الزامل يرى أن فشل الاتحاد السوفيتي لا يبرر معارضة الاتحاد الخليجي

زاوية الكتاب

كتب 810 مشاهدات 0


الأنباء

كلام مباشر  /  فشل الاتحاد السوفيتي ليس حجة على فكرة 'الاتحاد'

فيصل الزامل

 

قرأت لمن يتحدث عن فشل تجربة الاتحاد السوفييتي للاستدلال بها على عدم نجاح فكرة الاتحاد بين أقاليم وولايات ضمن كيان سياسي بأي صيغة كانت، وهو استدلال ركيك لأنه يقفز فوق الأسباب الحقيقية في بنية التجربة السوفييتية، فهناك تجارب أخرى مثل اتحاد الولايات الأميركية في دولة تعمل بنظام اقتصادي وإداري مرن حقق لها تعظيم قيمة الموارد المادية والبشرية، هذا على المستوى العالمي، ثم على المستوى الخليجي لم تكن «الإمارات» العربية الست الصغيرة لتصعد بالقوة التي رأيناها لو بقيت متناثرة، مشتتة في أسباب القوة بين دبي التجارية وأبوظبي النفطية والشارقة..الخ، أكثر من ذلك، لجأت الدول في كل إقليم (آسيا ـ أميركا اللاتينية ـ أوروبا) الى بناء أشكال متنوعة من الاتحادات المتخصصة، تارة اقتصادية وتارة أخرى في صورة معاهدات عسكرية لتحقيق الأمن الاقتصادي أو العسكري، ومن يطعن في فكرة الاتحاد من حيث المبدأ يفتقر الى المنطق، فليس سرا أن نجاح فكرة مجلس التعاون، مقارنة بفشل جميع الأفكار الوحدوية العربية كان سببا ملهما للشعوب العربية بل وحتى الأنظمة التي حاولت حينا إقامة اتحاد تعاون مغاربي وآخر عربي في المشرق، ثم بعد فشلها صار دخول بعض الدول –الأردن، اليمن – في «مجلس التعاون الخليجي» شهادة منها على صحة المسار، ومن ينطح هذه الحقيقة فهو كالوعل الذي ينطح صخرة ليوهنها، فأوهى قرنه الوعل.

تخيل أن المملكة العربية السعودية لم تتوحد قبل مائة عام، هل كانت تلك الصحاري ستتحول الى ما هي عليه الآن؟ وما هو مصير الحرمين الشريفين لو لم تتم إدارة الثروة النفطية بشكل صحيح ليعم تأثيرها على كل أنحاء الدولة الموحدة؟ قارن ذلك بدول النفط الأخرى التي لم تنفع شعوبها بتلك الثروة فضلا عن أن تنفع الحرمين الشريفين لو كانا منفصلين في دولة فقيرة الموارد تعيش على رسوم تؤخذ من الحجاج!

إن متابعة السير على مستوى دول الخليج نحو «اتحاد خليجي» هي الخطوة المستحقة بعد الذي تحقق اقتصاديا، وفي ضوء صدق توقع المؤسسين له على مستوى الأخطار الأمنية، وليست عبارات التحذير من التأثير على خصوصية كل دولة بالأمر الجديد فقد أثيرت منذ نشأة «مجلس التعاون» وأثبتت الأيام عدم صحة تلك التحذيرات التي ينطلق أصحابها من توجهات قديمة في التخذيل من كل خطوة نافعة ولنا مع هذه الفئة تجارب كثيرة، ولو استمعنا لهم لألحقوا المواطن الخليجي بشقيقه العربي في معاناته مع أنظمة الفشل والهزائم، والحمد لله أن جعل دول الخليجي عمقا استراتيجيا للشعوب العربية، بل والإسلامية في الخمسين سنة الماضية، رغم أن ثروة الخليج ليست أكبر من ثروة الأشقاء في مغرب العالم العربي ومشرقه.

وبالنسبة لإيران فقد سمعنا منها اعتراضا على الاتحاد الخليجي وتأييدا لاتحاد يقام بينها وبين مصر، يعني «صيف وشتاء على سقف واحد»، وهو بالمناسبة نفس أسلوب ربعنا، يؤيدون الوحدة العربية ولو كانت على أسس فاشلة، ويعارضونها خليجيا رغم نجاحها الذي رأيت بنفسي تأثيره على شخصين كانا يتحدثان في الأردن ـ قبل 1990 ـ بشكل سلبي عن المملكة العربية السعودية، فلما انتهيا من انتقاداتهما قلت لهما: «أثناء تقسيم المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى كان هناك توجه لأن تكون صحراء الأردن ـ شرق النهر ـ ضمن حدود المملكة العربية السعودية»، ففوجئت بصيحة واحدة من الرجلين: «يااا ريت.. كنا هلأ دولة نفطية».

وسلامتكم.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك