المستثمرون يتجهون إلى توزيعات الأرباح الأكبر .. بقم جيمس مكانتوش
الاقتصاد الآنمايو 7, 2012, 4:50 م 887 مشاهدات 0
لا تتاح لبن بيرنانكي فرص كثيرة للتبجح بشأن النجاحات التي يحققها بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأرقام الوظائف المخيبة للآمال التي صدرت بالأمس لن تساعد رئيس مجلس إدارة البنك المركزي الأمريكي.
لكن الاحتياطي الفيدرالي يستطيع أن يعلن النصر فيما يتعلق بجزء واحد من سياسته المتمثلة في جعل أسعار الفائدة صفراً، وطباعة الأموال، وشراء السندات: فقد أجبر المستثمرين على الإقدام على مزيد من المخاطر عبر البحث عن دخل خارج عالم السندات الحكومية الكئيب - لكن الآمن.
لقد دفع البحث عن العائد المستثمرين أولاً إلى السندات التي تصدرها الشركات، لكنه دفعهم أيضاً على نحو متزايد إلى السندات التي توزع أرباحاً عالية.
ويقول نيك لوسون، مدير الأدوات المهجنة والبيع بكميات كبيرة والبيع المتقاطع في دويتشه بانك: 'كان لدينا كثير من الأشخاص الذين جاءوا من الدخل الثابت إلى الأسهم. في اعتقادي أنه عائد مباشر. لقد أجبرنا جميعاً على صعود منحنى العوائد'.
كانت المحصلة تحسناً مذهلاً في الأسهم ذات المردود العالي. وفي الحقيقة، كان أداء خُمس الأسهم ذات العائد العالي في البلدان المتقدمة متفوقا على أداء الأسهم ذات العائد الأقل في أغلب الأحيان منذ تفجر فقاعة الإنترنت، وذلك حسب البيانات الصادرة عن ستايل ريسيرتش في لندن.
والسؤال الذي يواجهه المستثمرون الآن هو ما إذا كان الوقت قد فات للانضمام إلى الركب. فقد شهدت الأشهر الأولى من هذا العام انكماشاً جزئياً للثروات، إذ تعافت أسهم 'النمو' ذات العائد المنخفض بدرجة تفوق كثيراً تعافي الأسهم الرصينة التي توزع الأرباح.
ورغم ذلك، ما زالت علاوة القيمة لأسهم النمو قريبة من أدنى مستوى لها في 20 عاماً على الأقل. ومقاسة إما بنسبة السعر إلى القيمة الدفترية، أو بنسبة السعر إلى الأرباح، تقلصت علاوة القيمة الخاصة بالأسهم التي توزع أرباحاً قليلة إلى الصفر تقريباً، بعدما وصلت القيمة النسبية للأسهم التي توزع أرباحاً عالية إلى أعلى مستوى لها في 20 عاماً في كانون الأول (ديسمبر).
ويقول باتريك رودين، مدير إدارة الاستراتيجيات المدمجة في ألايانس بيرنشتاين، التي تعمل في إدارة الاستثمارات: 'حتى بعد العملية التصحيحية الأخيرة، ما زالت (الأسهم التي توزع أرباحاً عالية) مقومة بأعلى من قيمتها بالمقاييس التاريخية'.
ويتابع: 'لقد ارتفعت أسعار الأسهم التي توزع أرباحاً عالية حالياً بشكل كبير؛ لأن الناس تريد دخلاً. وهذا يمكن أن يستمر، لكنك تشعر أن الوقت متأخر قليلاً بالنسبة للحفل'.
وتراهن بيرنشتاين على الموجة التالية من الشركات التي لديها كثير من الأموال النقدية - لكي توزع أرباحاً أكبر، وبالتالي تصبح أكثر جاذبية. وستبدأ شركة أبل التي توجد لديها نقدية حجمها 110 مليارات، أولا بتوزيع أرباحها في صيف هذا العام، وستكون ثالث أكبر موزع للأرباح في العالم بعد شركة إكسون - موبيل وشركة AT&T، رغم أن العائد على سهمها ما زال متدنياً جداًَ بنسبة 1.8 في المائة.
وجاءت نقلة العام الماضي المذهلة في الأسهم ذات العائد العالي عندما كدس المستثمرون من القطاع الخاص الأموال في صناديق الأسهم المشتركة والصناديق المدرجة في البورصة التي تعد بالدخل. ففي الولايات المتحدة بلغ الاستثمار الصافي في هذه الصناديق 31 مليار دولار في العام الماضي، حسب مورننغ ستار، بينما سُحب من صناديق الأسهم الأخرى مبلغ 81 مليار دولار - كانت السحوبات من الصناديق التي تعمل في مجال الأسهم أكبر من السحوبات التي تمت خلال أزمة عام 2008، وتعتبر هذه السحوبات الأضخم من نوعها في البيانات التي ترجع إلى عام 1992.
ونظراً لزيادة الثقة في شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، عاد المستثمرون إلى الصناديق التي يزداد تركيزها على النمو، لكن الاستثمارات في الصناديق المشتركة والصناديق المدرجة في البورصة التي تعد بتأمين دخل ازدادت وتيرتها، حيث تم استثمار 13 مليار دولار حتى الآن فيها.
وعبر تفضيلهم للأسهم التي توزع أرباحاً عالية، فإن المستثمرين يعملون بعكس ما تقول به النظرية المالية. فقد فاز فرانكو موديغلياني وميرتون ميلر بجائزة نوبل في الاقتصاد في عام 1985؛ لأنهما قالا إن دفعات توزيعات الأرباح في سوق تتسم بالكفاءة غير مناسبة.
لكن بالنسبة لآخرين، توزيعات الأرباح تهم كثيراً، إذ يقوم جون بيرنانك، الذي يدير صندوق التحوط باسبورت كابيتال في كاليفورنيا، بشراء الشركات التي تعيد أموالها النقدية إلى المساهمين من خلال توزيعات الأرباح، أو عمليات إعادة شراء الأسهم. وهو يقول: إن هذا يبرهن على التزام الإدارة تجاه المساهمين، بدلاً من تبديد الأموال على الاستحواذات التي تدمر القيمة.
وينبغي لمن ينظرون إلى الاقتصاد نظرة تشاؤمية أن يحبوا الشركات التي توزع أرباحاً عالية، وذلك لسببين. الأول، أن الشركات التي تدفع معظم نقديتها الحرة إلى المساهمين لن تستثمر كثيراً. وفي عالم يتسم بالنمو المنخفض ينبغي أن يميل المساهمون إلى أدنى قدر من الاستثمار؛ لأن جزءاً كبيراً منه سيضيع سدى.
والسبب الثاني، وهو ذو صلة، أن هذا يعني أن الشركات تدار من أجل الأموال النقدية. ومن السهل توقع العوائد من هذه الشركات؛ لأنها ليست في المستقبل بعد، وبلغة سوق السندات فقد تم تقليل أمد الاستثمار. وفي ظل عدم وضوح النظرة المستقبلية للعالم، ينبغي أن يقيم المستثمرون هذا اليقين الزائد بشكل أعلى.
ويقول ألان براون، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة شرودرز: 'يبدو أن هناك إحساساً بأنه إذا كنا في عالم منخفض النمو، فإن مكوناً أكبر من الدخل الذي يحتمل أن نحققه يأتي من توزيعات الأرباح وليس من نمو رأس المال'.
ويبدو أن الشركات بدأت تفهم الرسالة. فقد ارتفعت توزيعات الأرباح في الولايات المتحدة حتى الآن في هذا العام بنسبة 8 في المائة، وفقاً لحسابات جيه بي مورغان، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر. فإلى جانب شركة أبل، بدأت 27 شركة أخرى في مؤشر ستاندار آند بورز 500 بدفع توزيعات الأرباح منذ بداية العام الماضي. وهذا يجعل مجموع الشركات التي تدفع توزيعات الأرباح 401 شركة، وهو أعلى رقم منذ كانون الثاني (يناير) 2000، وفقاً لحسابات هووارد سيلفربلات في ستاندار آند بورز.
وهذا سيف ذو حدين. فالمستثمرون يحبون الأموال في جيوبهم، بغض النظر عما تقوله النظرية العلمية. لكن إذا لم يكن بالإمكان إقناع الشركات بأن تستثمر فمن المرجح أن يترنح الاقتصاد، في أحسن الأحوال.
ولعل بيرنانكي يريد أن يلزم الهدوء بشأن هذا النجاح.
تعليقات