أزمة الإسكان .. بقلم سليمان محمد المنديل
الاقتصاد الآنمايو 7, 2012, 4:31 م 1060 مشاهدات 0
زرت معرض الإسكان مؤخراً، وقبله زرت معرض الكتاب، ولاحظت أن مشاركة السعوديين، وبالذات العائلة، والمرأة، كان ضعيفاً في معرض الإسكان، مقارنة بمعرض الكتاب، وتكوّن لديّ سؤال: كيف يمكن أن تكون قضية الإسكان، وهي المشكلة الكبرى لكل مواطن، أقل أهمية من قضية الكتاب؟؟
وقد تبين لي السر في عدم الإقبال على معرض الإسكان، فكل المشاريع المعروضة هي خارج القدرة المالية لأغلب السعوديين، ولذلك تبنى السعوديون ما قاله أبو الطيب المتنبي: «وخير جليس في الزمان كتاب».
- لو جلست بين صلاتي المغرب والعشاء عند مكتب عقاري يركّز على تأجير الشقق، والفلل، فستلاحظ أن صاحب المكتب سينفي وجود مساكن للإيجار، عندما يكون السائل مواطناً سعودياً، ويرحّب بغير السعودي، وعندما تسأله عن سبب ذلك، يقول أن غير السعودي يخاف، ويدفع الإيجار، في حين أن السعودي يماطل، ولو حاولت تحصيل حقوقك، فإن ذلك يتطلّب الكتابة إلى الشرطة، ومن ثم تنتظر تشكيل لجنة من الشرطة، والعمدة، والمحكمة الكبرى (نعم هذه الجهات المثقلة بمختلف المشاكل)، وهي في واقع الأمر لن تخرج، لأنها تتذرع بوجود مشاكل أكبر لديها، لذلك على المالك أن يقبل ما يعطيه المستأجر، ونتيجة لذلك قرر المطورون العقاريون تحاشي المستأجر السعودي، ومن ثم توجه ذات المطورون العقاريون، ولديهم الأراضي والأموال (وليس عليهم زكاة، أو رسوم) للاستثمار في المباني المخصصة للمكاتب، لأن الشركات أسهل في التعامل، وفعلاً منذ عام 2004م، ومع تحسن أسعار البترول، قدمت شركات كثيرة للمملكة، مما جعل ذلك الاستثمار مجدياً، بحيث ارتفعت أسعار التأجير التجاري من 500 ريال للمتر، إلى 1,500 ريال للمتر، ولكن ماذا يحدث اليوم، وسينعكس على الأعوام القادمة؟! وسأقصر حديثي عما يحدث في مدينة الرياض، وإن كان ذات الحال ينطبق على المدن الرئيسية الأخرى؟!
- في الرياض قام المطورون منذ عام 2004م، ببناء مشاريع مخصصة للمكاتب، بشكل مبالغ فيه، واليوم تستطيع أن تشير إلى مشاريع ضخمة، منها مركز الملك عبد الله المالي، ومشاريع التأمينات الاجتماعية، في كل من حي غرناطة، وبرجيّ شارع التحلية، ناهيك عن العمائر المنتشرة على الشوارع الرئيسية، وأهمها طريق الملك فهد!!
ولا ننسى أنه بسبب الطفرة في أسعار البترول، فإن عدداً كبيراً من الجهات الحكومية توفرت لديها الاعتمادات المالية لبناء مقرات جديدة لها، بدلاً من الاستئجار من تلك المشاريع التجارية.
المحصلة النهائية لكل ذلك، هي أننا نجد اليوم أن استثمارات عقارية ضخمة قد توجهت للعقار ذي الاستخدام التجاري، في وقت لن تجد طلباً كافياً عليها، وأحجمت عن استثمارات ضرورية، لتوفير المسكن المريح، والمتاح سعرياً، للمواطن، والوافد، وكل ذلك بسبب سوء الإجراءات التنفيذية لتنظيم العلاقة بين المؤجر، والمستأجر.
لكل ذلك أتمنى على منظمي معرض الإسكان، ومعهم وزارة الإسكان، أن يلغوا معرض العام القادم، وأن ينظموا بديلاً عنه منتدى حول مشكلة الإسكان، فالمواطن لم يعد يتحمل الوضع الحالي للإسكان، ولم يعد يستهويه منظر تلك المجسمات للفلل، والعمائر السكنية، وهي خارج قدراته المالية
تعليقات