منزلقات الفشل في دول «الربيع العربي» كما يراها خليل حيدر كثيرة
زاوية الكتابكتب مايو 28, 2012, 1:19 ص 823 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / الخروج من الكهف
خليل علي حيدر
لايزال الجدل محتدماً حول ما وقع للعالم العربي، قبل عام ونصف، وبخاصة منذ 25 يناير 2011! هل كانت موجة غضب؟ انتفاضة؟ تصفية حساب؟ فورة؟ أم انها كانت ثورة وثورات!
سنفترض انها ثورات، لا بحكم ما انجزت فحسب، وهو ليس بالقليل، ولكن بما تحمل كذلك من آمال كبار وتوقعات لتغيير الأحوال.
فقد قامت بتصفية العديد من الأنظمة الفردية المتسلطة، وانهت بعض اعرق الاستبدادات العربية، وانقذت عدة شعوب من واقع فاسد دمر كل مقومات الحياة والمستقبل، واعادت الاعتبار للارادة الوطنية وصندوق الاقتراع.. الخ!
ثم دعنا لا ننسى ادبيات نقد الانظمة منذ سنوات وسنوات والتململ منها، ودعوة الشعوب الى النهوض ضدها، والى الثورة والتغيير. وها هو الدعاء يستجاب!
ولكن ما جاء كان في الواقع أكبر من حجم التوقع. وكانت هذه الشعوب تتمنى بعض الغوث والغيث فداهمها سيل. وحاصرت المياه الخرائب والقصور، وحطمت اقفال ومعاقل الاحرار وزنازين عتاة المجرمين!
منزلقات الفشل في كل دول «الربيع العربي» كثيرة. فهناك جند وجذور الانظمة المتهاوية، وهناك الجدل حول آليات ومجالات التغيير، وهناك ثالثا مشكلة هيمنة التيار الديني على مصير «الثورات» لفترة غير معلومة وبنتائج غير واضحة الآن.. حتى للتيار نفسه!
ومن المحتم وقوع اختلاف ونزاع بين توجهات الاسلاميين من اخوان وسلف، وبين نوعية التغييرات المطلوبة والشعارات المرفوعة، والعلاقات الداخلية والخارجية التي قد تفرزها الانظمة القادمة، وبخاصة في مجال الحريات الاجتماعية وطبيعة المناهج التعليمية، والتحول الثقافي، والقضايا القانونية والدستورية.. وغيرها.
الزميل الفاضل عبدالله بن بجاد العتيبي، الكاتب السعودي في صحيفة الشرق الأوسط، يجد ان ما جرى في النموذج المصري نوع من «الفوران الثوري» حيث «تتضخم الذوات وتنتفخ الجماعات ويتكاتف الناس على هدف واضح وغاية محددة. ثم حين تحقيقها تنفلت الخلافات والتمايزات من عقالها، فيمتلئ كل طرف بيقين جارف بأحقية رؤيته وصدق منهجه.. ويعود رفاق الثورة للتصارع» (2012/5/19).
ويطالب بأن نعترف سريعاً «بفشل ما سمي بثورات الربيع العربي، خاصة من قبل النخب الثقافية والسياسية الواعية».
كيف فشلت هذه الثورات، زميلنا العزيز، وقد اسقطت كل هذه الأنظمة، بكل تلك التضحيات الجسيمة، ولا يزال المئات والألوف في سورية يضحون بحياتهم بوعي.. و«سبق ترصد» واندفاع لا تردد فيه؟
شيخ المشككين في نسمات «الربيع العربي» وثوراته استاذنا الكبير د. مأمون فندي ذهب في اليأس كل مذهب.
ويقول ساخراً من الاوضاع في بعض مقالات في نفس الصحيفة: «يتحدث الكثيرون في منطقتنا وخارجها عن مستقبل الديموقراطية بعد «الربيع العربي»، على الرغم من ان المهم بالنسبة لمنطقتنا هو مستقبل الاستبداد ومصيره لا مستقبل الديموقراطية. الديموقراطية بالنسبة لنا ضرب من الخيال، أما الاستبداد فهو من طبائعنا» (2011/11/6).
الربيع العربي، اضاف د. فندي، سيواصل الاستبداد بعد تغيير شكله وتركيبته: «الاستبداد كما الميكروبات تحدث له عملية mutations او تحورات، لمقاومة الامصال المضادة».
الدكتاتورية في بلداننا، يقول، لم تكن ديكتاتورية فرد كما يظن، بل هي شيء نحن متشربون به كما الاسفنج! ما كان لديكتاتور ان يحكمنا كل هذه المدة «لولا ان ديكتاتورية المجتمع تقف الى جانبه».
عرب الثورات، يقول، هم عرب نعرات وعصبيات، لا عرب توجهات فكرية، حتى من يتحدثون عن «الاخوان» وعن السلفيين والجماعات الاسلامية. الثقافة السائدة في العالم العربي هي ثقافة قريبة من ثقافات عصور الانحطاط.. ولكن بمكبرات الصوت واضواء الشاشات! «الثورة لم تحدث، لأن الثورة تحدث في العقل اولاً».
هل الاستبداد والدكتاتورية مصير شعوب هذه المنطقة اذن؟ وهل الثورة مستحيلة الحدوث في المجتمعات المختلفة ومجتمعات ما قبل الحداثة؟ يقول د. الفندي لا. «لكن المبالغة في الاحتفالية بالربيع العربي امر يحتاج الى تفكير وتفكيك. فما خرج من الجامع سيعود الى الجامع، وما خرج من القبيلة قطعاً سيذهب الى القبيلة، ومصر وتونس وليبيا وسورية واليمن ليست استثناءات في هذا» (2012/3/11).
ما مصيرنا اذن؟ والى اين نتجه بعد أن خرجنا من تلك الكهوف؟!
تعليقات