خسارة الداو نتيجة منطقية لصراع السلطة.. بنظر أسامة الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 1106 مشاهدات 0


القبس

إنها أم الخسائر المالية

أسامة إبراهيم الدعيج

 

إن الخسارة التي منيت بها دولة الكويت جراء الحكم الذي صدر لمصلحة شركة الداو، ما هي إلا نتيجة حتمية لما تشهده الساحة الكويتية من صراع على السلطة، وتصفية حسابات شخصية، وسياسة الأرض المحروقة التي تتبع للتدمير البلد وتأكل الأخضر واليابس باسم الديموقراطية، والمطالبة بالمزيد من المكاسب السياسية على حساب الكويت.

هناك أخطاء وقعت وقرارات متخبطة اتخذت، بنيت على أسس غير سليمة، وحسابات غير دقيقة، وافتراضات غير واقعية، ومعادلات غير متزنة. أين هي السلطات والأجهزة الرقابية، أين هم المسؤولون عن إدارة المخاطر؟ ولماذا لم يقرع جرس الإنذار ليحذّرنا ويهدينا نحو الرشاد قبل فوات الأوان؟

نقولها بكل وضوح يجب ألا تمر هذه من دون حساب، وأن يدفع الثمن كل متسبب كائناً من كان، ومحاسبته أشد الحساب، وطي سياسية عفا الله عما سلف، هذه ليست بأزمة سوق المناخ التي وجد الجميع نفسه داخل دوامتها، ولا هي آثار فقاعة قطاع التكنولوجيا التي تسببت بها مؤسسات الاستثمار الأميركية، أو تبعات أزمة الائتمان التي هوت بالأسواق العالمية، إنها خسارة مالية من العيار الثقيل من إنتاجنا المحلي، نحن من صنعها ومن تسبب في وقوعها. الجميع مسؤول عنها بلا استثناء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والكل سيدفع ثمنها الذي سيحمل كل أسرة كويتية مبلغاً مالياً يقارب عشرة آلاف دولار أميركي.

لقد أصبح جلياً أن هناك خللاً جسيماً قد حدث خلال مرحلة إعداد الدراسات التي سبقت اتخاذ القرار، وهناك قصور في إجراءات التعاقد أوقعتنا في شباك ما نصب لنا من كمين تجاري كلفنا الكثير. وما يؤكد ذلك هو الكيفية الساخرة التي تناقلت بها وسائل الإعلام العالمية هذا الخبر، بارزة النجاح الذي حققته الداو في تحقيق مكاسب مالية لم تحققها الشركة منذ تأسيسها. وكما أظهرت وسائل الإعلام هذه شركة الداو على أنها المظلوم الذكي، الذي انتصر في النهاية على الظالم المتعسف الذي يفتقر إلى الحنكة التجارية وبعد النظر.

وفي الوقت الحالي نحن لا نوجه أصابع الاتهام إلى أحد، ولن نعمم، وليس لدينا شك في كفاءات قياداتنا النفطية. ولكن نقولها بكل صراحة إن هناك من كان لهم دور مباشر بالتسبب في وقوع هذه الخسارة الجسيمة، من داخل أو خارج القطاع النفطي، تتعين علينا محاسبتهم، بعد تشكيل لجان تحقيق محايدة، ولتكن من خارج البلد، للتمكن من التوصل إلى النتائج وإعلان الحقائق من دون أي حرج. ونتعرف بعد ذلك على طبيعة الأخطاء، إذا كانت قانونية أو فنية ومالية، وهل هي ذات علاقة بحيثيات قرار الدخول أم قرار الانسحاب. أم أن السياسة كانت هي سيدة الموقف، لنوجه بعد ذلك أصبع الاتهام إلى كل من كان له دور في أم جرائم التعدي على المال العام واستباحته. وأن يحاكم بعد ذلك قانونياً أو سياسياً، ويحاسب حساباً عسيراً، وينال عقابه حتى تتحقق العدالة، وألا تكون هناك غصة في من تسبب في يوم عن غير قصد بإلحاق أضرار قد تكون طفيفة بالمال العام ونال عقابه.

إن أزمة الداو ما هي إلا أحد الإسقاطات الخطيرة لتداعيات الوضع السياسي والإداري العام في الكويت، وانعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني وأوجه التنمية في البلد.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك