لمن سيصوت الخليجيون في إنتخابات الرئاسة المصرية ؟
عربي و دوليمايو 22, 2012, 7:27 م 4656 مشاهدات 0
حين أقبلت عليه منفردا أستقبلني ضابط الجوازات المصري بالتقريع:من أين أتيت،هل كنت مختبئا في الممر،متى حطت طائرتك،أين جوازك،كم رقم الرحلة؟ تعمدت التريث قبل أن أجيبه،لأنني كنت 'نقيب' ولا أتقبل أن ينهرني 'ملازم' ولو كان من فرسان الجيش القيصري. قلت: من الكويت. قال بلهجة سريعة: مفيش في الجدول رحلة مكويت! ثم أتصل بالبرج وتلقى كلمة واحدة كانت كافية لتنفرج أساريره بابتسامة إعتذار. ولم يعلم ان كلمة(طائرة خاصة)التي سمعها من المراقب الجوي قد تعني أنني كنت مسافر 'توصيلة' ونزلت نصف أصم من ضجيج محركات طائرة'المقدم عبيد الجويسري' لوكهيد هيركوليز C-130العسكرية العجوز وهي في طريقها الى لارنكا لجلب قطع غيار.كانت تلك رحلتي الاولى لمصرعام 1992م،وكررتها خمس مرات في العام نفسه،ولازلت أكررها،فرغم عاصفة اللقاء الاولى إلا أن أحدا لم يحذرني من شرب ماء النيل .
و قليل من لايحب مصر في الخليج العربي،لكن دوله ليست باستثناء، فالانتخابات في العالم الثالث لا تخلو من تدخلات دول خارجية، لكن تدخلنا هذه الايام لايتعدى التمني بفوز من يعتمد عليه لبقاء العلاقات دون توتر ووقف تداعيات كادت أن تخرب ما بيننا .
كمنهجية تصعب الاحاطة بتفاصيل موقع الخليج في فكر كل مرشح، ناهيك عن عدم وقوفهم على نفس المسافة من دوله.لكننا نستطيع من تتبع ماصرحوا به من رسم صورة تقريبية لنظرتهم للخليج.وسنأخذ بالمعطيات المتوفرة كنتائج تصويت المقيمين بالخارج التي أظهرت تفوق 5 من إجمالى 13 مرشح. وأن الاسلاميين هم الكتلة الاكبر و تنحصر أصواتهم بين أبو الفتوح ومرسي .
أنشق عبد المنعم ابوالفتوح على الاخوان عندما لاحت له الفرصة -كحال الكثير من إخوان الخليج الذين يتبرئون من تهمة'الاخوانية'بعد إقترابهم من النجاح - وهو معروف بآرائه الإسلامية المعتدلة وأفكاره الليبرالية ، و كان رائد جيل التجديد بالاخوان. وعضو المؤتمر القومي العربي، وما يهمنا هو وعده بجعل الجيش المصري أقوى جيوش المنطقة مما يقوي العمق الاستراتيجي لنا. ويمثل محمد مرسي جماعة الإخوان رسميا،وقد قال ببناء علاقات متميزة مع الخليج،وحماية أمنها،وتسهيل مساهمتهم بالاستثمار،والأولوية في المشروعات المتميزةيرافق ذلك علاقات متوازنة مع إيران،على ألا تكون على حساب الخليجيين.حيث عليها أن تحل قضية الجزر. معتبرا إن أستقرار مصر امتداد لاستقرارالخليج.وقد نفي تلقي الأخوان اموالاً من الخليج. يناقض ذلك ان دول الخليج كما جاء على لسان مسئولين أمنيين كبيرين في دولتين منهما مازالت تتوجس خيفة من الاخوان كتنظيم شمولي. فوصول رئيس اخواني هو تقوية للجماعات الاخوانية في الخليج المرتبطة بهم تنظيميا وفكريا. يناقض ذلك أيضا أن الخليجيون أنفسهم متهمون بدعم السلفيون. وموقف هؤلاء في مصر مرتبك ومنقسم،حيث أعلن حزب النور دعمه لأبو الفتوح وقال حزب الأصالة إنه سيدعم مرسي،فهل نتبعهم ونعود لندعم الاخوان ؟
وبالاضافة الى الدعم الخليجي له يحظى عمرو موسى بدعم الاقباط وأمريكا وإسرائيل وحتى جزر بيتكيرن 'Pitcairn Islands' أصغر دولة مكونة من 4 جزر،و سكانها50 نسمة من 9 عوائل. ورغم عمله الدبلوماسي لايتراجع موسى بسهولة عن موقفه،لذا رفض تعيين الدبلوماسيين الخليجيين في مكاتب الجامعة العربية حتى رحل عنها. لكنه تجرأ على إدانة إسرائيل حتى تغنى بتصريحاته 'شعبان عبد الرحيم ' فخلق له شعبية شجعته ليقول إنه سيفعل أي شيء ليحمي المصريين من 'البهدلة'، وذلك في أثناء أزمة المصريين بالكويت،فماذا سيفعل وهو رئيس دولة ومشاكل العماله تكاد لا تنتهي في الخليج، ليس مع مصر فقط بل مع بنغلادش والفلبين والهند وسواها.لكن عمرو موسى يبقى الديبلوماسي المحنك والمخضرم و رؤاه التي يطرحها تميزه عن الكثير .
في الخليج كنا متهمين بحب مبارك واستغلال جشع رجاله،ومتهمين بشراء براءته.وهاهو أحد بقايا النظام يدخل سباق الرئاسة، فلماذا لاندعمه مادام لافكاك لنا من تهمة المباركية. ففي سيرة الفريق أحمد شفيق مايتفوق به على عمرو موسى ،فهو المدنى-الإدارى،و الوحيد الذى بخبرة إدارية حقيقة، كما يقول اتباعه حيث حول مديونية الطيران من 320 مليون دولار، الى ربح 91 مليون دولار، وسدد القروض وحاز ثقة العالم،وله خبرة عسكرية من أربعة حروب،ويفهم أولويات الأمن بكل أبعاده.وهو رجل متدين وسطى. ومنع سفر المسئولين السابقين ، وفتح ملفات الفساد،جمد أرصدة كبارالنظام السابق،وأفرج عن المعتقلين السياسيين ظلماً. لكننا لم نجد بعد خليجي واحد في طروحاته. أما حمدين صباحي فأسس حزب الكرامة العربي ومواقفه متشددة تجاه إسرائيل ويؤيد الفلسطينيين، لكنه أعتقل عام 2003 لتنظيمه مظاهرات ضد حرب إسقاط الطاغية صدام، فهل كان من أيتامه!
على خريطة انتخابات الرئاسة المصرية نجد أتفاقية السلام مع إسرائيل أكثرمن قضايا العرب والخليجيون.لكن التحديات الاقتصادية التي تنتظر الرئيس المقبل كتراجع السياحة وأرتفاع النفط ستجبر الرئيس المقبل أن يظهر أن مصر ستبقى كما كانت عونا استراتيجي واضح للخليجيين إن أرادات ان يكونوا عونا أقتصاديا لها.
ولاشك إن أولويات دول الخليج مختلفة عن أولويات الناخب في مصر. بل إن أولويات الخليجيين أنفسهم لا تتفق على مرشح معين .لكن المصري والخليجي يتفقان على الحاجة لرئيس قوي لن يكون كجمال عبد الناصر لكن قادر على أن يحافظ على مساحة التفاهم كما تفاهمت مع الملازم في مطار القاهرة .
تعليقات