برعاية أمير البلاد في فندق 'الشيراتون'

مقالات وأخبار أرشيفية

الاصلاح الاجتماعي اقامت مؤتمر الرؤية المستقبلية للتنمية الاقتصادية

1181 مشاهدات 0


اختتمت جمعية الإصلاح الاجتماعي مؤتمر الرؤية المستقبلية للتنمية الاقتصادية في الأمة العربية الذي نظمته في الفترة من 23 الى 24 من مايو تحت رعاية سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح وبرعاية نائب وزير شؤون الديوان الاميري الشيخ علي الجراح في فندق الشيراتون.

وأشار المشاركون الى ان التنمية الاقتصادية الشاملة والمطّردة، التي تولي الاهتمام المتوازي لرفاهية الأجيال المعاصرة، وحقوق الأجيال القادمة، هي المدخل الصحيح لنهضة الأمة الإسلامية وعزها واسترجاع مجدها وقيادتها وريادتها في التاريخ.  والطريق الصحيح والمنهج القويم هو استفادة هذه التنمية من كونها فريضة، وأن تقوم على مقاصد الشريعة ومبادئها الكلية.  ولقد وثق التاريخ أن برامج وخطط التنمية الشاملة والمطردة في ظل تعاليم الإسلام أخرجت المسلمين من الفقر إلى الغنى، وجعلتهم سادة الدنيا وأئمة البشرية وأساتذة العالم، مبينين ان أهم ما يميز النموذج التنموي الإسلامي انه يقصد كرامة البشر وعمارة الأرض، ولذلك نجد ان المسلمين في الماضي لم يعانوا من القلة ولكنهم كانوا يبتدعون الأساليب للتعامل مع الوفرة، خاصة عندما فاضت حصيلة الزكاة عن حاجة أغناء الفقراء، فتطرقوا إلى إنفاقها على مصارف تنموية أخرى

واتفقوا على أن عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد الإسلامية قد اكتسبت كثيرا من قوة الدفع الذاتي في عدد من الدول، لكنها تحتاج إلى المزيد من الجهد للوصول بها إلى السرعة المطلوبة في عدد آخر.  بالإضافة، لاحظ الحاضرون أن الجهد التنموي الجماعي للدول الإسلامية هو أفضل طريق لتسريع عجلة التنمية لجميع الدول، وهذا يحتاج إلى حلول تنموية مبتكرة وخلاّقة.

وبينوا ان الحلول التنموية المتاحة من النموذج الغربي بفرعيه، الاقتصاد الشمولي والاقتصاد الحر لا تصلح كأساس للتنمية الاقتصادية الفعالة في الدول الإسلامية. بسبب معاناة الاقتصاد الشمولي من مشاكل الفشل الذريع في تحقيق الكفاءة في تخصيص الموارد بين الاستخدامات المختلفة، والفشل الذريع في تحقيق درجة عالية من العدالة الاجتماعية، معاناة المواطنين من القهر والطغيان والفساد، الوقوف ضد الحرية والعمل على عكس فطرة البشر، خصوصا ان الاقتصاد الحر يعاني من غياب العدالة الاجتماعية، ووقوع معظم الأعباء الضريبية على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وسيطرة الاحتكارات على مختلف قطاعات الإنتاج، وتكرار الأزمات وسرعة انتقالها بين أنحاء العالم، وتضخم القطاع الحكومي ومزاحمته للقطاع الخاص، اضافة الى تعاظم حجم القطاع المالي بالنسبة للقطاع السلعي بدرجة تفرض سيطرة القطاع المالي على توجه الاقتصاد بصفة عامة، وتحول معظم المعاملات في الأسواق المالية إلى المتاجرة في المخاطر باستخدام عقود الغرر، فأصبحت صالات للقمار أكثر منها أسواقا لتبادل القيم المنقولة، كما ان أدى نظام الإقراض الربوي إلى تراكم الديون على المدينين بمن فيهم من الحكومات، وصعوبة سدادها خلال فترة معقولة، مما زاد في أعباء المواطنين خلال الأزمات، نظرا للجوء السلطات إلى دعم المؤسسات المالية والمصرفية على حساب دافعي الضرائب، لافتين الى أن المنهج الإسلامي في التنمية يتوافق مع آمال الشعوب الإسلامية، ويحقق قيمها المشتركة مع أصحاب المعتقدات والديانات الأخرى، خاصة أولئك الذين يتطلعون إلى حضارة إنسانية غنية بالتنوع في تجاربها الإنسانية، كما أنه يقدم حلولا تنموية ناجعة مبنية على مبادئ الإيمان بأن الإنسان مستخلف في ما يملكه من ثروة وسيسأل عن كيفية اكتسابها وتثميرها والإنفاق من دخلها دون هدر أو إسراف، وان تعمير الأرض وتثمير المال واجب على كل مواطن، والالتزام بعدم الإسراف في الاستهلاك، وتجنب الاكتناز، والحفاظ على البيئة وتجنب كل ما يضر الكائنات الحية ويهدر الجماد، وتحقيق مقاصد الشريعة في المجالات الاقتصادية.

ودعا المشاركون إلى استخدام منهج إسلامي في التنمية يعتمد على الحرية الاقتصادية في ضوء الضوابط  الشرعية والقواعد الأخلاقية، والهدر في الموارد، والتمويل الإسلامي المبنى على عقود التمويل الشرعية التي تمول العرض والطلب في آن واحد، وعقود الاستثمار الشرعية المبنية على المشاركة في المخاطر واقتسام الأرباح، مع تجنب بيع النقد بالنقد، وبيع الدين بغير قيمته الإسمية، والتجارة في المخاطر (عقود الغرر والقمار) وتمويل المحرمات (كل ما يضر الكائنات الحية ويهدرالجماد)، واستخدام الأوقاف كوسيلة تمويل، لتوفير أكبر جزء ممكن من الخدمات الاجتماعية، مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، مع ضمان استقلال العلماء والمتعلمين عن سلطات الدولة، واعتبار الزكاة كوسيلة لإغناء الفقير وتحقيق العدالة الاجتماعية، اضافة الى إصلاح التعليم لتكوين ثروة بشرية، ذات كفاءة عالية وقيم خلقية رفيعة، تثري سوق العمل بالمهارات اللازمة لتنفيذ برنامج التنمية، ووضع نظام لحماية البيئة، يوقف التلوث الجاري ويمنع التلوث مستقبلا، مع عقوبات صارمة للملوثين، وحوافز مناسبة للمحافظين على البيئة، وتنمية وحسن استخدام الموارد الطبيعية وتوجيهها إلى ما يفيد برنامج التنمية، ونخص بالذكر الأراضي القابلة للزراعة والمياه والمعادن والمحاجر، وبناء القيادات التي تقدم نماذج سلوكية اقتصادية واجتماعية يحتذى بها من قبل الجماهير، وإصلاح الإعلام للقيام بدوره في تقديم المعلومة الصحيحة ونشر القيم المساعدة على التنمية والسلام الاجتماعي، وتعزيز البنية الأساسية لدعم التنمية وتيسير الحياة اليومية للمواطنين.

طالب المشاركون بتبني المؤشرات المناسبة في قياس منجزات التنمية، وأن تتضمن تلك المؤشرات مقياسا للتحسن العام في مستوى معيشة الجماهير، ولمدى التقدم في مكافحة الفقر وتقريب الفوارق بين الفقراء والأغنياء، وخفض البطالة.  كما دعوا إلى أن تتوجه مؤشرات قياس التنمية إلى متابعة التغير في كافة جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بما يقيس درجة التحسن في حياة ورفاهية الجماهير.

ولفتوا إلى الاهتمام بالتكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، بغرض تحرير حركة التجارة في السلع والخدمات ورؤوس الأموال المالية والمادية والبشرية.  كما دعوا إلى دعم المشروعات المشتركة بين الدول الإسلامية بغرض تعزيز التكامل الاقتصادي وزيادة اتساع السوق أمام المنشآت الإنتاجية في الدول الإسلامية.  ويحتاج هذا المنهج إلى اتباع اسلوب التطور والتدرج، مثال ذلك أن يجري البدء بإنشاء تجمعات اقتصادية من الدول المتجاورة وبناء تكاملها على أساس متين، ومن ثم توسيع الفضاءات الاقتصادية لتضم أكثر من تجمع في دائرة أوسع.

وتطلع الحاضرون في استشرافهم لمستقبل التنمية الاقتصادية في الدول الإسلامية بثقة وتفاؤل، خاصة وأن هذه الدول تحتفظ بثروات طبيعية وبشرية هائلة، وأنها لم تستغل طاقاتها الإنتاجية والإبداعية إلى الحد الأقصى الممكن.

الآن - المحرر المحلي

تعليقات

اكتب تعليقك