مخاوف الشركات تعطل دوران عجلة النمو بقلم جيليان تيت

الاقتصاد الآن

1070 مشاهدات 0


في الظروف العادية، لا ينبغي للسلوك الغريب من جانب أمناء صناديق الشركات الأمريكية أن يثير قلق السياسيين في واشنطن. ففي النهاية، أمناء صناديق الشركات مثلهم مثل مديري سلسلة الإمداد في العالم المالي: لطفاء، متواضعون، يفضلون البقاء بعيدا عن الأضواء، ويتعاملون مع المهمة الحاسمة، لكن المملة، المتمثلة في التعامل مع مالية الشركة.

لكن في هذه الأيام لم يعد العالم 'طبيعيا'، بل العكس. فبعد خمس سنوات طوال من اندلاع الأزمة المالية الأولى، لا تزال أسواق رأس المال مختلة، والاقتصادات الغربية راكدة في أفضل الأحوال. لذلك إذا أراد واضعو السياسات في واشنطن أن يفهموا لماذا تتصرف أسواق السندات في الولايات المتحدة بطريقة غريبة جدا، أو لماذا يشعر العالم بهذه الكآبة قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2012؛ عليهم إلقاء نظرة فاحصة على أمناء الصناديق أولئك.

هذا الأسبوع، مثلا، أصدرت جمعية المهنيين الماليين، وهي الهيئة التي تمثل أمناء صناديق الولايات المتحدة، دراسة عن الحالة المزاجية لربيع هذا العام. وهي تقدم قراءة واقعية للمستثمرين والسياسيين في آن معا.

القضية المطروحة تدور حول ما تفعله الشركات بأموالها. قبل عام 2007 أبقت معظم الشركات أموالها الاحتياطية في مستويات متواضعة – وضعها أمناء صناديق الشركات في أدوات أسواق المال وفي المصارف للحصول على عائد معقول. لكن في هذه الأيام الشركات ممتلئة بأموال غير مستخدمة. ويقول 41 في المائة من أمناء الصناديق إن ذلك قد زاد خلال العام الماضي، ويتوقع معظمهم مزيدا من الزيادة.

ويعود ذلك جزئيا إلى أن عديدا من الشركات الأمريكية مربحة. لكن أيضا لأنهم قابضين على هذه الأموال، بدلا من إنفاقها على الاستثمارات المنتجة أو إعطائها للمساهمين. فهم في خوف شديد من المستقبل. وبالتالي، أصبحت الأموال غطاء أمنيا للشركات، شيئا يتمسك به المديرون التنفيذيون في الأوقات الصعبة.

وكل ذلك معروف جيدا، لكن الأمر الذي لا يحظى بالتقدير على نطاق واسع هو أن الشركات لا ترفض استثمار أموالها في مشاريع ملموسة فحسب، ولكنها تشعر بالخوف من أسواق رأس المال أيضا. وتقول جمعية المهنيين الماليين إن أمناء صناديق الشركات وضعوا 23 في المائة فقط من أموالهم في المصارف في عام 2006. لكن في العام الماضي، تضاعفت نسبة الأموال الموجودة في المصارف – وترتفع هذا العام إلى أكثر من 50 في المائة.

حدث هذا التحول جزئيا، لأن أمناء الصناديق يتجنبون منتجات سوق رأس المال، بما أنهم يعتقدون أن العائدات منخفضة جدا لتبرير المجازفة. في الواقع، حتى عندما يستثمر أمناء صناديق الشركات في أسواق رأس المال، فهم يتصرفون بطريقة طائشة – غير ملتزمة. وبدلا من شراء أدوات طويلة الأجل يتجهون إلى مزيد من الديون قصيرة الأجل. علاوة على ذلك، يتوقع معظم أمناء الصناديق تقليل تلك المدة. ومع ذلك، يوفر منحنى العائد الكاسد القليل من الحوافز لشراء ديون أطول مدى.

لكن العامل الآخر الذي يدفع الاتجاه نحو المصرف هو التصور أن الودائع المصرفية آمنة نسبيا. هذا لو كانت مؤمّنة من قبل الشركة الفيدرالية لتأمين الودائع. وهكذا، فإن المقصد المفضل لأمناء الصناديق الآن، هو الحساب بدون فائدة، الذي يحمل طابع الشركة الفيدرالية لتأمين الودائع. وبعيدا عن أن يولّد هذا عوائد سلبية، فهو على الأقل يعد بإعادة الأموال. ويعتبر هذا مهما في عالم فيه 98 في المائة من أمناء الصناديق يقولون الآن أيضا لجمعية المهنيين الماليين إن أولويتهم الأساسية هي حماية أموالهم، وليس كسب العائد.

والآن، إذا كنت تريد أن تكون متفائلا، فمن الممكن أن تأمل أن يكون هذا مجرد ظاهرة قصيرة الأجل. وبما أن المصارف المركزية ما زالت تخفف السياسة النقدية، فإن عائد الديون الآمنة منخفض جدا. ويشير التاريخ إلى أن الطمع ينتصر في النهاية على الخوف.

وحتى الآن، من الممكن أيضا تصور سيناريو أكثر تشاؤما، فما تقدمه جمعية المهنيين الماليين من تقارير قد ينذر بتحول سلوكي أكبر بكثير. وعلى الأخص، فإن الأثر التراكمي للصدمات خلال السنوات الخمس الماضية، ربما أخاف المديرين التنفيذيين لدرجة أنهم أصبحوا متمسكين جدا بغطاء أموالهم الأمني. وإذا كان الأمر كذلك، فإنه قد يستغرق سنوات قبل أن يبدأوا في الشعور بالثقة الكافية كي يأخذوا رهانات استثمار طويلة المدى مرة أخرى. ومعدل السرعة الذي يتحرك به المال حول النظام - ويستخدم المال بطريقة بناءة - قد يكون تباطؤا الآن بشكل دائم، لأن المصارف نفسها كارهة للمجازفة وحذرة من الإقراض.

ربما يكون هذا ليس بالشيء السيئ، رغم أنه في فقاعة الائتمان ارتفع معدل سرعة المال بطرق خطيرة. لكن العالم الذي يكون فيه معدل سرعة المال بطيئا، يكون هو أيضا المكان الذي يصعب فيه إنتاج النمو. لا عجب إذن، أن عوائد سندات الخزانة منخفضة للغاية، أو أن كثيرا من مديري الاستثمار يشعرون بالتحدي. قد يكون 'تجمد' الشركات هذا بارعا، لكنه مؤلم حقا.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك