عن التوريث بين مرسي ومبارك يكتب الطراح
زاوية الكتابكتب يوليو 18, 2012, 11:47 ص 699 مشاهدات 0
بين مرسي ومبارك
الفوضى العامة التي نعيشها في الكويت، بل وفي معظم الأقطار العربية، وخصوصاً في بلاد 'الربيع العربي'، هي فوضى مصدرها احتكار السلطة والاستفراد بها وتفشي الفساد. فالمواطن العربي كان يعيش في قفص ولم تتح له فرصة التفاعل، لينال بشكل مفاجئ حرية لم يعشها سابقاً، ومن ثم نجد سلوكه يقترب من الفوضى، لأن المجتمعات البشرية لا يمكنها التخلص من فساد السلطة أياً كانت هذه السلطة، فنحن نسعى إلى تقليص الفساد، وإلى دفع المجتمع نحو الشفافية لأن مثل هذه الظواهر هي جزء من تكوين المجتمع، بدلالة أن المجتمعات المتقدمة والتي تنعم بالديمقراطية، مازالت تعيش الفساد بدرجات متفاوتة، وإن كانت لديها آليات لكشفه وقوانين لمعاقبة مرتكبيه، حتى وإن كانوا من ذوي النفوذ.
علينا أن نتذكر دائماً تاريخ مجتمعاتنا وما عاشته من استبداد تحول إلى إرث ثقافي نتوارثه. وكثير منا اليوم يرصدون السلطة ويشهرون بفسادها، وفي الوقت نفسه يمارسون الدكتاتورية الفردية، ويطالبون بديمقراطية السلطة! إن العقل هنا والسلوك مازالا مليئين بموروث نمارسه في حياتنا اليومية دون أن نعي ممارستنا المتناقضة مع الديمقراطية التي نطالب بها. لدينا إشكاليات ثقافية كثيرة لم تعالج من قبل المفكرين العرب ومراكز الأبحاث العربية، ما يعني أن أزمتنا ثقافية بالدرجة الأولى.
الصديق الباحث مأمون فندي، يقول لي إنها تحولات مازالت غامضة، ويبدو لي ودون أن ينطق بها، أنه يعيش حالة يأس يعبر عنها بقوله إن التوريث يعود لنا مع مرسي لأنه أرسل ابنه لاستقبال الغنوشي وتوشيحه قلادة الزعماء؛ فهو إذن لا يختلف عن جمال مبارك الذي كان يمارس دوره في ظل حكم والده. شخصياً لا أعرف مدى دقة الرواية حول ابن مرسي، لكني أعرف تماماً قصة جمال ومبارك، ولا أعتقد أن مرسي من السذاجة بحيث يرتكب مثل هذه الهفوات، لكننا نعيش الموروث الثقافي الذي تربى فيه مرسي ومبارك وحتى شباب الثورة، نعيش صراعات نفسية متواصلة، ومن ثم نجد أنفسنا ننفّس بطريقة فوضوية، ونبتعد عن دورنا في كيفية فهم التقاطعات بين ثقافتنا المستبدة وبين أدوات التواصل المعلوماتية التي استخدمناها في إزاحة الاستبداد. ثقافة الإنترنت هي نتاج للديمقراطية بقيمها الثقافية، ونحن بطبيعتنا نمارس الانتقائية دائماً، وكثيراً ما نرفض النقد الذاتي نتيجة لتضخم الذات، لكوننا تربّينا على أننا أفضل أمة، وأن ماضينا تشع منه الحضارة، ونحن نعيش في الماضي، وننفصل عن الواقع ولا نحاول فهم كيف كنّا ولماذا أصبحنا على ما نحن عليه من تخلف عام.
أتفق مع فندي على أن الديمقراطية أنتجتها الثورة الصناعية، ونحن نقلنا بعض ملامحها بطريقة انتقائية للتوافق مع موروثنا الثقافي القائم على رابطة الدم، وهذا بحد ذاته يتنافى مع قيم الديمقراطية التي عززت قيم المواطنة والكفاءة الفردية، بينما نحن نحكم بروابط الدم التي ندخل بها الصندوق الانتخابي.
ما يجعلني أختلف مع زميلي فندي أن لدينا مجتمعات مماثلة استطاعت إحداث توافق بين رابطة الدم وقيم الديمقراطية، والمثال الآسيوي من الأمثلة الساطعة. الخلاف هنا يتجسد بالزعامة التي تقود مجتمعاتها، بينما نحن نعيش دون رؤية، سواء في ذلك نخبنا الثقافية وزعاماتنا السياسية. وفي كل الأحوال الحدث كبير والتحولات مازالت في مخاضها فلا نستعجل الأحكام.
تعليقات