عن المنهج الحضاري الإسلامي تكتب فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 875 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  المنهج الحضاري الإسلامي

فاطمة عثمان البكر

 

يشوب تطبيق المنهج الحضاري الإسلامي على أرض الواقع كثيرا من الشوائب واللغط وسوء الفهم، فقد قام كثيرون ممن يحاولون الإساءة إلى هذا المنهج الحضاري المعاصر بأخذ التركيز على القشور والشكليات والمظاهر، مما أساء إلى المنهج برمته، فلا الملابس ولا الفرح ومظاهره بكل أشكاله، التي يهفو إليها إنسان اليوم في خضم تلك المآسي والكوارث والضغوط التي يتعرض إليها، ولا تدخين الأرجيلة ولا نفث الهموم تحت ضغط تلك الغيوم التي تخيم على الأجواء، ولا هذا فستان قصير أو ثوب لونه كذا.. إلخ، كل تلك الشكليات التي يركز عليها لا تمتّ من قريب ولا من بعيد بجوهر المنهج الإسلامي الحضاري وتطبيقه على أرض الواقع المعاصر.

المنهج الحضاري الإسلامي يؤكد قضية العدل والإحسان، مركزاً على قضية «الإنسان وقيمه»، لأن الإسلام قادر على التعايش مع كل العصور، فهو مشارك فعّال في إقامة نظام عالمي.. عادل من خلال خطابه الحضاري، ولا يوجد تناقض بين الإسلام والعصر، وإذا ما وُجد مثل ذلك التناقض في صدره يكون الفهم الخطأ، فقد ارتبط مفهوم المعاصرة بالتنمية والتقدم، أصبحت الحضارة الغربية فيه على أعلى سلم التطور، وبرزت الأمم والدول الأخرى التي لم تتطور بعد، أو من هي دون التطور.

المنهج الإسلامي العادل الحضاري يهتم بمشاكل الواقع «الآني» الماثل، ويحاول حلها حلولا عصرية من خصائصه الشمولية والتأكيد على وحدة الأصل البشري والتعايش بين الأمم وتحقيق المصالح المشتركة، نقطة ارتكاز في حركة التوازن والاستقرار (أمة وسط)، ولتحقيق هذه الغاية السامية والنبيلة، لابد من الانفتاح بكل موضوعية وحكمة باتجاه العالم لتحسين وتقوية العلاقات بين المجتمعات الدولية من خلال تقديم صورة مُشرِّفة للمنهج الإسلامي، والسلوك الإسلامي الحقيقي، قيما ومبادئ وتعايشا إنسانيا راقيا! والتخفيف من التناقضات الثقافية والمنهجية بين نظرتهم وتصوّرهم للعلاقات الدولية والمشاركة في إقامة نظام عالمي عادل، ولتحقيق هذا الهدف لابد من العمل الحثيث على وحدة صياغة الخطاب الإسلامي للعالم الذي يرتكز على ثوابت قيمية تشكل أساس التصور للسير الحضاري وتحديد الأهداف العليا لتحقيق مصالح الإنسان: مهمته ومصالحه وطموحاته وغاياته، وهو يؤدي دوره في البناء والتقدم.

ومن أبرز ثوابت المنهج الحضاري الإسلامي الاهتمام بـ«الإنسان» وحفظ كرامته، فالإنسان هو العنصر الإيجابي، وهو الأساس.. والاهتمام بالإنسان والحفاظ على وجوده يعدلان وجود الكل الإنساني، بصرف النظر عن هوية انتمائه الديني أو العرقي، وتهيئة المجال الملائم له لاستخدام كل طاقاته الإبداعية والعلمية والتقنية وتفجير الطاقات والملكات عطاء وإبداعاً في شتى المجالات، لا فصل ولا انفصال، لا شطر ولا انشطار بين الجانبين المادي والمعنوي، وإزالة كل المعوقات وتخطي كل عوامل الإحباط.. لا واسطات، ولا نواب خدمات ولا الارتكاز على مصالح شخصية وذاتية تخلخل ميزان العدل في دفع الكفاءات وتحفيز الشباب إلى العمل تحت ميزان العدل، بلا استثناء.

المنهج الحضاري الإسلامي ركز على العدل والإحسان والاستقرار والسلام واحترام المواثيق والعهود، احترام الإنسان، الحوار بالتي هي أحسن، رفض الدعوة إلى العنف، التصادم الحضاري والصراع الحضاري، تكيف مع عشرين عصراً وأحاط الجميع واستطاع أن يستوعب ديانات وعقائد وتقاليد شعوب مختلفة، فلا يمكن اليوم أن يحدث تصادم وتناقض والخروج عن جوهره الأصلي الرحب!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك