دراجي يبحث عن ممر آمن وسط حقل من الألغام بقلم كلير جونز
الاقتصاد الآنأغسطس 6, 2012, 7:19 م 606 مشاهدات 0
كان لماريو دراجي المناضل ثلاثة أهداف بالأمس: الأول أن يقنع الأسواق بأن تعهده بالحفاظ على اليورو كان صادقاً، والثاني هو الاستمرار في الضغط على الحكومتين الإسبانية والإيطالية، والثالث احتواء رد فعل عنيف من جانب بوندسبانك (البنك المركزي الألماني).
لقد وسّع رئيس البنك المركزي الأوروبي من مجالات التدخل في أسواق السندات مستشهدا بـ 'سوء الأداء البالغ' والمخاوف 'غير المقبولة' بشأن التفكك المحتمل لليورو، وفي الوقت نفسه تقوم خطته على التزام الحذر بالحفاظ على صدقية البنك المركزي الأوروبي بوصفه بنكا مركزيا مستقلا، حتى وإن ترك المستثمرين في خيبة أمل مريرة في ظل غياب إجراء أحادي الجانب. وكانت أولى غزوات البنك المركزي الأوروبي لأسواق السندات الحكومية، التي بدأت في أيار (مايو) 2010 ثم تراخت منذ آذار (مارس)، قد فشلت في تخفيف تكاليف الإقراض السيادي. وفوق ذلك جعلت مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي عرضة للنقد بسبب إنفاقه 211.5 مليار يورو، وبالتالي تخليصه الحكومات من الصنارة لأنه أزال بعضا من قوة الدفع التي تحمل الساسة على التحرك ومعالجة الوضع.
وقال دراجي بحسم: إن أي مشتريات مستقبلية للدين الحكومي ستتطلب – خلافا لموجات شراء السندات السابقة من جانب البنك المركزي الأوروبي السابقة - قبول الحكومات بـ 'شروط صارمة وفعالة' إذا ما رغبت في الحصول على عون من البنك المركزي.
كذلك قال رئيس البنك المركزي الأوروبي إن البنك سينظر في مسألة التحرك فقط ـ 'الطرائق الملائمة' لأي تدخل لا يزال قيد الإعداد ـ إذا ما وقعت الحكومات أولا على الاتفاقيات التي تتناول أهداف العجز التي وضعتها اللجنة الأوروبية واتفاقيات تطبيق الإصلاحات الهيكلية.
ومن ثم، فإن هذا سينشط شراء السندات بواسطة الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي، وهو صندوق إنقاذ مؤقت، أو بواسطة آلية الاستقرار الأوروبية، خليفة صندوق الاستقرار المالي الدائمة. عندها فقط سيتدخل البنك المركزي الأوروبي في الأسواق الثانوية. ويمكن لهذا التدخل ثنائي المرحلة تهدئة المخاوف بشأن عجز صندوق إنقاذ منطقة اليورو عن توفير موارد كافية للمساعدة، إذا ما تدهورت الظروف أكثر في إسبانيا وإيطاليا، بينما يتم منح البنك المركزي نفوذا على الحكومات لاستكمال الإصلاحات.
وقال كين ووتريت، الاقتصادي في بنك بي إن بي باريبا: 'الشروط هي المفتاح'، مضيفا: 'على الحكومات أن تطلب العون لتبقي العجلات متحركة، وكلما ساء رد الفعل المعاكس في الأسواق، زاد سقوط السياسات في هذا الموضع، وبالطبع المشكلة هي توتر الأسواق والتشكك المستمر في بعض الأوقات'.
وبالنسبة للهدف المتعلق بشراء السندات الحكومية ذات الاستحقاق قصير الأجل فقط، يقول دراجي مجادلاً بقوة إن البنك المركزي الأوروبي سينخرط في سياسة 'كلاسيكية' للتأثير على معدلات الفائدة قصيرة الأجل، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لاسترضاء بوندسبانك.
وأقدم دراجي على خطوة غير معتادة حين حدد جينس فيدمان، رئيس بوندسبانك، بوصفه المنشق الوحيد خلال اجتماع مجلس البنك المركزي الأوروبي الأخير. وعلى الرغم من أن فيدمان أيد الالتزام بالقيام 'بما يقتضيه الأمر' للحفاظ على اليورو، إلا أنه رفض تأييد ما وصفه رئيس البنك المركزي الأوروبي بـ 'إرشاد' لأية عمليات مستقبلية لشراء سندات. وكثيرا ما اعترض بوندسبانك على برنامج أسواق الأوراق المالية، معتبرا شراء السندات الحكومية أمرا يتجاوز حدود البنك المركزي.
وكان رئيس البنك المركزي الأوروبي قد حظي الأسبوع الماضي بتأييد المستشارة الألمانية، أنجيلا ميريكل، ووزير ماليتها، فولفجانج شويبل. وقال لوكريزيا ريشلين، رئيس قطاع الأبحاث الأسبق في البنك المركزي الأوروبي، والذي يعمل حالياً أستاذا في كلية إدارة الأعمال في لندن: 'طالما ظلت النخبة الألمانية منقسمة، يمكن للبنك المركزي الأوروبي التصرف من دون البنك المركزي الألماني'.
ولم يشارك جورج أسموسين، العضو الممثل لألمانيا في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي في الاجتماع الأخير. وبحسب قواعد البنك المركزي الأوروبي، يتعين على أعضاء مجلس محافظي البنك العمل لما فيه مصلحة منطقة اليورو ككل علاوة على دولتهم العضو.
وجاء رد فعل الأسواق سيئاً تجاه قرار مجلس المحافظين بترك الكرة في ساحة الساسة، بدلا من استئناف مشتريات البنك المركزي الأوروبي من السندات فوراً. لكن البنك المركزي الأوروبي عالج أحد مخاوفهم الرئيسية من خلال الطريقة التي يعمل بها البرنامج الحالي لشراء السندات ـ المتعلق بطلب البنك المركزي الأوروبي معاملة تفضيلية على حسابهم في حالة حدوث عجز سيادي عن السداد.
ودفع البنك المركزي الأوروبي، الذي يعتقد أنه اشترى سندات يونانية بقيمة اسمية مليار يورو، باتجاه الحصول على أولوية على مستثمري القطاع الخاص عندما تمت إعادة هيكلة الدين. وأبدى دراجي تراجعه بقوله: 'إن مخاوف مستثمري القطاع الخاص بشأن الأسبقية سيتم علاجها'. ويرى محللون أن تعهد مجلس المحافظين بالإفصاح عن أي الدول هي التي سيقومون بشراء سنداتها، وكذلك تفاصيل حصصهم الحالية من الديون السيادية، قد تكون إيجابية.
تعليقات