ماذا بعد سقوط بشار؟
زاوية الكتابكتب يوليو 21, 2012, 1:13 م 4584 مشاهدات 0
أجمع المراقبون على أن انتقال القتال في سوريا إلى العاصمة بهجوم 'بركان دمشق'، هو بداية النهاية للتخلص من النظام نهائياً، لكن مقتل قادة نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومسؤوليه الأمنيين، هي الضربة الموجعة وقشة قصم ظهر البعير التي يتفق المراقبون على أنه لا يمكن للنظام أن يستمر بعدها طويلًا. فمقتل وزير الدفاع، ووزير الداخلية والمسؤول عن إدارة الأزمة ومقتل آصف شوكت- الرجل الدموي وصهر الرئيس وأحد أهم أعمدة النظام، تعني أن المسألة مسألة وقت قد لا يطول كثيراً، لا أحد يملك إجابة كم ستطول، ولكن الحتمي أن سقوط النظام بات وشيكاً.
والسؤال الذي يشغل بال السوريين بالدرجة الأولى، وجميع من يتابع ويهتم بهذا البلد المنكوب بالبطش والديكتاتورية هو: ماذا بعد سقوط النظام؟
هناك توقعات بأن يقوم النظام، وهو يعاني سكرات موت السقوط بارتكاب مجازر جديدة قد تستهدف المناطق السُنية تحديداً، في محاولة يائسة لخلط الأوراق وتدمير المعبد على من فيه، اعتقادا منه أن ذلك هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة في بلد أصبحت تسوده الفوضى والاقتتال الطائفي، وهو ينشد بذلك حشد صفوف الطائفة العلوية، التي قد يرتكب شبيحة النظام في حقها مجازر متزامنة مع مجازر السُنة، والأمر نفسه قد يطال المسيحيين والدروز وغيرهم، وهو سيناريو شيطاني لا يستبعد على نظام لم يستثن سلاحاً لقمع شعبه إلا أسلحة الدمار الشامل-حتى كتابة هذه المقالة. والأخطر من جرائم النظام، هو انسياق الطوائف جميعاً لهذا المخطط الجهنمي الذي قد يطيل من بقاء رئيس النظام لفترة بتحصنه في مناطق الساحل بعدما يحرق الأخضر واليابس.
والحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها هو أنه إلى جانب جرائم ومذابح الشبيحة وأجهزة النظام، تورطت بعض العناصر الثائرة غير المنضبطة في خروقات وقتال طائفي في مناطق متفرقة، وهي عناصر تدعي الانتماء للثورة أو ترفع علم الجيش السوري الحر، وقد لا تكون منضوية تحت لوائه.
لقد نجح النظام إلى حد كبير، في إثارة الهلع بين المسيحيين السوريين، ونزح كثيرون منهم نزوحاً داخلياً هربا من الاقتتال ومن شائعات التصفية التي يبثها النظام وأجهزته ضدهم، بل ومن بعض انتهاكات ارتكبت ضدهم في حماة وحمص من قبل عناصر تدعي انتمائها للثورة.
ويخشى كثير من العلويين أن يكونوا هدفاً لقوى ما بعد النظام، وبينما تتزايد أعداد من يخرج ضد النظام بينهم، يتصايح العقلاء على ضرورة اللجوء للحل 'العلوي' بالتخلص من النظام قبل خراب البصرة. وهو ما يتطلب تحركاً سريعاً من قبل عقلاء ووجهاء الطائفة العلوية للتبرؤ من نظام الأسد والنأي بالطائفة من جرائمه.
كما يخشى الحريصون على سوريا بعد بشار من تلاشي الجيش بتلاشي قياداته الدمويين، ويحدو المحبون الأمل أن تبادر فرق ووحدات عسكرية ممن لم يتلوثوا بدماء شعبهم بالانشقاق المبكر لضبط الأوضاع وحفظ الأمن خوفاً من الانفلات المطلق للأمور، وهو أمر يتمناه بقايا نظام بشار.
ومما لا شك فيه، أن مرحلة الانفلات الأمني يرافقها دوماً تغلغل استخباراتي لدول معادية لسوريا الحرية، ولن تقبل لسوريا الاستقرار وستعمل على إشعال الاحتراب الداخلي فيها.
تفيد المعلومات أن التركيز على مناطق الشمال والشمال الغربي ومحافظات حمص وحماة وإدلب، هو تحضير لفرز طائفي مناطقي، حيث يخطط رأس النظام للتحصن في الساحل والجبال الغربية، كمحاولة يائسة أخيرة للاستمرار كلورد حرب في بلد يتمنى أن تعمه الفوضى والحرب الأهلية.
دمر بشار ونظامه سوريا، والأمل ألا تقع سوريا القادمة في براثن مخطط الحرب الأهلية، فمصائبها لن تقل بشاعة عن مجازر نظام الأسد ومذابحه.
د. سعد بن طفلة
تعليقات