الفرق بين لبنان وساحتنا المحلية ليس كبيراً.. بنظر ياسر الصالح
زاوية الكتابكتب مايو 23, 2012, 12:34 ص 809 مشاهدات 0
الكويتية
بوادر الانفجار اللبناني في ساحتنا
د. ياسر الصالح
الفرق بين ما يجري في لبنان وما يتطور إليه الحال في ساحتنا المحلية ليس كبيرا كما يظن البعض، فهو يكمن فقط في درجة ونضج مستوى الاحتقان الذي وصلت إليه الأمور في لبنان وأدت به إلى الانفجار، فحالنا لم يصل لنفس الدرجة التي وصلوا إليها بعد، وإن كنا نحث الخطى سريعا للحاق بهم.
عوامل محلية وأخرى إقليمية دولية هي التي دفعت لإيجاد حالة الاحتقان الخطرة في كلا البلدين، وهي بلا شك بفعل مخطط فاعل وإن لم تأت النتائج بما أريد لها.
عوامل الاحتقان بعضها محلي وبعضها إقليمي دولي، وهي تتشابه بدرجة كبيرة في البلدين، ففي كليهما يجري الشحن الطائفي والمذهبي بأقصى درجاته، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة من خلال متابعة تنسيق الأدوات الفتنوية المحلية من شخوص وإعلام مع نظيرتها الفتنوية في الإقليم، لدرجة أن الكثير من الخطاب التحريضي يكون موجها للداخل والمحيط الإقليمي في الوقت نفسه، بل يمكن ملاحظة درجة التنسيق هذه من خلال تبادل استضافة الفتنويين في البلدان المختلفة وفي أجهزة الإعلام الفتنوية، بل إن رموز الشحن والفتنة المحليين من نواب وخطباء وإعلاميين أصبحوا معروفين ومشهورين على المستوى الإقليمي حيث تجاوزوا ساحاتهم المحلية.
جمهور الأغلبية السياسية عندنا هو نظير جمهور الشارع السياسي الذي انفجر في لبنان، فكلا الجهتين تتبنيان نفس الخيارات السياسية الإقليمية وعلى رأسها الموقف مما يجري في سوريا، بل إن تقسيماته الشرائحية الاجتماعية وانتماءاته السياسية الحزبية الدينية تكاد تتطابق في المنهج والسلوك، وفي الجهات المتحالفة معها إقليميا من حكومات ومؤسسات.
من وجهة النظر التحليلية على مستوى الإقليم يمكن اعتبار الأغلبية عندنا والشارع السياسي الذي انفجر في لبنان شارعا إقليميا سياسيا واحدا، تأثيرا وتأثرا بالنتائج، يتجلى ذلك في الإحباط الذي أصابهما معا من عدم تحقق الوعود التي جرى الترويج لها عبر إعلامهم الموجه في الموضوع السوري حيث تبنته رموز سياسية ودينية، رسمية وحزبية، ضمن هذا الشارع.
وجه آخر للتشابه اللافت عندنا وفي لبنان هو أن كلا الشارعين قد جرت تعبئته في الميادين والساحات باستخدام خطاب يكاد يكون متطابقا من حيث التوجيه والتحريض ضد جميع مؤسسات الدولة الدستورية، فلم يعد هذا الشارع يحمل احتراما لا للسلطة التنفيذية ولا القضائية ولا التشريعية، فقد تم تحريضه وإنزاله للساحات ضد هذه السلطات جميعا، مما أدى لممارسات عنيفة قام بها هذان الشارعان كما حصل في اقتحام مجلس الأمة عندنا والاعتداء على حراسه من رجال الأمن، وحصلت حالات مشابهة في لبنان خلال الفترة التي أعقبت تشكيل حكومة ميقاتي.
بسبب هذا التحريض والشحن المركز والإحباطات التي حصلت على المستوى الإقليمي وخصوصا في الموضوع السوري انفجر الشارع في لبنان وتمرد على قيادته ورموزه التقليديين وتجاوزهم، فلم يعد بالإمكان التحكم بتصرفاته من قبل هذه القيادات التي عبأته وشحنته، ولم تكن تريد للأوضاع أن تصل إلى ما وصلت إليه، فقد يكون لهذا الشارع كيان تتحكم فيه روح مستقلة تتصف بالتطرف غير المقبول لا من القيادات التقليدية ولا حلفائهم الإقليميين والدوليين.
إننا ننبه القيادات المحلية في الأغلبية عندنا التي عملت على شحن هذا الشارع وتحريضه أن تبادر وبأسرع وقت لتتبنى خطابا آخر مضادا ومعاكسا لخطابها السابق المنفلت لعلها تستطيع أن توقف التدحرج في الموقف لكي لا يصل عندنا الأمر لما وصل إليه الوضع في لبنان.. وحينها يخسر الجميع.. ولات حين مناص..
تعليقات