الجرعة النفطية الزائدة!

الاقتصاد الآن

1135 مشاهدات 0


مانقصده هو اصرارنا على مواصلة زيادة انتاجنا من النفط الخام  مما سيؤدي الى زيادة مضطردة في التدفقات النقدية في حين ان إقتصادنا الوطني معدوم، والقطاع الخاص يترنح ويفقد خير شبابه الى القطاع العام دون حراك وترك ليموت بطيئا، وماحاجتنا الى الفوائض المالية و الدولة ليست بحاجة اليها، فلا توجد لدينا مشاريع تنموية لتحريك هذا الفائض النقدي الكبير، وكل شيئ اقتصادي متوقف عندنا بعكس جميع الدول النفطية المجاورة  لنا وغيرها، والكل في العالم  'ميت' على الكاش ونحن في الكويت نعطي الكاش' للغير ' لتمويل مشاريعهم وقد نحصل على عائد مالي وقد لا نحصل، وهذا هو أمر حالنا المالي و بكل إختصار. 
نحن ومنذ أكثر من عام والكويت تنتج تقريبا 3 مليون برميل من النفط الخام يوميا بمعدل سعر متوسط قريب من 95 دولار للبرميل الواحد، وهذا يعادل دخلا سنويا بقيمة 29 مليار دينار كويتي وبعد استقطاع 300 الف برميل من النفط للاستهلاك المحلي نكون قد حققنا 7 مليار دينار كويتي صافي الإيرادات نقدا وعدا، وبعد خصم اجمالي مصاريف الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الحالية، وهذا هو حالنا المالي والإقتصادي  منذ أكثر من 10 سنوات فوائض مالية مستمرة من دون تنفيذ اي مشروع استراتيجي واعد وهادف لخلق وظائف وفرص عمل للخريجيين  وفرص عمل منافسة وخبرات و تقنيات جديدة، أي تحريك عجلة الإقتصاد ودورانه. ولا نود ان نكرر عن مايحدث حوالينا ونرى جيراننا اين وصلوا و كيف استطاع العراق ان يصل انتاجه الى أكثر من 3 مليون برميل هذا وبالرغم من مشاكلة الأمنية والسياسية، وكيف استطاع ايضا ان يزيد من انتاجه من الغاز الحر ومشاركة مختلف الشركات العالم في هذه المشاريع الإستراتيجية، واذا إتجهنا صوب المملكة العربية السعودية وهي تنشئ حاليا 3 مصافي لتكرير النفط في نفس الوقت و تنشئ كذلك أكبرمجمع بتروكيماويات في العالم  بمبلغ 22 مليار دولار بمشاركة مع شركة ' داو ' الأمريكية،  ونفس الشيئ في الإمارات وقطر وبقية الدول النفطية الأخرى ومنها كذلك ليبيا حيث استطاعت ان تحقق معدلات انتاجها السابقة من النفط ، أما نحن فأموالنا  تهدر يوميا، لا إقتصاد أو إقتصاد ميت وقطاعنا الخاص متجه للإفلاس والبنوك تعاني من كساد ونقص في المشاريع الإستثمارية الكبرى ولا توجد أي بارقة أمل على تحسن الوضع الإقتصادي على المدى القصير، ومع ذلك فإننا مصرون على مواصلة زيادة إنتاجنا من النفط . 
الزيادة اليومية المستمرة في انتاج النفط الخام لم تعد تفيدنا بشيئ على الإطلاق ولم يعد يفيد  القطاع النفطي كذلك  حيث ان استراتيجية مؤسسة البترول وان كانت مبنية على الإستمرار  في زيادة الإنتاج فإنها مرتبطة بزيادة الطاقة التكريرة داخل الكويت ابتداء ببناء المصفاة الرابعة و تحديث مصفاتي الأحمدي وميناء عبدالله، وكذلك معتمدة على عدم استيراد الغاز والمشتقات النفطية لوزارة الكهرباء والماء، وإستراتيجية مؤسسة البترول أيضا مرتبطة بالدخول في مشاركات نفطية خارجية لايجاد منافذ آمنة للنفط الخام الكويتي وزيادة العائد المالي للنفط.
كل هذا لم يتحقق ولن يتحقق خلال ال 5 سنوات القادمة، لماذا نصر على زيادة إنتاج النفط الخام من دون تحقيق عوائد مالية وقيمة مضافة لمدخولنا الوحيد، ولسنا  نحن أصلا بحاجة الى زيادة في ايرادتنا، فاستراتيجية  القطاع النفطي  متكاملة ومرتبطة بزيادة الطاقات التكريرية من المصافي في داخل وخارج الكويت، وهذا لن يتحقق الا بعد عام  2018 على اقل تقدير. 
ان بإمكاننا تحقيق فائض مالي وتغطية الميزانية العامة للسنة المالية الحالية بإنتاح 300 ر2 مليون برميل آخذين بعين الإعتبار احتياجنا المحلي  من النفط  وعند 90 دولار للبرميل الواحد. ولذا ما الداعي لزيادة الإنتاج اليومي من النفط فوق مستوى 300 ر2 مليون ولماذا الإستمرار بإنتاج النفط الكويتي وأسعار النفط مرشحة للإرتفاع  فوق معدل 100 دولار حال ما تتحسن الأوضاع الإقتصادية العالمية ومن غير المتوقع ان تنزل اسعار النفط عن معدل 90 دولار للبرميل، لماذا لا نحافظ عليه وقيمته في تزايد مستمر ونبقيه في باطن الأرض . وماذا إستفادت الكويت من هذه الفوائض المالية المستمرة،  وماذا استفادت صناعتنا النفطية من هذه المعدلات في زيادة انتاج النفط الخام ومصافينا الثلاث لا تستطيع ان تتعامل على المتطلبات والمواصفات الحديثة المطلوبة في الاسواق المتقدمة. ولا تستطيع مصافينا ايضا تكرير النفوط الكويتية الثقيلة. و لماذا  الاصرار و الاستمرار في انتاج 3 ملايين برميل دون مراعاة لبقية متطلبات استراتيجية القطاع النفطي .
الجرعات المالية والتدفقات النقدية الزائدة ستدمرنا وتقتل إقتصادنا . وها نحن نشهد كارثة إقتصادية وأزمة مالية غير قادريين ان نخرج منها بالرغم من الوجود الكم الهائل من التدفقات النقدية مكدسة في البنوك يستفيدون منها الآخرين .
و زيادة اخرى من الجرعات النفطية لن تحسن من حالنا الإقتصادي على الإطلاق بل قد تهلكنا جميعا.

كامل عبدالله الحرمي  
كاتب ومحلل نفطي مستقل       

الآن: كامل عبدالله الحرمي-كاتب ومحلل نفطي مستقل

تعليقات

اكتب تعليقك