طرح 'فيسبوك' يتحول إلى 'مذبحة' للمستثمرين
الاقتصاد الآنأغسطس 2, 2012, 2:34 م 709 مشاهدات 0
منذ انفجار فقاعة الإنترنت في عام 2000، كان للمستثمرين الأفراد الحق في إبداء مزيد من الحذر في التعامل مع أسواق الأوراق المالية، ولكن كان من المفترض أن تغير شركة 'فيسبوك' كل هذه الأمور، وتعيد المستثمرين العاديين إلى أسواق الأوراق المالية مرة أخرى.
وبدلاً من ذلك، كانت 'فيسبوك' بمثابة المذبحة للمستثمرين الأفراد، مما سلط الضوء مرة أخرى على سبب اعتبار عملية شراء الأسهم لعبة خاسرة. أحيطت عملية طرح أسهم شركة 'فيسبوك' في سوق الأوراق المالية بحالة كبيرة من الزخم، لدرجة أسالت لعاب المستثمرين الأفراد وشجعتهم على شراء أسهم في الشركة التي يأملون أن تكون 'أبل الجديدة'. ولكن سعر سهم 'فيسبوك' قد انخفض الآن بما يقارب 43%، من سعر الطرح العام الأولي، بعد أن زاد سعره في بداية التداول عن 40 دولاراً للسهم، وفقاً لصحيفة 'الشرق الأوسط' اللندنية.
خسائر مستمرة
جاء نموذج 'فيسبوك' بمثابة التأكيد للدراسات التي أظهرت أن المستثمرين الأفراد يخسرون بصورة مستمرة عند شراء أو تداول الأسهم الفردية، لذا فمن الأفضل بالنسبة لهم الاستثمار في صناديق المؤشرات السلبية.
قام البروفسور براد باربر، وتيرانس أودين بنشر ورقة بحثية مؤخراً تقوم باستقصاء الأدلة على ذلك. أظهرت الدراسات التي تم إجراؤها على علميات التداول الخاصة بالمستثمرين الأفراد أن كثيرا من المستثمرين يربحون عائدات ضعيفة مقارنة بالتكاليف. يقوم هؤلاء المستثمرون بعمليات تداول كبيرة ويميلون إلى خسارة المزيد من الأموال بالمقارنة باستخدام استراتيجية بسيطة لشراء والاحتفاظ بالصناديق السلبية التي تتوافق مع بعض المؤشرات مثل مؤشر 'ستاندرد آند بورز 500'.
ما مدى فداحة الخسارة؟ أظهرت دراسة أخرى أجراها نفس المؤلف على 65.000 مستثمر أن الـ20%، من المستثمرين ذوي التداولات الأكثر نشاطا تمكنوا من ربح 7 نقاط مئوية في العام أقل من الـ20%، من المستثمرين ذوي التداولات الأقل نشاطا الذين تعاملوا باستراتيجية شراء الأسهم والاحتفاظ بها. أما بالنسبة للمستثمرين الأفراد، فيمكنهم إضافة مئات الآلاف من الدولارات خلال تعاملاتهم التي تستمر طيلة حياتهم.
عقبة كبيرة
لا يعد هذا الأمر مستغرباً، فحتى مديرو صناديق الاستثمار يواجهون كثيراً من الصعوبات في السوق. ففي العام الماضي، طبقا لمؤشرات 'ستاندرد آند بورز'، لم تتمكن 84%، من الصناديق التي يتم إدارتها بصورة نشطة من تحقيق مكاسب كبيرة في مؤشر ستاندرد آند بورز، الذي يمثل قطاع صناديق الاستثمار. وبالعودة لأكثر من خمس سنوات، كان أداء 61%، من صناديق الاستثمار دون المستوى.
وعلى الرغم من ذلك، تعد صناديق الاستثمار عقبة كبيرة أمام المستثمرين الأفراد الذين يحاولون الاستثمار فيها بأنفسهم.
وإذا كان المحترفون يواجهون كل هذه المشاكل، فما بال المستثمرين الأفراد، الذين لا يتمتعون بنفس درجة الدراية والمعرفة والانضباط الخاصة بالمحترفين. كشفت كثير من الدراسات أن المستثمرين الأفراد يتمتعون بسمة عامة تميزهم، ألا وهي ميلهم لبيع الأسهم الرابحة بسرعة كبيرة والاحتفاظ بالأسهم الخاسرة بوصفها وسيلة لعدم الاعتراف بالخطأ.
يتأثر المستثمرون الأفراد بعقليتهم والبيئة المحيطة بهم بصورة كبيرة، حيث إنهم شديدو التأثر بالتقارير الإعلامية، ويقبلون على شراء الأسهم التي يتم الترويج لها. وبالفعل، فهناك بعض الدراسات التي ربطت هذه النزعة ببرنامج 'أموال مجنونة' الذي يقدمه جيم كرامر. اكتشفت إحدى الدراسات الحديثة أنه كلما ارتفعت نسبة مشاهدة البرنامج، زادت ردود أفعال السوق للتوصيات الخاصة بالأسهم.
اكتشف المؤلفون أيضا أن التوصيات الشرائية الخاصة بكرامر كان لها تأثير أكبر من توصياته بالبيع، مما يعكس رغبة الأشخاص في وضع رهاناتهم على الأسهم الرابحة.
فقاعة التكنولوجيا
ولكن، ألم نكن نعلم هذا الأمر بالفعل من فقاعة التكنولوجيا؟ منذ أكثر من عقد من الزمن، كان هناك تدافع كبير على شراء أسهم الشركات التي تحقق قليلا من الأرباح أو التي لا تحقق أية أرباح على الإطلاق، وانتهي الأمر بصورة مأساوية، عندما خسر المستثمرون الأفراد معظم أموالهم.
وفي المجمل، مازلت أعاني من بعض المرارة من هذا الأمر. ففي عام 1999 قمت بشراء أسهم في «أسك جيفيس» بنحو 120 دولارا للسهم، ثم قمت ببيعها في نهاية المطاف بأقل من دولار واحد، قبل أن ترتفع قيمة السهم بـ28 ضعفاً، ويتم بيع الأسهم لشركة «آي إيه سي إنتر أكتيف كورب» (IAC/InterActiveCorp). ولسوء الحظ، فأنا أعتبر مثالا حيا على الأخطاء الخاصة بالتوقيت التي قد يرتكبها المستثمرون الأفراد إذا ما قرروا دخول هذه المنطقة، بينما كان «فيسبوك» تكرارا حزينا لهذا الأمر.
تتسبب هذه العلة المستأصلة في وضعنا على الجانب الخاطئ عندما نقوم باختيار الأسهم والاتجار فيها. نحن لا نقوم بالتنويع في الأسهم التي نتاجر فيها بصورة كافية، ولا نقوم بما يكفي من الأبحاث ونميل للبيع مدفوعين بعواطفنا وليس بالمنطق.
وإذا لم يمثل ذلك عقبة حقيقية حتى أمام المستثمرين الأفراد الأكثر تعليماً، تشير كارثة «فيسبوك» إلى أن السوق تتغير بسرعة كبيرة وبصورة تجعل من الصعب على المستثمرين الأفراد جني الأرباح.
حالة فيسبوك
وفي حالة فيسبوك، جاءت أرباح الاستثمار بصورة كبيرة من المستثمرين الأفراد قبل موعد الطرح العام الأولي، من خلال التداولات التي جرت في السوق الخاصة التي لا يستطيع معظم المستثمرين الأفراد الولوج إليها. فعلي سبيل المثال، قاد مصرف غولد مان ساكس جولة استثمارية، تقدر قيمتها بـ50 مليار دولار منذ عام مضى، حيث قام ببيع ثلث الأسهم في الطرح بضعف السعر تقريباً. وفي الوقت الذي دخلت فيه شركة فيسبوك إلى السوق، كان هناك القليل المتبقي للمستثمرين الأفراد.
يبدو أن الخسائر التي مني بها سهم فيسبوك تشير إلى أن وول ستريت لا تكترث كثيرا بالمستثمرين الأفراد، حيث تتحول المزيد من الشركات إلى شركات عامة بهياكل تحرم حملة الأسهم من الحق في التصويت، أو ربما تسعى هذه الشركات إلى شراء أسهمها والتحول مرة أخرى إلى شركة خاصة قبل أن تتحسن أوضاعها.
قامت المصارف الاستثمارية بنشر بعض المعلومات حول الجهات الصينية التي تقوم بإصدار الأسهم أمام الرأي العام، الذي لا يبدو مهتماً بالمشاكل التي تواجه الشركات.
وبدلاً من ذلك، أصحبت السوق ملاذاً لصناديق «التحوط»، حيث يؤدي ارتفاع وتيرة التداول إلى إبراز الأرباح قصيرة الأجل. وعلى المدى الطويل، أرجعت شركة 'هوريزون أدفيزور' (Horizon Advisors) الضعف الشديد في أداء مديري صناديق الاستثمار في العام الماضي إلى التقلبات التي شهدتها الأسواق والارتباط المتزايد للأسهم. وبينما تتحرك الأسهم معاً، أو ترتبط معاً، تصبح مسألة اختيار الرابحين الذين يقدمون عوائد أعلى من متوسط السوق أمراً أكثر صعوبة.
وخلف كل هذه الحواجز، يواجه المستثمرون الأفراد سوق الأسهم التي ظلت في حالة ركود على مدار العقد الماضي.
إذن.. ما الذي يمكننا عمله؟
تتمثل أحد الأشياء الجديرة بالبحث في ما إن كان ينبغي علينا تثقيف المستثمرين الأفراد حول المشاكل التي تترتب على قيامهم بالاستثمار بأنفسهم. أظهرت الدراسات أن المستثمرين يكونون أفضل حالا، بصورة عامة، في مؤشرات الصناديق المدارة بصورة سلبية. ولكن حتى في هذه الصناديق، يميل المستثمرون إلى جلب الخسارة لأنفسهم. اكتشفت دراسة واحدة على الأقل أن المستثمرين الذين يشاركون في صناديق المؤشرات المتداولة السلبية يأخذون أرباح الأداء ويستخدمونها ذريعة للقيام بالمزيد من التداول، ثم تحدث المشكلة عندما يحاول المستثمر القيام بعمليات التداول بمفرده.
وفي ضوء ذلك، فإن القيام بالمزيد من عمليات الإفصاح والتثقيف سيكون أمراً جيداً. من الممكن أن تبدأ كل فقرة من برنامج كرامر بتنويه المشاهدين بأن كثيرا من المستثمرين يخسرون أموالهم عندما يقومون بعمليات التداول بمفردهم. يمكن أن يصل هذا التحذير إلى كافة المستثمرين عندما يقومون بالتوقيع على عقود وساطة. وحيث إن الجميع لن يستمع إلى هذا الإفصاح، فمن الممكن أن تقوم الحكومة باتخاذ المزيد من الخطوات للحد من قدرة الأشخاص على التداول في حسابات التقاعد الخاصة بهم، في الوقت الذي يحتفظ فيه معظم الأمركيين بأموالهم المستثمرة.
ولكن النقطة الأساسية تكمن في الحاجة إلى المزيد من الجهود لتثقيف ومساعدة المستثمرين الأفراد في هذا الصدد. ينبغي أن يعرف الجميع أن الاستثمار والتداول في الأسهم الفردية قد يكونان أمرا مشوقا، ولكنه ربما يكون أيضا محفوفا بالمخاطر في نفس الوقت على ثرواتهم. ربما تبدأ هذه التحذيرات في الظهور مع اعترافات أحد المستثمرين الذين شاركوا في الطرح العام الأولي لأسهم شركة 'فيسبوك'.
تعليقات