عن انتصار حزب الله في تموز 2006.. يكتب د. ياسر الصالح

زاوية الكتاب

كتب 2016 مشاهدات 0


الكويتية

انتصار حزب الله  في تموز 2006

د. ياسر الصالح

 

«هل انتصر أم لم ينتصر؟».. كان هذا هو السؤال التشكيكي الذي أثاره الإعلام الصهيوأميركي وإعلام «الاعتلال» العربي منذ أن حقق حزب الله انتصاره على الكيان الصهيوني الذي كان مدعوما من الغرب كله ومن قوى «الاعتلال» العربي.
منذ ذلك الوقت والحقائق تتوالى بالظهور عن حقيقة هذا النصر، بدءا من استقالة رموز الحرب في الطرف الصهيوني متمثلين بوزير الحرب عمير بيريتس ورئيس الأركان حالوتس ورئيس الوزراء أولمرت، وتظهرت الحقائق أكثر بظهور تقرير ڤينوغراد الذي بين في الجزء العلني منه فقط وصفاً واضحاً لحالة الانكسار التي أصابت الصهاينة وظهرت في الجدل وتبادل اللوم بين السياسيين والعسكريين وفي التغييرات الجذرية التي حصلت في الهيكلية القيادية العسكرية الصهيونية التي أعقبت ظهور التقرير. والآن وقبل أيام قليلة ظهرت شواهد إضافية على هذا الانتصار الذي لايزال غصة في حلوق الصهاينة، ففي المؤتمر الذي عقده معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني في ذكرى حرب تموز، تحدث أولمرت مطولا، وأقر ضمن حديثه بأن «ساحة الميدان المستقبلية للحرب ستكون داخل مدننا وليس على خط بعيد عن أماكن سكننا وهذا ما ينبغي أن نفهمه»، وفي مكان آخر من كلمته أقر بعجز «جيشه البري ودباباته التي كانت مفخرة الصهاينة على كل المنطقة» لم يعد من المجدي احتلال أي بقعة جغرافية، وأن القدرات يجب ألا تقوم على احتلال الأرض.. وأن أي محاولة تقدم بري ما بعد ثلاثة كيلو مترات عن الحدود تعتبر حماقة، وهذا ما أكده أيضاً، وفي المؤتمر نفسه رئيس الأركان المستقيل دان حالوتس، حيث قال في كلمته محذراً «الذين يبنون حساباتهم على القتال البري الواسع المدى نحذرهم بأن الصواريخ ستصل بسرعة أكبر من الدبابة».
الانكفاء الصهيوني واعترافه بتحول نوعية المعركة لتكون ساحتها في داخل الكيان بعد أن كان الصهاينة يفتخرون بأن ساحة معاركهم جميعا كانت في أراضي الدول العربية، هذا التحول يمثل ضربة قاصمة لأحد المرتكزات الأساسية في وجود واستمرار هذا الكيان وهو الشعور بالأمن لجموع الصهاينة المستوطنين، وهم الذين تجتمعوا من أصقاع العالم بناء على الوعد بمعيشة آمنة في «أرض الميعاد» فإذا برموز كيانهم يخبرونهم الآن بأنها لم تعد أرض أمن وأمان، وأن مدنهم ستكون هي ساحة المعارك القادمة، وأن قيادة الكيان لم تعد تستطيع أن تردع الأعداء عن الوصول إليهم.. فماذا يا ترى ستفعل هذه المجاميع اليهودية الصهيونية التي لم يعرف عنها في تاريخها الجلد على تحمل المواجهات، فقد كان سقوط صاروخ بسيط في مكان بعيد عن المنازل يسبب عددا كبيرا من إصابات الهلع في هذه المجاميع، فما بالهم وقد وصل تهديد الحرب إلى مدنهم وشوارعهم ومنازلهم؟
حرب تموز، بأوجه انتصاراتها المتعددة التي أنتجتها، بالإضافة لما سبق، أشعرت المواطن العربي والمسلم وأعطته الثقة بأنه قادر على الدفاع عن بلده وكرامته، بل وبمقدوره إلحاق الهزيمة بعدوه، ظهر هذا الشعور بعد فترة طويلة من الإحساس بالمهانة نتيجة «كي الوعي» الذي تعرض له بأنه عاجز تماما أمام عدوه الصهيوني، هذه الثقة بالنفس التي تولدت عند شعوبنا العربية والإسلامية كانت من أهم العوامل المحفزة للثورات التي قامت ضد أكثر النظم العربية التصاقاً بالكيان الصهيوني والتصاقا بالأجندة الصهيوأميركية في معسكر «الاعتلال»، كان ذلك واضحاً من الشعارات 
التي رفعها الثوار في كل من تونس ومصر. إفرازات وارتدادات نصر حزب الله الذي تحقق في تموز حاولت قوى الأجندة الصهيوأميركية وإعلامها «العبري - العربي» العمل على طمسها ولكنها فشلت، فلم تستطع أن تزايد على قادة العدو الصهيوني ولجانه واعترافاهم بالهزيمة.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك