الوحدة الوطنية أصبحت معرضة للتصدع!.. هكذا يعتقد النيباري

زاوية الكتاب

كتب 800 مشاهدات 0


القبس

لا بالمحكمة الدستورية ولا بتصلب المواقف نتجاوز الأزمة

عبد الله النيباري

 

صمود أهل الكويت في مواجهة غزو صدام وتماسكهم ووحدتهم كان صفحة وضاءة مشرقة في تاريخ الكويت، لم يستطع أزلام صدام اختراقها، وفشلوا في تليين موقف مواطن واحد للقبول بالتعاون معهم، مما أدى إلى استشهادهم وكان ذلك الموقف موضع إعجاب المجتمع الدولي، وعاملاً في تضامنه معنا.

اليوم وقد مرت علينا الذكرى الثانية والعشرون للغزو المشؤوم نجد حال الكويت لا يغيظ العدو ولا يسر الصديق، وأبعد ما يكون عن ذلك التماسك والصمود الذي يفتخر به أهل الكويت.

أصبحت الوحدة الوطنية التي يتغنى بها الجميع معرضة للتصدع، والنسيج الوطني معرض للتمزق بسبب الارتداد إلى ما تحت اللحمة الوطنية، والانضواء في إطار الولاءات الفئوية عنصرية كانت أو قبلية أو مذهبية.

الوضع الذي تعيشه الكويت، أمام تعجب العالم المهتم بها، يطغى عليه التخبط والتصلب في التعامل مع الأزمة التي يعانيها البلد ويغلب عليها التراشق بالتهديدات وتقاذف الاتهامات، أما الاستمرار في هذه المواقف، سواء من قبل السلطة أو الكتل البرلمانية، فلن يؤدي إلا إلى اتساع وتعميق الأزمة.

الدوائر الخمس

معضلة قانون الانتخابات الحالي على أساس الدوائر الخمس لن تحل لا بذهاب الحكومة للمحكمة الدستورية ولا بالموقف المتصلب من الكتل البرلمانية.

القانونيون يرجحون أن تقضي المحكمة الدستورية بإبطال قانون الانتخابات الحالي، وهو ما يعطي السلطة مبرر أو حق حل مجلس 2009 وإصدار قانون انتخابات معدل أو جديد بمرسوم من دون عرضه على مجلس الأمة وموافقته عليه، والمؤشرات المتداولة في الاعلام عن نوايا السلطة في تعديل قانون الانتخابات تثير الكثير من المخاوف والاعتراضات، فالتجارب السابقة لا توفر الاطمئنان بأنها ستأتي بصيغة قانون محايد وعادل يحظى برضاء غالبية الناس، الأغلب أنها ستأتي بقانون مفصل حسب رؤيتها، ويخدم مصالحها ونفوذها، ويؤدي إلى مجيء مجلس مطيع أو موال بمعارضة ضعيفة أو بدون معارضة، فعقدة السلطة عبر الخمسين سنة من العمل بالدستور هي تقليص حجم المعارضة عن طريق تغيير مكونات الدوائر في القانون الحالي أو حصر حق الناخب بالتصويت لواحد أو اثنين، وهو أمر إن حصل فسيكون كارثيا، إذ انه يوسع فرص شراء الأصوات أكثر مما كان في نظام الخمس والعشرين دائرة وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية للمطالبة بقانون الخمس دوائر وحركة نبيها خمسة، وهو يعني طرح الانتخابات في بورصة لشراء الذمم والأصوات، من يدفع أكثر ويكسب من يدفع أكثر.

طعن الحكومة

تقدم الحكومة بطعن إلى المحكمة الدستورية يثير تساؤلا حول ما إذا كان ذلك مناسباً أو مشرفاً ان تطعن الحكومة بقانون هي من تقدم به إلى مجلس الأمة في عام 2006، وطبقته في ثلاثة انتخابات 2008، 2009 و2012، فهل من المقبول ان تمتد غفلة الحكومة أو نعاسها عن عدم دستورية القانون طيلة هذه السنوات.

من ناحية أخرى فإن موقف الكتل البرلمانية في مقاطعة مجلس الأمة 2009، سيؤدي إلى أن يحصل مايرفضونه، يمهد الطريق للسلطة ومنحها المبرر لإصدار قانون انتخابات بمرسوم، وهذا ما يثير المخاوف والاعتراضات.

إذاً ما الحل وأين المخرج؟

في تقديري أن الحل واحد من اثنين لا غير، الخيار الأول هو عدم لجوء الحكومة للمحكمة الدستورية بتقديم طعن بالقانون الحالي أو حتى سحبه إن حدث، وإجراء انتخابات وفقاً للقانون الحالي بعد حل مجلس 2009 وقيام المجلس الجديد بتعديل القانون.

هذا الخيار يواجه مشكلتين الأولى، هي ان تقديم طعن من قبل مرشحين أو ناخبين بعدم دستورية قانون الخمس دوائر قد يؤدي إلى حكم بإبطال القانون، والثانية أن المراهنة على أن نتائج الانتخابات ستأتي بمجلس يسوده العقل ويستطيع التوافق على قانون جديد وأن يتم ذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال الانتخابات، رهان غير مضمون النتائج، وتوقع تكرار نتائج انتخابات 2012، أمر محفوف بالصعاب وأي قراءة موضوعية وواقعية للساحة تنبئ بغير ذلك.

الخيار الأسهل

الخيار الثاني وهو الأيسر والأسهل وهو في متناول الكتل النيابية إذا تجاوزت المواقف المتصلبة أو حالة التعنت، وبدلا من ذلك تتوقف لتراجع مواقفها إزاء حضور جلسات المجلس الحالي وتنظر فيما اذا كانت هناك فرص يمكن اقتناصها وتحقيق مصلحة للكويت وشعبها بتجاوز حالة التأزم بدفع عجلة الاصلاح السياسي وهو الأمر المنشود.

والإنجاز الذي يستحق المحاولة هو إقرار تعديل قانون الانتخابات أولا، واقرار قانون كشف الذمة المالية، وإنشاء هيئة مكافحة الفساد، وكلا القانونين مدرج على أجندة المجلس، فالأول مقدم منذ عام 2007 واعيد تقديمه في مجلس 2012، والثاني مقدمة بشأنه اقتراحات من الحكومة ومن النواب.

لقد طرح أخيرا النائب صالح عاشور مقترح الحوار للوصول إلى توافق باعتبار ان ما يجمع أكثر مما يفرق، وكان له صدى ايجابي من بعض أعضاء كتلة الأغلبية المعارضة، ولم يعترض عليه أي من البقية.

ومن المعلوم انه منذ أشهر كانت هنالك لقاءات متواصلة بين ممثلي الجماعات السياسية للاتفاق على برنامج للإصلاح، وقطعت شوطاً بعيداً في الاتفاق على أغلب بنود ذلك البرنامج، وهو ما يقودنا إلى التساؤل مالذي يمنع الآن أن ندخل في مرحلة حوار للتوصل إلى اتفاق بين الكتل البرلمانية والجماعات السياسية لتجاوز المأزق الذي عطل كل شيء في البلد؟

هل يعز على خدمة مصلحة الكويت ان نتنازل ولو قليلاً من تصلبنا ونخفف قليلاً من تعنتنا ونفتح مساحة في عقولنا وقلوبنا ونضحي ولو بقليل من وقتنا وجهدنا للنظر مجرد النظر في أين تقع مصلحة الكويت ومستقبل أبنائها؟

أسئلة مشروعة

في تقديري أن هنالك فرصة لمحاولة تحقيق ذلك من خلال المجلس الحالي، صحيح أن هذا المجلس جرى حله بناء على مطالب شعبية واسعة واستجابة القيادة السياسية لذلك، بعد فضيحة نواب الايداعات البشعة التي استنفرت مشاعر كل الكويتيين واستغربها كل من عرف بها من خارج الكويت، ولكن هل نسمح لـ 13 قبيضا أن يحول بيننا وبين أن نمضي قدما لما فيه مصلحة بلدنا وشعبنا؟ ثم أتساءل: هل المجلس الحالي خال من القبيضة؟ وهل خلت المجالس السابقة والحكومة السابقة والحالية ممن ارتكب الإثم نفسه وربما أكبر وأبشع؟ وهل هنالك ضمانة بألا يأتي قبيضة في المجالس القادمة؟

وهل تقاطع الكويت لكثرة الحرامية فيها والمفسدين وسراق المال العام؟.

في أكتوبر الماضي حضر النواب المعترضون المقاطعون جلسة افتتاح المجلس كما شاركوا في عدد من الاجتماعات وأقروا قوانين بزيادة الرواتب، فإذا كانت القضية مسألة مبدأ فالنجاسة هي نجاسة يتساوى قليلها وكثيرها والمبادئ غير قابلة للتجزئة. فلماذا لا يراجع الأخوة النواب مواقفهم والاتفاق على إنجاز مشاريع القوانين الآنفة الذكر ويحل المجلس بعدها؟ وإذا لم تنجح المحاولة فالحجة تكون أكبر في من اعاق تمريرها، ويكون موقف المقاطعين أقوى تبريراً ان شاؤوا العودة للمقاطعة.

قوانين ملحة

القوانين المهمة والعاجلة هي تعديل قانون الانتخابات وإقرار قانون كشف الذمة المالية، وهيئة مكافحة الفساد والهيئة المستقلة لإدارة والاشراف على الانتخابات، ثم بعد ذلك يحل المجلس وتجرى انتخابات جديدة نظيفة، وإن كان لي أن أتمنى أن تتم الموافقة على قانون الانتخابات النسبي أي دائرة واحدة بقوائم. فإن تحقق ذلك نكون قدمنا أعظم خدمة لشعب الكويت، أليس ذلك خطوات في طريق الاصلاح المنشود؟

الأهم من كل ذلك الإدراك بأننا لن نستطيع تحريك عجلة الإصلاح إلا بالتوافق بين مكونات المجتمع أو بآلية متوافق عليها وهي آلية الدستور.

وعلينا أن ندرك ونعي في ظل ظروفنا الحالية وفي ظل الانقسامات الفئوية التي نعانيها، لا يستطيع مكون واحد أيا كان طابعه أو انتماؤه سياسيا أو اجتماعيا، قبليا أو حضريا أو مذهبيا أو حتى من أسرة الحاكم، أن يفرض خياراته على بقية مكونات مجتمعنا الصغير الغني ماديا و المعذب نفسيا.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك