السعودية تعاني من 'شيخوخة السلطة'.. هذا ما يراه صلاح الفضلي

زاوية الكتاب

كتب 2573 مشاهدات 0


الكويتية

شقشقة  /  شيخوخة السلطة

د. صلاح الفضلي

 

هناك مشاكل تقليدية تواجه أنظمة الأسر الملكية الحاكمة التي تعتمد عامل السن كمعيار رئيس في تسلم السلطة، ومن أبرز هذه المشاكل مشكلة تقدم الجيل المؤسس في السن، ففي هذه الدول تبدأ الأنظمة قوية فتية بحكم عنفوان الشباب وحيويته، ولكن مع تقدم الجيل الأول في العمر، وكثرة الأمراض التي يعاني منها رموزه، وعدم قدرتهم على متابعة أعباء السلطة التي بطبعها لا تحتمل الفراغ، تبرز إلى السطح مشكلة الخلافة، وذلك لأن هذه الأنظمة تحافظ على تقاليد صارمة في انتقال الحكم إلى الأكبر سناً في الأسرة الحاكمة، مع بعض الاستثناءات القليلة، على عكس الأنظمة الوراثية التي يتم فيها انتقال السلطة من الأب إلى الابن.
هذه الحقيقة التاريخية تبدو ماثلة للعيان في الحالة السعودية، فغياب ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز، ومن قبله بأشهر قليلة الأمير سلطان بن عبدالعزيز، عن المشهد السياسي في السعودية، وتقدم الملك عبدالله في السن، والحال نفسه مع بقية أمراء الجيل الأول، طرح بقوة إشكالية «شيخوخة السلطة» التي تواجه الأنظمة الوراثية، وهو الأمر الذي حذرت منه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس، وإذا كانت الأمور تبدو شبه محسومة لتولي الأمير سلمان ولاية العهد فإن تراتبية ما بعد سلمان تبدو غامضة ومليئة بالأشواك.
إذا كانت السعودية قد نجحت في تجاوز تحدي تداعيات ما سمي بالربيع العربي أو ما أسماها الأمير تركي الفيصل بـ «شرور الربيع العربي»، فإن أبرز التحديات التي تواجه السعودية وأخطرها هو تحدي ترتيب مسألة انتقال سلس للسلطة من الجيل الأول إلى الجيل الثاني من أبناء الأسرة الحاكمة، وهي مسألة ليست بالسهولة التي يتوقعها الكثيرون، ولعل خروج الأمير طلال بن عبدالعزيز من هيئة البيعة على أثر انتخاب الأمير نايف ولياً للعهد، وإدلائه بتصريحات متحفظة يدل بشكل واضـح علـى مدى الصعوبة التـي تواجــه عمليــة انتقال السلطة.
وإذا تجاوزنا إشكالية «شيخوخة السلطة» فإن هناك إشكالية أخرى تواجه السعودية، وهي الانتقال من نظام السلطة إلى نظام الدولة، فحسب السنن التاريخية لا يمكن لنظم السلطة أن تستمر طويلاً لأنها مبنية على استخدام القوة لتثبيت الحكم، وهو الأمر الذي يخلق الكثير من التحديات تجاه نهج التفرد بالسلطة، ويجعل خيار الاستمرار في هذا النهج مكلفا جداً.
خلاصة القول إن السعودية تمر بمنعطف دقيق سوف يكون له تأثيره على كامل المنطقة.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك