لن يجد من يؤمن بمقولة «الكبار أبخص» آذانا صاغية.. الخضاري متوقعاً
زاوية الكتابكتب مايو 22, 2012, 12:59 ص 691 مشاهدات 0
الراي
فكر وسياسة / الطبقة الوسطى... الشباب الجدد... الكويت الجديدة!
د. سليمان ابراهيم الخضاري
لست من هواة التفسير الماركسي للتاريخ، ولا أتبنى تأويلاته لطبيعة الصراع الاجتماعي المرتكز على محورية الاقتصاد وصراع الطبقات وملكية وسائل الانتاج وغيرها، إلا أن الرفيق ماركس قدم للعالم رؤية لا نستطيع إنكار أهميتها حول طبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية الكبرى التي تطرأ على المجتمعات بشكل عام.
نقول هذا ونحن نشهد ملامح تشكل لكويت جديدة، كويت اختلف اللاعبون الأساسيون فيها أو يكادون، كويت تخطت بالفعل «سورها» الشهير بالمعنى الثقافي والاجتماعي والسياسي، هذا السور الذي لا يزال البعض يحاول أدلجته قسرا لجعله معيارا لـ «عيال بطنها» الذين يحق لهم أكثر من غيرهم، أو دون غيرهم ربما، التمتع بخيرات الوطن والخوض في أمور الدولة ورسم حدودها الثقافية والاجتماعية، في تفسير طوباوي لماضي الكويت الذين يصورونه بكثير من الرومانسية الساذجة على أنه كان يمثل الخير المطلق، في مقابل وضعنا الحالي الذي يشيطنه البعض باعتباره شرا مطبقا.
ولعلنا لا نختلف مع الكثيرين في توصيف واقعنا الحالي بالانحطاط والتأخر على معظم المجالات تقريبا، إلا أننا نرى ملامح تشكل لثقافة جديدة قد تفضي لنقلة نوعية في المجتمع الكويتي في الاتجاه الايجابي إذا ما توافرت هذه النقلة طبعا على أسباب التحول الرشيد لحالة عامة تلقي بظلالها على مجمل الحراك السياسي والاجتماعي في الكويت.
ملخص هذه الملامح الجديدة التي أشير إليها هي في بروز جيل جديد من الشباب الكويتي المنتمي في غالبه للطبقة الوسطى في المجتمع بكل فئاته وتشكيلاته، هذا الجيل بدأ ببساطة يطرح الأسئلة الحقيقية التي يجب أن نواجه أنفسنا بها، والمتمحورة باختصار حول أسباب تأخر البلاد رغم تحصلها على موارد مالية مهولة وكوادر بشرية مؤهلة في أعلى المستويات.
هؤلاء الشباب موجودون في عالم الحقيقة لا الخيال، وتراهم في كل مكان، الدواوين، الأندية الرياضية والاجتماعية، المؤسسات التعليمية والمهنية وأماكن العمل، مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، والكثير منهم، ليس كلهم بالطبع، يجاهد للخروج من الثنائيات المفروضة علينا قسرا والمقصود منها تشتيت انتباهنا عن نهب ثرواتنا وتدمير بلادنا، وهي بالطبع الثنائيات المملة من شيعة سنة، وحضر وبدو، وشبيهاتها.
نعم، قد تبدو آراء الكثير من هؤلاء الشباب متأثرة بالنزعة الاستهلاكية السائدة، من مطالبات مالية وغيره، لكنها في جوهرها تعبر عن رغبة في المحاسبة ورفض للاستئثار بأموال الدولة، خصوصا في ظل فشل الدولة في تقديم مشروع تنموي يستطيع الشباب تلمس ملامحه، أو في ظل الفساد الذي يجمع الكويتيون عليه والضارب بأطنابه في مؤسسات الدولة العتيدة، والذي لا يرى الشباب جدية من الدولة في التصدي له، بل إن البعض يعتقد في ضميره أن الفساد مؤسسة قائمة بذاتها ترعاها الدولة أو بعض كبار الفاعلين فيها!
هؤلاء الشباب، رغم فوضوية البعض منهم، ورغم تجاوز البعض الآخر منهم حدود المباح من النقد وفق السائد من اعتبارات قانونية أو اجتماعية، هم أمل الكويت لمستقبل مختلف، أتمناه أن يكون أفضل كثيرا من واقعنا الحالي، ومن لم يحاول فهم طبيعتهم وتكوينهم واختلافهم سيطوفه القطار فعلا...
فقريبا... لن يجد من يؤمن بمقولة «الكبار أبخص»... آذانا صاغية!
تعليقات