تغييرات 'الربيع العربي' برأي المعجل أكبر مما يرد في أجندات 'الإخوان' أو 'السلف'

زاوية الكتاب

كتب 644 مشاهدات 0


القبس

التغيير أكبر من 'الإخوان' و'السلف'

سعاد فهد المعجل

 

لا يزال هنالك كثيرون ممن يراودهم الشك في جدوى «الربيع العربي» وانتفاضات الشعوب في أكثر من عاصمة عربية. فالبعض يرى أنه أصبح خريفاً لا ربيعاً.. والبعض الآخر يرى فيه مؤامرة مدبّرة تلعبها أطراف خفية!

وهنالك من يتساءل إن كنا نتقدم أم نتخلف؟! كثيرة هي الأسئلة المطروحة، والمشروعة كذلك حول «ربيع العرب».. لكنها جميعها - وللأسف - تفترض نتائج لا يمكن أن تتحقق في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة!

بداية، علينا أن نتذكر أن انتفاضة «الربيع العربي» ليست سبباً، وإنما نتيجة لسنوات طويلة، خضع فيها المواطن العربي لسياط القمع وأجهزة الاستخبارات وبتر الرقابة البوليسية.. وكل أشكال العنف.

ما حدث ليس مفاجأة، وإنما مسألة منطقية ومتوقعة في ظل الواقع المُهين، الذي استكان فيه المواطن العربي لعنف السلطة ودمويتها! المحزن هنا أن الاستهزاء بـ«الربيع العربي» يأتي من أفواه وأقلام يُفترض منها أن تكون ملمّة وخبيرة بحركات النضال.. بشروطها ومعطياتها وبمسبباتها وإفرازاتها!.. لا أن يلجأ هؤلاء إلى استخدام مفردات مُحبطة ليس بحق المساهمين نضالاً في شوارع العواصم العربية وحسب.. بل ولكل المتابعين والمراقبين لأكبر حركة تحرر تشهدها المنطقة العربية في تاريخها الحديث.

نعم.. سيطرت تيارات الإسلام السياسي على المشهد النضالي العربي الراهن. ونعم، تم اغتصاب التحرك الشبابي العربي من قبل جماعات الإسلام السياسي في كل العواصم العربية. لكن، ذلك لا ينكر أن ما تشهده المنطقة يشكل ثورة حقيقية على كل المفاهيم التقليدية التي كانت سائدة. وعلى وعي الشعوب لضرورة المطالبة بحقوقها وحرياتها. وأيضا يشكل قفزة نوعية في طبيعة المطالب الجماهيرية، التي لم يعد يؤرقها غياب الخبز، بقدر ما يؤزمها ويحركها غياب الحرية، وشح الكرامة الإنسانية في أبسط أشكالها!

ومن السذاجة بمكان اختصار حجم التغيير القادم في عام أو اثنين، أو تجاهله ورفضه بسبب تيار سياسي مهما كان اختلافنا معه. فالحقيقة الوحيدة الآن التي يجب أن نتجاوز معها كارثة سيطرة الإخوان المسلمين أو غيرهم من تيارات الإسلام السياسي، هذه الحقيقة تتلخص في أن الشعوب العربية قد أدركت أخيراً حجم الخسائر البشرية والاقتصادية والسياسية، بل وحتى الاجتماعية التي تتكبّدها تلك الشعوب بسبب استسلامها لمنطق العنف وأدواته العسكرية والسياسية.. وبسبب تنازلها عن حقوقها الفردية واستحقاقاتها السياسية والاقتصادية. هذه هي الحقيقة الوحيدة التي سينطلق منها البناء السياسي العربي الصحيح، الذي لا نزال في أول لبناته الكثيرة.

حكم «الإخوان»، أو سيطرة «السلف»، لن يستطيعا أن يلغيا هذه الحقيقة.. فالناس أصبحوا جوعى حريات وديموقراطية ومساواة وعدالة وشفافية، وليسوا جوعى رغيف خبز أو فرصة عمل!

وإذا كان «الإخوان» و«السلف» قد استطاعوا أن يجدوا مدخلا الى قلوب الناس بتوفيرهم الخبز والملبس لملايين الجياع العرب.. فإن برامجهم ستعجز حتماً عن إشباع جوع الناس للحرية والديموقراطية، لأنهم ببساطة لا يملكون أن يوفروا ذلك! فالذي يحدث من «الربيع العربي» هو لتغيير أكبر وأشمل مما يرد في الأجندات «الإخوانية» أو «السلفية».

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك