لابد من الأحزاب والحكومة الشعبية
زاوية الكتابالكويت ليست إمارة ديمقراطية، ولا مناص من تعديلات دستورية لتطورها
كتب مايو 29, 2012, 1:20 ص 5704 مشاهدات 0
هذه هي حقيقة الصراع الداخلي من المعروف أن النظام الديمقراطي هو أكثر الأنظمة نجاحا وتقدما في جميع أنحاء العالم والدليل على ذلك الديمقراطية الغربية في أوروبا، وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، ولما كانت الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه، وإن الديمقراطية الغربية وهي الديمقراطية الليبرالية الأفضل، والتي تؤكد حكم الأكثرية مع الحفاظ على الأقليات والأفراد، كان يجب علينا أن نوضح ما هي العلاقة بين النظام القائم بالكويت، والنظام الديمقراطي الغربي الذي يعتبر النموذج الأفضل بين أنظمة الحكم العالمية.
إن أي حكم في العالم لا يكون له أي مشروعية سياسية، إلا إذا كان هناك تأييد شعبي يقر بقاءه في السلطة، وفي إدارة شئون البلاد، ودون ذلك لا يعد إلا نوعا من الحرب الأهلية التي تمارسها الحكومة على الشعب، والتي يجب التصدي لها بشتى طرق المقاومة الشعبية، حتى يتمكن الشعب من اختيار إرادة سياسية تعبر عنه، وجميع النماذج الديمقراطية المتقدمة عالميا تعتمد على مبادئ أساسية معينة لحكم الأكثرية، ومن أهمها مبدأ تداول السلطة، ولأن هذا المبدأ غائب عن الكويت فإننا لا نستطيع أن نصف الكويت بأنها دولة ديمقراطية، إلا إذا كان هناك تداول للسلطة، لأن هذا المبدأ راسخ في نظام الحكم الديمقراطي.
وإذا نظرنا مثلا إلى جميع الأنظمة الديمقراطية الحقيقية، سواء كانت ممالك مثل بريطانيا أو دولة مؤسسات مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو جمهورية مثل فرنسا، ومعظم دول أوروبا أو إسلامية غير عربية مثل ماليزيا وتركيا أو غير إسلامية كمعظم الدولة الغربية، حتى إذا نظرنا إلى نظام الإمارة في العالم مثل إمارة (أندورا) في أوروبا وإلى الدول الصغيرة مثل إسرائيل إذا فرضنا جدلا أنها دولة، نجد أن هذه الأنظمة السياسية جميعا تعتمد نظام تداول السلطة ولا فرق بين دولة ملكية أو جمهورية أو إمارة أو غير ذلك، لأن مبدأ تداول السلطة لا يتنافى مع شكل نظام الحكم، فجميع الدول السابقة تعتمد على نظام تعدد الأحزاب في تداول السلطة، وهذه هي الصورة الطبيعية البديهية في الأنظمة العالمية المتقدمة.
وعندما نتحدث عن الأحزاب ومبدأ تداول السلطة لا يذكر لي أحد نماذج من الشعوب العربية ويترك النماذج الناجحة، ولا يغض الطرف أيضا عن عاقبة الأحزاب العربية التي لا تعتبر أحزاب حقيقية من الأساس، بل هي كانت عصابات سيطرت على السلطة وكانت عاقبتها معروفة للجميع.
إن الكويت بحاجة إلى أن تكون إرادتها السياسية منتخبة ويقرها الشعب، فلا مكان للسلطة المطلقة والتحايل على إرادة الشعب إذا كنا نريد حقا نظام ديمقراطي حقيقي ونريد أن نعلي من شأن الكويت ونريد أن تكون الكويت هي الرائدة في الخليج العربي كما كانت، فلابد من هذه الخطوة على طريق الديمقراطية وهي وجود حكومة منتخبة تأتي من انتخاب حر ونزيه مختاره من حزب الأغلبية الذي يكونه ويختاره الشعب.
ولكن ما يحدث في الكويت الآن مخالف لجميع النظم الديمقراطية العالمية المعاصرة والمتقدمة والحرة، ولا يأخذ في الاعتبار التغيرات العربية مثل حدوث استفتاء شعبي حقيقي على رئيس تونس ووجود انتخابات هي الأولى من نوعها في مصر، وما يحدث في الكويت من اختيار رئيس الوزراء بعيد عن الإرادة الشعبية ويعتبر سلطة مطلقة ولا يعبر عن الإرادة السياسية للشعب، ولا يقول أحد دور المجلس لأن المجلس نفسه لا يستطيع تشكيل حكومة كاملة، ولا يستطيع القيام بصلاحياته كاملة، لأنه معرض للحل في أي وقت، إذن ليس هناك بديلا أمامنا إلا وجود نظام تعدد الأحزاب المبنية على أساس وطني وقانوني صحيح، بعيدة عن التعصب القبلي والعرقي والديني، وهذا يمكن تحقيقه في شعب مثل شعب الكويت يمثل نسيجا واحدا.
إن اعتماد نظام تعدد الأحزاب يؤكد مبدأ تداول السلطة في الكويت ويحدد لنا النظام السياسي الصحيح الذي تسير عليه البلاد، بحيث يعطي للشعب الحرية في اختيار السياسات التي تسير عليها البلاد بشكل مباشر من خلال أحزابه التي تعبر عنه، وبالتالي تكون شخصية رئيس الوزراء تعبر عن إرادة الشعب ولا تكون مثل الآن والسابق هي الشخصية المثيرة للجدل وهي أساس الصراع السياسي وهي سر تأخر الكويت، لذلك لابد من وجود أحزاب من رحم الشعب ويتولى حزب الأغلبية الشعبية تشكيل الحكومة ويكون بالانتخاب الحر النزيه، وهذا ما يجعل هناك تناسق وتوازن يتيح الاستقرار ويحقق مطالب الشعب، وذلك لأن الكويت في ظل نظام الحكم السياسي الحالي لا تعتبر إمارة دستورية أو حتى نصف دستورية لأنها تركز جميع السلطات بشكل مطلق بعيدا عن إرادة الشعب، وينكمش أمام هذا النظام الحالي دور الشعب، ولا مجال أمامنا في رجوع دور الشعب الحقيقي إلا من خلال اعتماد نظام الأحزاب والسماح بتعدد الأحزاب، وأن يكون نظام الحكم أكثر ديمقراطية ليستمر ويدعم الاستقرار، وكذلك ليختفي دور البطانة الفاسدة البارز في السيطرة على القرار، التي تقف أمام الشعب وتتحدى الشعب وتهمش إرادته السياسية، فمعظم أفراد الحكومات السابقين الذين تم الإطاحة بهم عن طريق الإرادة الشعبية بالاحتجاجات أو عن طريق الإطاحة بهم من خلال الاستجوابات عبر المجلس، سواء كان رئيس وزراء أو وزراء، يتم احتضانهم ومكافأتهم من قبل الديوان الأميري، ويتم إعلاء شأنهم على حساب الإرادة السياسية للشعب، ولا يخفى على أحد سيطرة البطانة الفاسدة على جزء كبير من صناعة القرار، وهذا ما يعكسه الواقع، حيث التصدي لإرادة الشعب وتأخر جميع القطاعات وتدني في الخدمات وتأخر دور دولة الكويت بين دول مجلس التعاون.
إن خطوة الأحزاب هي الملاذ الآمن للكويت لإحداث الإصلاح والتطوير، وللقضاء على الصراعات والفتن، ولفرض الإرادة الشعبية السياسية الحقيقية وهي خطوة للريادة خليجيا وعربيا.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تعليقات