لنضع النقاط البحرينية على الحروف الإيرانية

خليجي

5257 مشاهدات 0


تعاني طهران من قصور واضح ومستمر في قراءة الردود الخليجية على استفزازاتها، مما يجعلنا نجزم بأن ذلك هو سبب تعطل منطقة الفهم لدى صانع السياسة هناك. ففي ثنايا أزمات طهران مع المجتمع الدولي تتجدد أطماعها  في البحرين،مغرية كل ذي مخلب وناب هناك  ليدلوا بدلوهم قفزا فوق الواقع وبناء على تحليلات مفعمة حتى الثمالة بنزعة توسعية وكأنهم لم يفهموا مانقول .وقد كانت آخر المحاولات ما تكشف في 'الوثيقة الإيرانية'  التي طرحت  في إجتماعات 5+1 في بغداد و موسكو. وتتحدث الوثيقة عبر 50 صفحة في محورها الاول عن إتفاقية حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل من خلال الفهم الايراني لذلك. وفي المحور الثاني تقوم إيران بمناورات لاعادة تعريف معنى تعزيز الشفافية التي هي لب الصراع مع المجتمع الدولي .أما المحور الثالث في الوثيقة فهو طرح طهران مواضيع إقليمية، خصوصا سورية والبحرين على أساس أن الامور سوف تنحى الى الانفراج  بوجود حل شامل للقضايا الاقليمية . فمالذي تفعله طهران بعد أن وضعت نفسها مرجعية للقضايا لاقليمية ؟ ومالذي علينا أن نفعله لمنع مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون وفريقها من الانصياع للفهم الايراني الملتوي ؟

يعتقد فريق نجاد ان لديه فسحة من الان حتى تبدأ العقوبات في النمو على أرصفة شوارع طهران.وإن هناك مجال للمناورة بعد إنقشاع غيوم إحتمالات الضربة العسكرية للاسباب التالية:

1- ليست واشنطن مؤهلة  لاتخاذ قرار الحرب بعد أن  خسرت في  العراق وتخسر حاليا في أفغانستان .

2- بدون دعم واشنطن لن تهاجمها اسرائيل،وسيظل الدعم مفقود في أفق علاقات أوباما مع الصهاينة.

3- تعصف بالاتحاد الاوروبي أزمة مالية جعلته يفكر في  سحب جنوده من أفغانستان فكيف يبدأ حرب جديدة لا تشبه النزهة الليبية.

4- لن تستمر مكابرة الغرب في تحمل غياب النفط الايراني لمدة طويلة.

5-ستبقى الصين وروسيا سندا لإيران باستيراد نفطها وبالفيتو في الامم المتحدة .

6- لايملك الغرب إلا الإذعان أمام إصرار إيراني ناجح أوصلهم لتخصيب اليورانيوم  بنقاوة 20%

وحين نتجاوز الاستغراب من مقارنة ما لا يقارن في الحالة السورية والبحرينية، تبقى حقيقة أن الايرانيون قد تعودوا على الاستجابات العربية والخليجية المرتبكة، فحين  تدخل رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في الشأن البحريني في مايو الماضي واصفا دخول قوات درع الجزيرة بالابتلاع، كان تعاملنا مع الموقف  إستنكارا من مجلس التعاون،وإستياءا شديدا من الجامعة العربية. صحيح أن الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية  البحريني قد أشاد بالوقفة التضامنية لدول مجلس التعاون مع البحرين في  شأن 'الوثيقة الإيرانية'،لكن ذلك لن يكفي  لوقف إيران،والمطلوب هو إجراءات أشد سيساعد في تحقيقها أمور عدة  منها  :   

1-أساء الايرانيون قراءة المشهد الاقليمي وإمكانية تعليق العقوبات الاقتصادية بورقة البحرين .

2- قوض التقرب الايراني من سيادة البحرين بهذا الاسلوب الفج آخر قاعدة يتمسك بها من يقول إن مايجري هو حراك إصلاحي  لاشأن لطهران به .

3-يمكن تفسير المحور الثالث كواحد من إستفزازات النفس الاخير .

4-تسعى طهران للامساك برهينة،كما فعل الطاغية صدام حين طلب حل كل القضايا العربية كشرط للانسحاب من الكويت 1990م .

لن تكف طهران عن محاولاتها التي لا تتوقف للتواؤم مع الظروف الجيوسياسية المتغيرة حيال البحرين، إلا بعد ان نحقنها عنوة بما عالجنا به الشاه عشية إستقلال البحرين، لكي تعي ان مملكة البحرين لم تكن  في يوم من الأيام ثغرة في جدار دول مجلس التعاون يسهل النفاذ منها، بل باب عرين الاسود الذي تغامر طهران بإدخال رأسها فيه. ولتدعيم ذلك، ووئدا للاستفزاز الايراني الجديد، على دول المجلس الاستفادة من المزاج الاستراتيجي المعادي لطهران حاليا  للقيام بالاجراءات التالية:-
 1- إستدعاء سفراء بعثات الدول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن والمانيا (5+1) من قبل وزارات الخارجية في دول مجلس التعاون الست كل دولة  خليجية على انفراد، لزيادة زخم الغضب الخليجي حيال هذا الاستفزار،حيث لايكفي قيام الخارجية البحرينية والامانة العامة لمجلس التعاون بذلك .

2- رفض كافة دول مجلس التعاون حضور قمة حركة عدم الانحياز التي ستعقد في طهران احتجاجاً على هذا التدخل. ولنا في  الرئيس اليمني عبدربه منصور قدوة حسنة  حين رفض إستقبال حامل الدعوة الايرانية. بل إن البيئة السياسية العربية، والاسلامية مهيئة  لتبني الغضبة خليجية، فالعزلة السياسية هي عدو إيران الاكبر حاليا .

3- يجب التسليم أن مسألة توسيع المدى الإستراتيجي للخليج هو من أهم الضمانات لأمن دوله،والخطوة المناسبة حاليا هي زيادة وتيرة إرهاق نظام الاسد لتقويض احد أهم جسور المدى الإستراتيجي الايراني .فالحرب الباردة على ضفتيه هي حرب مديات إستراتيجية.

إن القراءة السياسية الرصينة هي سبيل النجاح في العلاقات الدولية. ولاشك إن تدني هذا النوع في طهران- باقحامها للبحرين في طموحها النووي - قد حرمها  قدرة التجول في المكان والزمان الاقليمي بوعي.مما يجعل وضع النقاط البحرينية على حروف الوثيقة الإيرانية القابعة في أدراج  كاثرين اشتون خير وسيلة لردع طهران .

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك