رفض 'تأنيث المحال' يثير عاصفة من الجدل في السعودية
الاقتصاد الآنيونيو 3, 2012, 3:40 م 1166 مشاهدات 0
أثار قرار المحكمة الإدارية في العاصمة السعودية الرياض (ديوان المظالم) برد قرار وزارة العمل القاضي بإلزام محلات بيع المستلزمات النسائية بتوظيف النساء بدلا من الرجال الكثير من الجدل خاصة في الأوساط النسائية التي استبشرن خيرا بالقرار الذي دخل حيز التنفيذ رسميا مطلع يناير الماضي واستفادت منه أكثر من 28 ألف سعودية توظفن في أكثر من 7353 محلا لبيع المستلزمات النسائية الخاصة.
ومن ذلك الوقت رفع عدد من التجار الدعوى القضائية ضد الوزارة لإبطال القرار ولكن وزير العمل عادل فقيه أكد في تصريحات صحافيه حينها أن أمر قصر العمل على المرأة السعودية في محلات بيع المستلزمات النسائية هو أمر ملكي.. لذلك فوجود الدعوى لن يؤجل التنفيذ.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أصدر في 2/7/1432هـ أمرا ضمن حزمة أوامر ملكية أمر فيه بقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية على النساء دون الرجال وهو ما اعتمدت عليه الوزارة في إصدار القرار بينما قال المعارضون إن القرار لم يسمح بالتوظيف المختلط مطالبين أن يكون عمل النساء في محلات مغلقة بالكامل عن الرجال.
وتعتزم وزارة العمل وفقا للأنظمة استئناف القرار في محكمة الاستئناف وهو ما يعطل العمل بالحكم لحين صدور حكم الاستئناف الذي يتوقع أن يطول لعدة شهور.
من جهته يؤكد المستشار القانوني طارق الشامي في حديثه لـ'العربية.نت. أن المشكلة كانت تكمن في طريقة إصدار الوزارة للقرار دون الحصول على مظلة نظامية تحميه من الاعتراضات.
ويقول: 'كان الأمر الملكي ينص على إصدار قانون وليس قرارا.. فالقانون له مواد ولوائح تنفيذيه.. أما القرار الفوري بالتنفيذ فهو قرار إداري ويحق للمتضرر منه الطعن فيه'.
ويتابع: 'كان لابد من تشكيل لجان تدرس الموضوع مع رجال الأعمال.. لأن لا أحد يستطيع أن يأمر في مال أحد بما لا يخالف الأنظمة.. استعجال الوزارة في إصدار القرار كان أمرا معيبا ولو أنهم انتظروا حتى صدور النظام وعززوه بمرسوم ملكي لكان فعل وعمل به بطريقه أفضل.. لم يكن على الوزارة التسرع بإصدار هذا القرار ولم يكن على الديوان أن يتصدى لمثل هذا القرار ويمنعه لأنه قد يكون تفسيرا خاطئا من بعض الأشخاص بتحليل الاختلاط.. لأنه لن يمنع فيما بعد الأندية أن ترفع قضية على الرئاسة للسماح بالنساء لحضور المباريات.. لماذا تقصر فقط على الرجال'.
ويضيف الشامي 'الوزارة أصدرت القرار بشكل غير مدروس.. قرار وزارة العمل بتعيين النساء في محلات بيع المستلزمات النسائية والذي ردته المحكمة الإدارية جاء بقرار من وزير العمل وهو قرار إداري يحق للمتضرر منه اللجوء للقضاء الإداري لرفع الضرر'.
ويتابع: 'التجار هم المتضررون لهذا كان من حقهم أن يرفعوا للمحكمة الإدارية وهي الجهة المخولة بذلك.. فلا يحق للوزارة إجبار التجار على توظيف النساء بدلا من رجال أو العكس.. وأعتقد أنه كان قرارا إداريا معيبا ولو صدر به أمر ملكي لما وصل لمرحلة الطعن فيه'.
وأشار إلى أنه من حق الوزارة استئناف القرار، حيث إن القرارات التي ترفع ضد الوزارات ترفع لمحكمة الاستئناف وجوبا من قبل الدوائر الإدارية التي تنظر فيها أما لتأييدها أو لإلغائها.
ويشدد رئيس اللجنة المالية في مجلس الشورى الدكتور سعد مارق على أن وزارة العمل كانت مطالبة بدراسة القرار بشكل أكثر وإصداره على شكل نظام كي تتجنب الطعن فيه.
ويقول مارق لـ'العربية.نت': 'كان من المفترض على وزارة العمل عندما تقرر قرارات مصيرية وتحتاج لدعم أن تصدرها على شكل نظام وليس على شكل أوامر.. فالنظام عندما يصدر لابد من احترامه وكنت أتمنى لو كان نظاما ملحقا لأنظمة الوزارة والأنظمة لها مراحلها التي تمر بها وعندما تكون ضمن مواده فلا يحق لأي شخص أن يرفضه'.
ويطالب الدكتور مارق وزارة العمل أن تكون أكثر منهجية في قراراتها مستقبلا، متمنياً من الوزارة العمل أن تمنهج عملها المستقبلي في مثل هذه الأمور بحيث تتحول لأنظمة كي تقطع الدخول على أي شخص عليهم.. فالمحكمة الإدارية وجدت مدخلا عليهم في هذا القرار.
ويستغرب الناشط الحقوقي وعضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة من حكم المحكمة الإدارية والذي يرى أنه كان محبطا لجهود كبيرة بذلت لتأنيث المحلات النسائية مطالبا وزارة العمل باستئناف الحكم واستعادة القرار.
ويقول لـ'العربية.نت': أعتقد أن هذا الحكم إذا كان يقصد به أن يحكي المرأة فهو بعيد عن الواقع.. فحماية المرأة هو توفير العمل لها ففيه حماية لنفسها وسلامتها وسلامة المجتمع من أي أمر قد يجبر المرأة للبحث عن مجالات عمل أخرى إذا أغلقت في وجهها أبواب العمل الشريف الأمن.. من يقول العلة في الاختلاط فالمرأة تعيش اختلاطا دائما في كل المجالات سواء في الأسواق أو المستشفيات'.
وينتقد الدكتور آل زلفة الذي كان من أوائل المطالبين بتأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية محاولة بعض التيارات التشكيك في القرار ومحاربته بكل الطرق حتى بنشر الأخبار المغلوطة والإشاعات التي تدعم أهدافهم، معتبرا أن مايقود للفساد هو ترك الرجال يبيعون للنساء ملابسهن الداخلية.
ويشدد بقوله: 'ما سيقود للفساد هو أن تذهب المرأة لتشتري ملابسها الخاصة من رجل وما أكثر مما تعرضت للتحرش وسكتت خوفا من الفضيحة.. وهذا عدم فهم للإسلام ولحركة المجتمع.. للأسف هناك فئات من الممانعين هم وراء الترويج لمثل هذه الأخبار المكذوبة لكي يقولون أنظروا لنتائج ما تطالبون به وهذه بناتنا يتعرضن للإيذاء والفساد.. وما أكثر ما تعرضنا لمثل هذه الأخبار.. وأتمنى أن تقوم وزارة العمل بالاعتراض على هذا الحكم فهو ليس حكما قاطعا'.
ويتهم عضو مجلس الشورى السابق رجال الأعمال الذين اعترضوا على القرار بأنهم يبحثون فقط عن مصالحهم الشخصية مؤججين مشاعر الناس بالإشاعات والأخبار المغلوطة لتحقيق أكبر قدر من الربح.
ويقول: 'أتصور أن من يقوم بمثل هذه الاحتجاجات لا يمثلون إلا فئة قليلة ولكن رجال الأعمال يرون أن في توظيف المرأة السعودية متطلبات مالية عليهم لأنها تريد راتبها جيدا وساعات عمل معقولة وهم لا يريدون ذلك بل يريدون عمالة وافدة يتحكمون فيها ويجبرونها على العمل لساعات طويلة ويسكنوها وسط ظروف سيئة لكي يعيثوا في البلاد الفساد'.
ويتابع: 'للأسف بعض رجال الأعمال كانوا وراء تأجيج مشاعر الرافضين لعمل المرأة في المحلات التجارية لأنه لا يخدم مصالحهم وعلى الجميع من موظفي دولة ومثقفين وغيرهم أن يعوا ذلك.. فمن يمتص مال هذا الوطن هو للأسف هم رجال الأعمال الذين يشغلون للأسف ملايين العمالة الوافدة بمرتبات بسيطة.. هم ينظرون فقط لمصالحهم وليس لمصلحة الوطن'.
ومن جانبها تؤكد الكاتبة في جريدة الوطن حصة آل الشيخ أن الحكم سيعيد المطالبين بتأنيث المحلات النسائية للمربع الأول وتقول لـ'العربية.نت': 'سيعيدنا الحكم للمربع الأول قبل اتخاذ وزارة العمل لقرار توظيف النساء في محلات بيع المستلزمات النسائية.. والمشكلة هي في قضية الاختلاط وهل يدخل الرجل للمحل أم لا.. وهم يريدون محلات مقفلة'.
وتتابع: 'هذا مايريد أن يصل له الرافضون لمثل هذه القرارات.. وهو تحجيم الوظائف المناسبة للمرأة.. وللأسف هي صدرت حكم من المحكة الإدارية.. وأتوقع أن وزارة العمل لديها خططها للرد على الحكم وهي مؤمنه بأهمية هذا القرار'.
وتضيف: 'هناك من يريد أن يقف في وجه المشروع ولكني متأكدة أن لدى الوزير خطط واجراءات ستكون رسمية بما يحفظ للمرأة وجودها واستقلالها المادي وهذا حق من حقوقها ومتأكدة أنه سيكسب الاستئناف'.
وتشدد آل الشيخ على أن كثيرين من المعارضين لعمل المرأة يرغبون في تعطيل القرار مضيفة 'منذ أن بدأ مشروع تأنيث المحلات النسائية والمعارضين لعمل المرأة يحاولون تعطيل القرار.. وهي ليست المرة الأولى.. حاولوا كثيرا في هذا الجانب'.
وتتابع: 'شاهدنا أخبار مكذوبة وإشاعات منذ بدء تطبيق القرار بهدف ضرب القرار ومنع فائدته بتوسيع دائرة عمل المرأة.. فهذا المجال هو مجالها الخاص وليس مجال للرجال أن يبيعوا مستلزمات المرأة الخاصة.. وهوم يحاولون تعطيل القرار منذ بدايته.. ويلاحظ أنهم من بدء القرار نشروا الشائعات بهدف تشويهه لأنهم كانوا ضد القرار من البداية وهو نوع من التناقض العجيب الذي لا يمكن أن تفهمه.. فما هو الأفضل أن تشتري مستلزماتها الخاصة من امرأة مثلها أم من رجل غريب عنها؟ في كل بلاد العالم من يبيع هذه المستلزمات هم نساء'.
وكانت السعوديات استبشرن خيرا بالقرار الذي بدأ تطبيقه قبل خمسة أشهر كونه سيخلصن من حرج الوقوف أمام باعة من الرجال لشراء ثيابهن الداخلية والإدلاء بتفاصيل حول مقاسهن، فيما اعتبر بعض المعارضين أن عمل المرأة في هذه المحلات، سيفتح الباب واسعا أمام الاختلاط مع الرجال، لاسيما مع أولئك الذين يشترون الملابس الداخلية لنسائهم.. وحتى تقضي محكمة الاستئناف حول حكم المحكمة الإدارية ستكون الأمور معلقة.
تعليقات