' ما أشبه الليلة بالبارحة '

زاوية الكتاب

كتب 1408 مشاهدات 0


 

فالناظر لواقع المشهد السياسي في الكويت تلك الأيام لا يملك أن يقول إلا أن التاريخ حقا يعيد نفسه ..  تتشابه الأحداث إلى حد التطابق وتتبدل الأشخاص وكل يختر الموقع الذي يريد في معادلة الصراع بين سلطة الحكم وسلطة الشعب ويبقى التاريخ شاهدا على من تقوده حسبة المصالح ومن يسقط من حساباته أي شيء عدا مصلحة الوطن. لا ينكر أحدا واقع الصراع العنيف الذي تخوضه السلطة مع الشعب للحيلولة دون حصوله على  حقه الدستوري المنصوص عليه في وثيقة 1962 بأنه مصدر السلطات ، وتجلى ذلك واضحا في كل ممارسات السلطة حيث الانقلاب على الدستور وتعطيل الحياة البرلمانية في العام 1976 ثم الإعلان عن تشكيل لجنة تنقيح الدستور بهدف تقليص السلطات التشريعية والرقابية لمجلس الأمة مقابل تعزيز الضمانات الدستورية للحكومة وتوسيع نطاق صلاحياتها، وغير ذلك من الجرائم التي ارتكبت في حق الديموقراطية الكويتية والتي لازالت بعض الأطراف في السلطة تسعى إلى إحيائها بأسلوب أو بآخر من أجل وقف مد المكتسبات الشعبية الذي تفرضه مقتضيات الواقع ومبادئ الدستور .

ومن واقع التسريبات ' السلطوية '  الراهنة بشأن تعديل نظام الدوائر أو تقليص أصوات الناخبين بهدف الحيلولة دون وصول أغلبية مجلس 2012 إلى البرلمان ، وما يصاحب ذلك من تباين في مواقف القوى والكتل السياسية والنيابية بشأن الموقف من المشاركة في الانتخابات في حال تم التلاعب في النظام الانتخابي ، يكتب التاريخ صفحة في صراع السلطة – الشعب الممتد على طول الحياة النيابية في الكويت ، لكنها صفحة تتقارب في حد كبير مع الأحداث التي سبقت انتخابات مجلس 1971.

لقد عاشت بعض القوى إبان انتخابات 1971 حالة من الانقسام كالتي نعيشها حاليا بشأن خوض الانتخابات أو مقاطعتها ، حيث رأى آنذاك تنظيم التجمع الوطني برئاسة جاسم القطامي وأيده التجار مقاطعة الانتخابات بسبب التزوير الذي جرى في انتخابات 1967 والعبث بجداول الانتخابات وقضايا التجنيس. في المقابل قررت حركة التقدميين الديموقراطيين بزعامة احمد الخطيب المشاركة في الانتخابات، وخاضت الانتخابات بقائمة رباعية

واليوم ومع انفتاح  ' شهوة السلطة  ' مجددا للعبث في النظام الانتخابي وصمتها الرهيب عما يتردد من معلومات عن عزم قوى نافذة لتمرير تعديل النظام الانتخابي بمرسوم ضرورة قبل إجراء الانتخابات المبلة ، وقفت التيارات في كتلة الأغلبية منقسمة على نفسها فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات من مقاطعتها، فكتلتي ' العمل الشعبي ' و ' التنمية والإصلاح ' تدفعان بقوة نحو المقاطعة بينما التجمع ' السلفي ' و ' العدالة ' و ' مستقلون ' يفضلون على ما بدا من مواقفهم إيجاد صيغة للمشاركة في الانتخابات .

وطال الانقسام كذلك برنامج الإصلاح السياسي وهو ما دفع  عدد من نشطاء ' الحراك الشبابي ' إلى الضغط على الكتلة لتبني المواقف الملائمة مع متطلبات المرحلة واتخاذ قرارات تتناسب مع حجم المؤامرة على المسار الديموقراطي الحاصل،

والحقيقة أن التعامل مع الأحداث الراهنة بمعزل عن الامتداد التاريخي لها سيدفع نحو خيارات خاطئة كما أن الانغلاق على الحسابات الانتخابية لن يحقق أي إصلاح أبدا.

لذا فعلى القوى السياسية المختلفة أن تقرأ التاريخ وتتعلم من تجاربه وتنحاز إلى خيار الشعب وإلا سيأتي الوقت الذي يستذكر التاريخ مواقفها المسيئة جنبا إلى جنب مع مؤامرات سلطة الحكم على سلطة الشعب.

فيصل خليفه غازي الصواغ

الآن - رأي: فيصل الصواغ

تعليقات

اكتب تعليقك