شريعة المغردين برأي مبارك صنيدح تعيدنا إلى حكم 'قراقوش'!

الوطن

فيض المشاعر  /  شريعة المغردين

مبارك صنيدح

 

مع هبوط الليل وانجابه سدول الظلام ومع الهجيع الاول وبداية مغازلة ملكة النعاس للجفون اذا بتغريدات توشحت بجلباب أسود تكسر هدوء الليل وتنزع عنه لباسه وترسل نظراتها المجنونة تبحث عن الفضائح وهتك الاستار وما أمر الله بستره وتخوض في مستنقع البذاءة والاتهام الباطل وتلوك بتغريدات حداد كرامات الناس وخصوصياتهم.. ولا يستطيعون التغلب على الافعى بدواخلهم وهي تجر أقدامهم في طرقات مظلمة وزواريب معتمة ودهاليز الفتنة دون ان يشعروا أنها تمتص دماءهم الوطنية وتعبث بكرياتها البيضاء المقاومة فيتاجرون بأوجاع الوطن وهمومه ولاسقف يحد من غلوائهم ولا خطوط حمراء ترسم حدودهم ويبحثون عن تفجيرات لغوية غير مسؤولة تخالف القانون والعرف والتقاليد المجتمعية ولم يسلم منها حتى رسولنا المصطفى عليه الصلاة والسلام وأزواجه رضوان الله عليهم.. ولاهم لهم سوى حصد أكبر عدد ممكن من المتابعين يضافون الى قائمتهم.
ويستيقظ الصباح بتغريدات تضرب جدران المراهقة السياسية بعنف ولم يظهر لها ضرس العقل بعد والجميع قد تصدر الشأن السياسي وعليه عمامة ضخمة أكبر من عمامة الافغاني ويشتغل بفتاوى سياسية تختلط فيها الحقيقة بخيال المعجبين والكارهين من خلال أوهام وأكاذيب تزيف الواقع وتحرق المصداقية وتنبش القبور وتقلب صفحات الماضي.. وتغريدات البعض تخفي من ورائها خبثا وشيطانية ودسا رخيصا ومكرا ملعونا كأن من صاغها ينحدر في الاصل من يهود الحبشة.
في شريعة المغردين تفرض هالة من القدسية على بعض الرموز السياسية وتمارس نوعا من الصنمية في الدفاع وتبرر المواقف والاخطاء وان كانت على هيئة كوارث وتسعى جاهدة للحط من قدرة المنافسين واثارة الشكوك حول أدائهم ومواقفهم.
في شريعة المغردين الاحكام القضائية ليست عنوان الحقيقة ان خالفت أهواءهم.. ونصبوا أنفسهم قضاة ومحامين في نفس الوقت ويصدرون أحكام البراءة والادانة ويشعلونها حربا ضروس ان خالفت توقعاتهم.
في شريعة المغردين تسابق الزمن لهدم أركان ومقومات الدولة فالتعرض لمسند الامارة والقضاء متهم بالفساد وعدم النزاهة وجميع المسؤولين فاسدين والتجار غير شرفاء والاصل ان الجميع متهم بالحرمنة والفساد وتصنع بطولات كاذبة على قميص فيه دم كذب ويبحثون عن يوسف في توصيف التهم المعلبة ورمي الناس بالباطل.
في شريعة المغردين نعود الى شريعة الغاب من جديد وقوانين حمورابي وحكم قراقوش بعد ان انتقلنا الى دولة المجتمع المدني ودولة المؤسسات والدستور والديموقراطية والحريات المسؤولة وفصل السلطات وأستقلال القضاء.
بالتأكيد لا أقصد التعميم فهناك جوانب مشرقة للمغردين وابداعات ايجابيه وشكلت نوعا من الرقابة على الاداء الحكومي والنيابي وتواصل اجتماعي ونشر أفكار قيمة وآراء جوهرية وخبرات متبادلة وتغريدات مسؤولة تسعى جاهدة في التعمير السياسي.