فضيحة «باركليز» تقتضي إعادة المصارف تعريف الغرض من وجودها .. بقلم جيليان تيت
الاقتصاد الآنيوليو 4, 2012, 12:16 م 726 مشاهدات 0
إذا أراد كبار المسؤولين التنفيذيين في بنك باركليز العثور على بصيص أمل هذا الأسبوع، فعليهم أن يلقوا نظرة على أي بى إم. فمنذ 16 عاماً كان المستهلك يكره مجموعة الكمبيوتر لما عاناه من 'العلامات التجارية السلبية' (ما يعني أن أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها تُباع في صناديق لا تحمل أي علامة تجارية أفضل بكثير من أن تحمل اسم شركة أي بي إم).
لكن الشركة أعادت هيكلة نفسها، لتركز على صلب 'مهمتها' في تصنيع أجهزة الكمبيوتر، وتعتبر 'أي بي إم' الآن ثاني أكبر علامة تجارية في التصنيف، حسبما أبلغت شيللي لازاريوس، رئيس مجلس إدارة مجموعة أوجلفي آند ماذر الإعلانية، اجتماعا لمعهد آسبن في الولايات المتحدة هذا الأسبوع.
فهل يمكن أن يقوم أنموذج مماثل لـ'أي بي إم' في بنك باركليز الآن؟ أو في القطاع المصرفي ككل؟ يبدو أن تصور حدوث هذا سيكون أمرا الصعب سواء على السيدة لازاروس أو أي شخص آخر. قد يتعرض بوب دايموند، الرئيس التنفيذي (المستقيل) لبنك باركليز، لانتقادات حادة من البرلمان البريطاني حول التلاعب في أسعار الفائدة بين المصارف في لندن. ومن المتوقع أن يكون هذا قاسياً.
لم تخيب المصارف مثل باركليز آمال مستهلكيها في السنوات الأخيرة فحسب، بل واجهت الاتهام بالإضرار والخداع أيضاً، مثلها في ذلك مثل 'العلامات التجارية السلبية' المختلفة المنتشرة على نطاقٍ واسع. وكما قالت السيدة لازاروس 'لقد انهارت الثقة بالمصارف. وسيكون من الصعب تغيير هذا، وستحتاج إلى أكثر من الكلمات'.
توضح قصة آي بي إم أن التغيير قد يحدث في بعض الأحيان. ويشير التاريخ أيضاً إلى أن 'إعادة التسمية التجارية' تتم عادة على مرحلتين: الأولى تتطلب من الشركات تقديم الاعتذار أو التكفير عن الخطأ، أما المرحلة الثانية فتحتاج إلى إثبات وجود هدف جديد تسعى لترجمته في الغد. وإذا كان باركليز 'أو أي مصرف آخر' يريد استعادة سمعته، ستكون الخطوة الأولى الضرورية أن يعرب عن 'أسفه' ويعرض تكفيراً عن الذنب (وهو ما يعرف أيضاً باسم الاستقالات والحسومات). وقد لا يُعد هذا كافياً، فما تحتاج إليه المصارف هو إعادة تعريف للغرض من وجودها، ويتطلب هذا أيضاً إحساسا جديداً بمهمتها وطريقة عملها. ولا يجب أن يقتصر ذلك على المستوى التنفيذي، بل يجب أن ينتقل إلى المصرفيين وغير المصرفيين على حد سواء.
لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ يجب أن تكون هناك طريقة واحدة للتفكير في ثلاث كلمات تبدأ بالحرف 's' غالبا ما يتم تجاهلها. أولها 'الالتزام'، وهو تطبيق فكرة طرحها أخيراً جون فيت، المصرفي المرموق في بنك رويال في كندا. فكما أشار، فإنه خلال السنوات الأخيرة ناضلت المصارف للتوفيق بين هدفين وهويتين متعارضين. فهي تتصرف في بعض الأحيان وكأنها مرافق خدمية محضة، وأن دورها هو ضخ الأموال وفقاً للنظام. وقد حاولت في الآونة الأخير أن تسعى خلف الأرباح بطرق إبداعية، وأن تكرس أكبر قدر من العائدات. واليوم لا يبدو أي من الهدف أو المهمة مرضياً.
ومع ذلك، الالتزام وفق ما قاله تافت، يعرض رؤية بديلة واضحة. وبشكل أكثر تحديداً، إذا بدأ المصرفيون بالعمل كما يفعل المتعاملون مع النقود، فنجدهم يحافظون عليها ويستخدمونها بطريقة حكيمة وخلاَّقة. وهذا يجعل مهمتهم لا مؤلمة موجعة ولا مفعمة بالحيوية المفرطة. وبدلاً من أن يكونوا مجرد مضاربين أو فنيين متزمتين، ستبدو المصارف وقتها أكثر وقاراً، أو على الأقل يمكنها أن تتخذ إجراءات أكثر عقلانية – تواضعاً – فيما يتعلق بهياكل المدفوعات.
ثانياً، وكجزء جوهري من هذا، يجب على المصارف أن تراعي حرف 's' آخر وهو بداية كلمة 'أنظر' ويشار به إلى الشفافية في الأعمال المصرفية. فمن المخاطر الشائعة ما يتمثل في الفضائح التي أحاطت بالمصارف والتي أظهرتها بأنها تلعب دوماً في زوايا مالية غير واضحة يكتنفها الكثير من الغموض، بل عليها أن تفكر فيما يفرضه عليها وضعها من التزامات تجاه العالم. ولا يمكن إصلاح هذا من خلال وعود غامضة حول 'الشفافية'، كما لا يمكن حله بين عشيةٍ وضحاها.
المصارف في حاجة ماسة إلى وضع نشاط مالي أكثر في البورصات، لكي تُصبح أكثر شفافية بشأن الرسوم، وتكشف عن الأرباح التى تجنيها من الصفقات وكيف تدفع إلى مصرفييها. ويجب عليها أيضاً دعم المبادرات الرامية إلى استخدام التكنولوجيا المبتكرة الحديثة لمواكبة التدفقات المالية في العالم الواقعي. وفي النهاية، وكما أشار دانيال جوريف، من مؤسسة سلون، في عالم أصبحت فيه تكنولوجيا الحوسبة فائقة القوة بحيث يمكنها الآن تتبع الأسماك في البحر، لا ينبغي أن يكون من الصعب مراقبة التدفقات المالية، فالشفافية أمر بالغ الأهمية من أجل الثقة.
وأخيراً، يجب أن تحارب المصارف حرف 's' الثالث وهو بداية كلمة 'صومعة'. فكلما حدثت أخطاء في التمويل في السنوات القليلة الماضية فلأن المصرفيين بدأوا صنعتهم في أماكن معزولة لا تتعرض سوى للنذر اليسير من التدقيق الخارجي. وهذا أوجد قصوراً في رصد المخاطر أو التجاوزات، وجعل من الصعب الاحتفاظ بالحس السليم. هكذا يُصبح المصرفيون في معزل عن الرؤية، ولهذا قد يفشلوا في رؤية تأثير أفعالهم – أو ما يبدون عليه. وفي النهاية، كما لاحظ الروائي أبتون سنكلير ذات مرة 'من الصعب جداً أن تجعل رجلا يفهم عندما تكون وظيفته معتمدة على عدم فهمه'. وليست رواية الليبور سوى حالة واحدة من ظاهرة أكبر. وبالطبع، سيكون تنفيذ هذه الكلمات التي تبدأ بحرف 's' صعباً، لأن تدمير الصوامع، والشفافية، والالتزام كلها أمور تشكل تحديات للعالم المصرفي الحالي. لكن المخاطر كبيرة. فإذا كرهت شركة مثل أي بي إم، فلن يعاني أحد سوى مستثمري 'أي بي إم' وموظفيها، لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى المصارف. ففقدان الثقة بها يُهدد الاقتصاد ككل.
تعليقات