصرف أمريكا، مثلا، لم يقلل تحوطه كما تقترح البيانات. لكن المصرف الآن لا يعتبر بعض التحوطات فعالة بحيث تؤدي إلى التقليل من مستوى التعرض الكلي.
إجمالاً، الاتجاه واضح: مع أن المصارف تعمل على إضافة تحوطات وتقليص التعرض، إلا أن شيئا من ذلك لا تشبه الهروب من القارة.
ويستطيع المرء قراءة التفاؤل والتشاؤم من خلال ذلك: التفاؤل يأتي من أولئك المديرين التنفيذيين الذين يصرون على أن حلا منظما للأزمة لا يزال هو النتيجة الأكثر احتمالاً. والتشاؤم يأتي من أولئك الذين يعتقدون أن التعرض الرئيس ليس ذلك الذي يثير اضطرابا إذا مضت الأمور على نحو الخطأ.
ويمكن إمالة المشاعر مرة أخرى، لكن في الوقت الراهن يولي المستثمرون الأرقام القليل من الاهتمام. لقد كان 'مورجان ستانلي'، الذي تظهر الإحصائيات أنه أقل المصارف تعرضاً، مثقلا بسعر السهم الذي يرتبط بتطورات منطقة اليورو أكثر من ارتباط منافسيه، مثل 'جيه بي مورجان تشيس' الذي يعد الأكثر تعرضاً للبلدان الطرفية بمبلغ يزيد على 20 مليار دولار.
لكن هناك عيب لا يمكن للجنة الأوراق المالية والبورصات إجبار المصارف على إصلاحه. ويجد مجلس الاحتياطي الفيدرالي وجهات تنظيمية أخرى صعوبة في التعامل مع العيبب المتمثل في أن الأرقام تتعلق فقط بالتعرض المباشر، بينما يبقى التعرض غير المباشر أكثر ضباباً، وربما يكون لعبة أكثر أهمية. ويلاحظ مايك مايو، المحلل في 'سي إل إس إيه'، أن شركة الوساطة 'إم إف جلوبال'، أفلست في العام الماضي بعد إخفاق رهان كبير على منطقة اليورو. وفي حالات الإفصاح التي تمت من جانب المصارف من مصرف أورد في سجلاته تعرضه لـ 'إم إف جلوبال' التي من المحتمل أنها تنقل عدوى منطقة اليورو على نحو أكثر خطورة مما تفعله إيطاليا، مثلا.
تعليقات