مشكلة المعارضة السورية أنها أصبحت مسلحة بالكامل.. ياسر الصالح مؤكداً

زاوية الكتاب

كتب 950 مشاهدات 0


الكويتية

عندما تتعسكر الثورة!

د. ياسر الصالح

 

من الذي انتصر ومن انهزم في مؤتمر مجموعة العمل الدولية، الذي عقد في جنيف لمناقشة الشأن السوري؟
لم يجف حبر الاتفاق الذي تم بين الأطراف بعد، حتى ظهر تفسيران متناقضان لهذا الاتفاق، أحدهما الذي يتبناه الطرف الروسي وكوفي أنان، وهو أن مصير الرئيس الأسد سيحدده الشعب، حيث يلمحون إلى أنه سيكون عبر انتخابات حرة، في حين أن الجانب الغربي يقول إن الاتفاق يقضي بأن يتنحى الرئيس الأسد عن موقعه.
ردود فعل المعارضة السورية، أو بعضها، لم يكن متفائلا بهذا الاتفاق، حيث اعتبر برهان غليون أنه «مهزلة»، واعتبره أحد الرموز الآخرين بأنه «كارثة»، هذه المعارضة كانت قد فقدت قبل أيام مدينة دوما التي كانت تعد واحدة من أقوى معاقلها، وقبل يومين كانت هذه المعارضة على موعد مع فقدان سيطرتها على مدينة حمص أيضا، حيث بدأ وجهاء ومشايخ المساجد في المدينة مفاوضات مع النظام لإرجاع سيطرته عليها، هذا الإخفاق في مسيرة المعارضة يعزوه البعض - ومنهم جريدة النهار اللبنانية - إلى أن المعارضة السورية مشتتة.
ففي الوقت الذي يتم فيه اجتماع موسع في القاهرة يحضره مئتان وخمسون معارضاً سوريا، تقول «النهار» إنه سيكون هناك مئتان وخمسون رأيا أيضا!
يبدو أن المشكلة الرئيسة للمعارضة في سوريا تكمن في أنها - بعكس المعارضة البحرينية - تحولت من معارضة سلمية شعبية على شكل تظاهرات واعتصامات إلى معارضة مسلحة بالكامل، مدعومة من الخارج ومرتبطة به، هذا الخارج الذي يمثل، وفق التعريف السوري، الشعبي والرسمي، خارجاً مناوئاً «للمصالح القومية»، وهذا يشمل كذلك الداعمين العرب من معسكر الاعتدال ذوي التحالفات المميزة مع الغرب، وذوي العلاقات مع الكيان الصهيوني.
يبدو أن هذا الارتباط والدعم الخارجي من هذه الأطراف بالتحديد هو ما أفشل رهانات المعارضة الثلاثة، التي كانت تعتمد عليها في نجاحها للحصول على السلطة وطرد النظام.
الرهان الأول كان يعتمد على انقلاب الجيش ضد النظام، كما حصل في ليبيا واليمن، وهذا لم يحصل في سوريا، كما توقعت المعارضة، وليس هنالك مؤشرات على أنه سيحصل.
أما الرهان الثاني فكان على وقوف الجيش محايدا إن لم ينقلب ضد النظام، وهو ما لم يحصل أيضاً.
أما الرهان الثالث فكان على انشقاق أجزاء مهمة من النظام، سياسية وغيرها، وهو أمر لم يتم منه شيء، حتى أنه لم ينشق أي دبلوماسي في الخارج، رغم ما يحكى عن الكم الكبير من الترغيب، الذي عرض عليهم في الغرب وعند دول الاعتدال.
يبدو أن مؤتمر جنيف خرج بهذا الاتفاق «حمّال الأوجه والتفسيرات» بطريقة مقصودة، لأن الأطراف الخارجية تعلم أنه عندما تكون الصراعات مسلحة، فإن العامل الحقيقي الحاسم هو القوة الفعلية على الأرض وليس البيانات والمؤتمرات، والوضع في سوريا أصبح صراعا عسكريا أمميا بامتياز.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك