خبراء يحذرون السعوديين من مؤسسات تمويل غير مرخصة

الاقتصاد الآن

347 مشاهدات 0


حذر خبراء اقتصاديون وقانونيون من خطر مؤسسات التمويل غير المرخصة التي بدأت تنتشر في السعودية بشكل غير نظامي، مطالبين الجهات المختصة في وزارة المالية ومؤسسة النقد ووزارة التجارة بسرعة سن قوانين تنظم عمل تلك الشركات وعدم تركها لاستغلال حاجة المواطنين للتمويل في ظل صعوبة شروط البنوك.

وشددوا في حديثهم لـ'العربية.نت' على أن ترك المجال مفتوحا لتلك الشركات سيتسبب في أزمة دين كبيرة لعدم قدرة الكثيرين من الذين يلجؤون لخدماتهم على تحمل الفوائد الضخمة التي تفرض عليهم، والتي تصل لأكثر من 60% في العام الواحد أكثر من 180% لثلاث سنوات.

مخالفة الأنظمة

وتتزايد قصص السعوديين الذين دفعتهم الظروف إلى واحدة من تلك الشركات غير النظامية، ومنهم حمد الناصر، والذي سدت الأبواب في وجهه ولم يجد مكانا يلجأ إلية لاقتراض مبلغ 30 ألف ريال لإكمال مصاريف زواجه بعد أن رفضت البنوك التعامل معه لوجود اسمه في قائمة المتعثرين في مؤسسة (سمة)، مما اضطره إلى اللجوء إلى إحدى شركات التقسيط التي تمارس دور الممول.

ومع أنه صدم بفوائدهم الضخمة التي تجاوزت الـ 180% لثلاث سنوات.. وبعد حسبة بسيطة وجد أنه سيسدد الـ30 ألفا التي سيحصل عليها من الشركة بأكثر من 78 ألفا.

ومع أن الشركة الممولة ضمنت الحصول على الأقساط الشهرية من خلال توقيع العميل على ورقة تخول الشركة الحصول على القسط من حسابه البنكي شهريا بتعهد من البنك، إلا أنها تفرض أيضا توفير كفيل مستعد لتحمل تبعات الدين في حال تهرب العميل، إضافة إلى توقيع العميل على شيك بكامل المبلغ لصالح المؤسسة.. وهو أمر مخالف لكل الأنظمة النقدية والتجارية المعمول بها في السعودية.. والهدف منه أن تتحول القضية لشيك بدون رصيد وليس لمطالبة مالية كي تضمن الشركة حل القضية في أسرع وقت ممكن.. وخلال إتمام العملية تنتهك هذه الشركات الكثير من القوانين والأنظمة دون أن يجرؤ أحد على محاسبتها.

ولن يجد الناصر وغيره من ينصفهم من هذا الاستغلال الصريح.. فمؤسسة النقد التي يجب أن تكون هي الجهة التي تراقب عمليات التمويل المالية المعتادة تتبرأ من المسئولية وتلقيها على وزارة التجارة التي بدورها لا تبدي حماسة لمراقبتها.. وهو ما يكشفه مدير العلاقات العامة في مؤسسة النقد سلمان السعيد الذي يؤكد أن مؤسسة النقد لا تتدخل في عمل هذه المؤسسات ولا علاقة لها بهم.

ويقول لـ'العربيةنت': 'لا علاقة لنا في المؤسسة بمؤسسات التمويل الخاصة، لأنها تخضع لوزارة التجارة، يخضع لرقابة مؤسسة النقد البنوك وشركات التأمين فقط.. أما من يقوم بنشاط التمويل خارج نطاق البنوك فهو لا يخضع لرقابتنا'.

ويؤكد السعيد أن هناك لجنة شكلت من أجل مراقبة الممولين غير المرخصين والذي يعلنون عن أنفسهم عند أجهزة الصرف الآلية دون ترخيص، مضيفاً أن هناك لجنة مشكلة من وزارات الداخلية والتجارة والمالية ومشاركة مؤسسة النقد، لمتابعة من يضع إعلانات على أجهزة الصرف الآلية، ويدعون أنهم يقدمون قروضا للتمويل ودارسة هذا الوضع.

ويحذر المحلل المالي ناصر القرعاوي من خطورة التعامل مع مثل هذه الشركات، حيث إنها تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني كونها تثقل كاهل المواطنين بفوائد عالية دون رقابة حقيقية.

تأثير سلبي

ويقول القرعاوي لـ'العربية.نت: 'مثل هذه الأمور تؤثر بشكل سلبي على سوق المال.. فسوق المال في السعودية مفتوحة وهي تمر بكثير من المشاريع الكبيرة.. ومثل هذا النوع من مصادر التمويل ليست مرخصة جميعها.. ولا تقدم المنتجات التي تؤديها البنوك.. وهي تستغل ثغرات في المجتمع وحاجة الشرائح المختلفة من الشباب ومن المحتاجين لهذا التمويل ليقعوا تحت دائرة دفع فوائد ضخمة جدا.. وهي تصطادهم وفق شروط جائرة'.

ويتابع: 'يجب على مؤسسة النقد ووزارة المالية بحكم أنها المرجعية الأولى لها أن تصدر تشريعات بما يتعلق بالإقراض وبشكل عاجل، لأن الإقراض الآن متاح وفق مظلة الحاجة وليس تحت مظلة التمويل'.

ويشدد القرعاوي على أهمية أن تراقب مؤسسة النقد عمليات هذه الشركات بنفس صرامة مراقبتها للبنوك، وقائل 'إذا كانت هناك رقابة على البنوك فيجب أن تخضع مؤسسة النقد ووزارة التجارة هذه الشركات للرقابة.. فهي تدخل في سوق المال وتنافس البنوك.. وهنا يأتي دور وزارة التجارة ووزارة المالية لأنه تدخل في الأمور المالية أيضا.. فالإقراض هو سيولة نقدية.. وحتى لو نفت مؤسسة النقد علاقتها بالأمر كما حدث مع مؤسسات الصيرفة في وقت ماضي، فيجب أن تتحمل لاحقا هذه المسؤولية لأن هذه الشركات تضر بالاقتصاد الوطني وبكثير من الأسر وتؤدي إلى ردة فعل سلبية على البرامج الطبيعية التي تكون تحت إدارة الدولة وتحت مظلة مؤسسة النقد'.

ويعتقد القرعاوي أن جهات متعددة عليها أن تقوم بتوعية المواطنين بضرر التعامل مع مثل هذه الشركات، كما يجب أن تكون هناك حملة توعوية من الجهات المعنية حول هذه الكيانات والتعريف بمساوئها، ثم يأتي دور الرقابة وإصدار أمر من وزارة الإعلام بعدم نشر إعلانات هذه الشركات، لأنها في الغالب غير مرخص لها، إضافة لأن العائد عليها يتجاوز أي عائد قد تقدمه الجهات المرخصة، وهي تتجاوز في فوائدها السنوية الـ 50% ثم تتضاعف هذه النسبة في السنوات اللاحقة، ولا يلجأ إليها إلا من يعانون من شح مصادر التمويل سواء من البنوك أو غيرها.

ويضيف: 'لدى الدولة صناديق وقنوات من الممكن الاستفادة منها، ولكن السوق المالية في السعودية تحتاج لحماية من الدولة وتشريعات أكثر دقة وأكثر حرصا وحماية على أموال ومدخرات المجتمع.. نحن لا نريد أن يتحول كثير من مخرجات الطفرة الاقتصادية سواء من الأسهم أو غيرها ويتحولون لامتصاص هذه الشريحة من المجتمع لأن السوق غير محمية كما يجب'.

ويشدد على أن هذه الشركات ستزج بالكثيرين في السجون لعدم قدرتهم على السداد في نهاية المطاف لارتفاع الفائدة غير المنطقي.. ويضيف: 'نواجه خطر الزج بالآلاف في السجون لعدم قدرتهم على السداد، خاصة وأن هذه الشركات تلجأ لأساليب غير نظامية كالحصول على شيك على بياض أو بدون تاريخ لتتحول القضية لشيك دون رصيد بدلا من قرض لم يسدد'.

ومن جهته يؤكد المحلل الاقتصادي الرئيس التنفيذي لشركة أموال للاستشارات المالية الدكتور فهد القاسم على أهمية إخضاع شركات التمويل الخاصة للرقابة للحد من خطرها على الاقتصاد.

ويقول لـ'العربية.نت': 'الشركات غير المراقبة هي أكثر من نوع، منها شركات مرخصة كشركات تقسيط ولكنها غير مراقبة ماليا.. وهناك نوع آخر لشركات ومؤسسات لديها سجلات تجارية، ولكنها غير مرخصة للقيام بعمليات تمويل.. وهناك أفراد كثيرون يعملون في هذا النشاط بدون ترخيص ولا حتى سجل تجاري.. وكل هذه الفئات يجب أن تخضع لمراقبة الجهات الرسمية'.

ويضيف أن التعامل مع هذه الشركات غير المرخصة خطر، قد يقع المواطن ضحية نصابين ومحتالين كما حدث مع شركات توظيف الأموال، وقد يقعون في معاملات غير نظامية'.

ويتابع: 'عدم وجود رقابة على الشركات غير المرخصة ولكنها موجودة وتمارس أعمالها خطأ تنظيمي كبير في السوق.. وأعتقد أن مراقبتها ستكون قريبة أسوة بما كان مع شركات التأمين التي كانت لفترة غير قصيرة تعمل بنفس الترتيب ودون رقابة حتى تم إخضاعها تحت نظام مؤسسة النقد'.

وينتقد د.القاسم تهرب مؤسسة النقد المعنية بالأمور المالية من مسؤولية مراقبة تلك الشركات، كونها شركات تعمل في التجارة.. فمن حقها أن تبيع بالتقسيط وبالأجل أيضا ولكن في الواقع هي شركات تمويلية والفرق الوحيد بينها وبين البنوك أنها لا تقبل حسابات جارية ولا ودائع وهي تمول نقدا وتمول منازل وسيارات وبضائع وهي تتقاضى نسب فوائد عالية لأنه غالبا لا يأتيها إلا إنسان لا يستطيع الحصول على تمويل من البنوك..'.

ويرى أن الوضع متشابك للغاية، حيث إن وزارة التجارة لا تملك آلية ناجحة للرقابة، كما أنه ليس هناك جهة معينة يمكن أن يقال إنها هي الجهة المسؤولة عن تنظيمها، فالجهة المرخصة لها هي وزارة التجارة والصناعة ولكنها لا تراقب هذه الشركات، لأنها ليست لديها آلية مراقبة، وتكتفي بمراقبة السجلات التجارية، وهل لديها شهادة زكاة فقط.. أما الرقابة الحقيقة فيجب أن تظهر من المواطن ذاته.. ولكن كون هذا المواطن في الغالب غير مؤهل للحصول على قرض من بنك فهو مضطر للجوء لهذه الجهات.

ويضيف: 'يجب أن تشارك وزارة التجارة والصناعة مع مؤسسة النقد ومع شركة (سمة) للتصنيف الائتماني لوضع قواعد واضحة لتنظيم هذه السوق، ووقف كثير من الممارسات الخاطئة التي تحدث حاليا'.

الان - محمود مقلد

تعليقات

اكتب تعليقك