العلاقات الخليجية - المصرية.. في ظل الإخوان
عربي و دولييوليو 3, 2012, 11:39 م 2651 مشاهدات 0
قبل إستقراء كيف ستكون القاهرة الملتحية في العيون الخليجية المحجبة،لابد من الاعتراف بأمرين :صعوبة تجاوز حقيقة فشل الخليج في حماية خصوصيتة من المد والجزر المصري منذ ان أرسل ابراهيم باشا قائده محمد كاشف لساحل الخليج 1819م مرورا بالناصرية، ثم عزلة السادات،ونجدة مبارك لنا ضد صدام،حتى نجاح الرئيس محمد مرسي في الوصول الى الحكم في مصر والرهبة من الاخوان. أما الامر الاخر فهو المفارقات في ردة الفعل الخليجية تجاه حكومة ملتحية من قبل دول محافظة نصف شعوبها محجب معنويا والنصف الاخر محجب فعليا. بالاضافة الى أن الجزيرة العربية هي مصدر الإشعاع الإسلامي ولازالت حكوماتها أكثر من غيرها تشبثا بالاسلام تشريعا وإدارة،فكيف يتردد المنبع في قبول عودة ماتدفق منه!
بنجاح جماعة الاخوان ظهر موقف دول الخليج مرتب في أرفف من التوجس. لكن دراسة آلية صنع القرار الخليجي تظهر انه إن غادر مربع الحيرة فلن يخرج في تعامله مع حكومة الاخوان عن واحد من ثلاثة سيناريوهات محتملة :
في السيناريو المحتمل الأول من المتوقع استمرار الوضع الراهن كما هو بما يحمله من سمات غياب الخطط الخليجية للتعامل مع المدرك الجديد،وستظهرأصوات هنا وهناك تريد اعلان الحذر لكنها تطلق كلمات مبهمة، حيث لن تصنف حقبة الاخوان على أنّها خطأ تاريخي،فماضيهم مرحلة انتهت ولا يشكل منافسا للحاضر،وسيستمر وصول الإخوان إلى أكثر من منصب وزاري في حكومات خليجية عدة،مع استمرارتغلغل الأصابع الإخوانية في مجالات التعليم والمصارف والإعلام. طالما كان خطابهم متصالح مع عصره وطالماهم ملتزمون في تحالفاتهم الجديدة الناجحة مع الكتل القبلية الصاعدة حديثا والمنتشرة على رقعة خليجية واسعة .
وفي السيناريو المحتمل الثاني، سوف يتم احتواء الاخوان المسلمين بالحسنى. حيث تظهرهم خريطة الخليج كأقدم احداثيات لتنظيم ديني محاط بسرية تجعل ملفاتهم عصية التمحيص. وقدكان تواجدهم الاول في السعودية بنفوذ كبير نكاية بعبد الناصر، لكنهم انكروا جميل الرياض وساندوا ثورة اليمن او كما قال المرحوم نايف بن عبد العزيز ' استضفناهم وفي الاخر تأمروا علينا'. ثم تشكلت ملامح التنظيم الإقليمية1971م فصار هناك إخوان الكويت والإمارات والبحرين وعمان. ففي الكويت كانت هي الاقوى والاغنى والاكثر تنظيما لكنها خسرت قواعدها بدعم الجماعة الام للطاغية صدام 1990م.وفي البحرين نجحوا لضعف المنافسين.ولأنها لم تصطدم بالدولة،وفي الامارات سيطروا على مؤسسات التعليم ،ثم توترت علاقتهم مع الدولة جراء البيعة لمرشد الجماعة. وفي عمان انضم للإخوان السنة والأباضية على السواء. و يتحدث مناوئيهم، عن سيطرة الجماعة على التعليم في الخليج. وهم كما يرونهم قناصي فرص يطورون خطابهم للكسب الجماهيري. لذا سيعيد صانع القرار الخليجي فهم ورسم المشهد الإخواني الخليجي بحذر كمؤسسات دينية ذات طابع شمولي، والترحيب بتحولات خطابهم الديمقراطي والمعتدل، لأنهم قادمون هذه المرة بمباركة أميركية قوتها الدافعة هي البراغماتية. والاخذ بعين الاعتبار أن إخوان مصر تربطهم علاقات طيبة بإخوان الخليج فقد قام مرسي بتهنئة 'حدس' في الكويت بعد انتخابات 2012م،ولاحتوائهم على حكومات الخليج تجاوز مماحكات القرضاوي والفريق خلفان.و مساعدة المعتدلين لإزلة الخطاب الثوري من المشهد الاخواني الخليجي. وتبني طرح الشيخ جاسم بن ثاني بأن لا نخشاهم بل نتعاون معهم، طالما يعملون في إطار القانون .وسيسهل عملية الاحتواء ان هناك فرق بين إخوان الخليج وغيرهم من بقية الجماعة لتركيبة المجتمعات الخليجية المسالمة،ولأن لاخوان ليسوا هم الاقوى على الساحة الخليجية بل الاكثر تنظيما .
السيناريو المحتمل الثالث يتمثل في قيام علاقة تصادمية حيث تتحول حالة 'الاخوان فوبيا'الى إجراءات خليجية حادة ومبررة بعد فرض حكومة الاخوان ترجمتها لمعنى التواصل بجعل أخوان الخليج أداة ضغط لها كما فعل ناصر بارسال آلاف المدرسين والاطباء الناصريين. مما بعني العودة للحظة الستينية في تاريخنا حين كان مجرد الاستماع لاذاعة صوت العرب في بعض دول الخليج تعاطف في غير محله وستكون من جوانب الصدام:
1- لن تتردد حكومات الخليج في التعامل مع الصرح الاخواني على انه جدار تشكل البرغماتية السياسية لبناته الظاهرة فقط ،لكن أساسه المطمور منذ ثمانين عاما مزجت مكوناته بالعنف مما يجعل منتسبيها يأتمرون بشرعية جماعة منهجها من عصرٍ آخر،وتتوارث العنف جيل بعد جيل.
2-ستفعل حكومات الخليج أدواتها لإحداث إنشقاقات في تنظيمات الاخوان الخليجية،يرافقه فك أرتباطهم بالمركز وتصويرهم كشخصيات هامشية تظهرعلى نحو شبحي لجباية للاموال،في إغتيال معنوي لصورتهم في الشارع الخليجي .
3- يعتبر السلف في الخليجي من أهل البيت لذا سيقربهم صانع القرار ليزيد من حدة الحرب الباردة بينهم وبين الإخوان ،بل وجعل كلا الفريقين يعتبر الآخر تهديدا وإلغاء لوجوده.
4- فوز الاخوان يعني حقن الربيع العربي بكمية جديدة من الوقود، لكن غياب الطبقة القريبة من الرصيف في المجتمع الخليجي،ولنجاح الرفاهية في تغطية الثغرات الديمقراطية الكثيرة، لذا لن يكون للاخوان منفذا لنقد القيادة الخليجية إلا ترددها عن نصرة القضايا العربية والاسلامية سياسيا واقتصاديا خارج الافق الخليجي.
5- رغم جيرة ايران المزعجة إلا ان واشنطن كثيرا ما حرضت الخليجيين عليها بدوافع إسرائيلية بحته،وقد نجحت عواصمنا في تجاوز ذلك مرات،وانقادت لها مرات عدة،وبنفس المحرك الاسرائيلي لن تتردد واشنطن عن التحريض على حكومة مرسي ،وسيكون هناك من لا يستطيع رفض مسايرتها.
6- حصل مرسي على أكبر عدد من أصوات للمصريين في الخليج ،وستقرأ دوله ذلك كنقطة للتعامل مع القاهرة،وسيؤدي صراع الإرادات بين الطرفين لفرض رؤية القاهرة. أو أتباع الخليج للسيناريو الاماراتي حين قصت أجنحة حزب الله الداعم لايران بترحيل اللبنانيين المتعاطفين معه .
7- لن تراع القاهرة المصلحة الخليجية بدون ثمن ولعل أقوى المؤشرات كان تلويح حكومة شرف باستمرار الانفتاح على ايران والرد على الخليجيين بأن' لا سفارة لنا هناك وانتم لكم،وطهران ليست عدوا.' ليكرر مرسي نفس التلويح مرشحا ثم ينفيه رئيسا. فهل تتخذ العواصم الخليجية تلك الضبابية ذريعة لمفجرات الصراع مع حكومة الاخوان .
في السنة الاولى من حكم الاخوان لمصر ستسهل النوايا الحسنة سير العلاقة بين القاهرة الملتحية والخليج المحافظ. ونرى ان استمرار الوضع الراهن كما في السيناريو الاول هو الاقرب للتحقق،إلا إن حدث تطرف يحاول فيه الاخوان المسلمين تجاوز دور القاهرة كقائد للعرب لتصبح مرشدهم ايضا. دون ان تعي الجماعة ان العقائد والايديولوجيات لا تحتضر في وطنها بل في الأماكن التي غامرت بالتوسع فيها .فهل يصاب فكر الاخوان بمقتل عن طريق خاصرته الخليجية ؟
تعليقات