شركات الأدوية تحتاج إلى «حقنة» الهندسة المالية بقلم جون جابر
الاقتصاد الآنمايو 5, 2012, 2:24 م 1489 مشاهدات 0
''سوف تحتاج إلى قارب أكبر'' هذا ما قاله قائد الشرطة الذي كان يلعب دوره روي شيدر في فيلم الفك المفترس حينما رأى سمكة القرش لأول مرة.
ونحن أيضا في مواجهة أمراض السرطان والسكري والزهايمر، نحتاج إلى آلية استثمار أكبر.
كلما ارتفع متوسط الأعمار المتوقع وانخفض عدد الوفيات من حالات مثل تلك التي تعاني أمراض القلب زادت التحديات التي تواجه شركات الرعاية الصحية وأصبحت أكثر تعقيدا. لذا فإن مستثمري الأسهم - أصحاب رؤوس المال المغامرين وجمهور المساهمين - يساورهم القلق من ضياع أموالهم في البحث عن عقار جديد.
وقد جاءت استقالة ديفيد بيرنان، المدير التنفيذي لشركة أسترازينيكا، كمقدمة لموسم جديد من المكاسب الزهيدة لشركات الأدوية، التي تسقط في الهاوية التي الما خافتها ''هاوية براءات الاختراع''. حيث توشك المصادقات على عقاقير القلب مثل مثل ليبيتور الذي تنتجه شركة فايزر وبلافيكس الذي تنتجه شركة سانوفي على الانتهاء، دون أي إشارة إلى تصنيع أي منها مجددا.
وكان أصحاب رؤوس المال المغامرون قد خفضوا استثماراتهم في مجال التكنولوجيا الحيوية وذلك بعد فشلهم في الحصول على عائد مناسب، علاوة على وقوع الإنفاق العام تحت ضغط كبير في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة. وقد أقرت بذلك مارجريت هامبرج - مفوضة إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية – قائلة ''إننا نستثمر الكثير في كل من القطاعين العام والخاص ولكن لا نرى النتيجة المناسبة''.
ربما يكون وقت التفكير في المستحيل، أي أنه إذا كان مستثمرو الأسهم غير راغبين في الاستمرار في دعم الأبحاث الطبية، فعلى غيرهم أن يفعل ذلك بدلا منهم. ويقول أندرو لو، أستاذ المالية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ربما مستثمرو الديون من خلال التزامات الدواء المضمونة.
قد تبدو هذه الفكرة غريبة، باعتبار دور التزامات الديون المضمونة في تضخيم فقاعة الإسكان وحقيقة أن المشاريع البحثية – الأصول الضمنية في خطة الأستاذ لو - تبدأ دون عوائد. لكن شركات صناعة الأدوية وعلى مدى عقد كامل تحاول إيجاد فكرة أفضل، فلماذا لا تجرب؟
كان الأستاذ لو وزملاؤه الباحثون قد طرحوا هذه الفكرة في المؤتمر العالمي لمعهد ميلكن في لوس أنجلوس هذا الأسبوع، ما أثار ضجة في أوساط المديرين التنفيذيين لشركات الأدوية والعلماء الذين تجمعوا لمناقشة الصعوبات التي تواجه هذه الصناعة.
وكان مايكل ميلكن صاحب المؤسسة الفكرية التي تدير الحدث رائدا في سوق السندات المالية ذات العائد المرتفع (ثم حكم عليه بالسجن لاحقا بتهمة تزوير الأوراق المالية). كما منح أموالا للأبحاث الطبية وضغط من أجل تسريع ابتكار العقار حتى أصيب بسرطان البروستاتا.
هناك حاجة ماسة لأموال جديدة لدعم الأبحاث في مراحلها المبكرة - المراحل التي يتم فيها تحديد الأدوية الجديدة المحتملة قبل تطويرها أو استخدامها في التجارب السريرية. وقد أرجئ أصحاب رؤوس الأموال المغامرون بسبب انخفاض عدد الشركات المبتدئة التي حصلت على عروض مبدئية عامة – حيث انخفض معدل استثمار المشاريع في الولايات المتحدة بنسبة 43 في المائة في الربع الأول.
وتحتل حاليا شركات الأدوية التي كانت يوما صاحبة النمو المتزايد في أسواق التداول تصنيفا أقل من شركة كوكاكولا أو شركة يونيليفر. ويقول كريس فيباتشر، المدير التنفيذي لشركة سانوفي ''إن من أكثر الأشياء إحباطا أن هؤلاء الذين يأتوك بالمشروبات الغنية بالسكر ورقائق البطاطا يفوقون بأضعاف تلك الصناعة التي من شأنها أن تنقذ حياتك''.
وكانت الشركات التي صبت تركيزها على أبحاث الدواء بدلا من التنوع في مجالات مثل دواء المستهلك واللقاحات هي الأكثر معاناة. وقد جاءت استقالة السيد برينان عقب ضغط من المستثمرين لوقف البحث.
وكان لهذا الضغط، جنبا إلى جنب مع حالات العجز العام أثرا كبيرا، حيث انخفض البحث والتطوير من قبل شركات الأدوية في الولايات المتحدة العام الماضي بقيمة بلغت 1.2 مليار دولار، حينها قلت ميزانية المعاهد القومية للصحة وللمرة الأولى، مع العلم أنها الأداة الرئيسية للاستثمار العام في مجال البحوث الصحية.
إن المستثمرين يحكّمون العقل، فالعائدات من الأبحاث لا تؤت أكلها منذ عصر رواجها في الثمانيات. وارتفعت نسبة قصور الأدوية الجديدة في التجارب السريرية باطراد، بينما اجتهدت شركات الأدوية من أجل زيادة الإنتاجية - بأن نظمت البحث تماما كما تفعل الشركات المبتدئة في مجال التكنولوجيا الحيوية - ولكن ذلك لم يكن كافيا.
أما على الصعيد المجتمعي فالنتيجة كارثية. فقد أصبح علم الوراثة معقدا جدا، حيث يتطلب الكثير من الأبحاث باهظة التكاليف لاكتشاف علاج لمرض مثل الزهايمر. لذلك فإن بإمكان مستثمري الأسهم تحسين آداءهم عن طريق نقل أموالهم إلى مجال آخر.
إن فكرة الأستاذ لو تحمس المستثمرين أصحاب الديون الذين يرضون بالعائد الأقل، وتوجه الاستثمار للمشروعات البحثية بدلا من الشركات. كما أنه سيقوم بتقليل المخاطر عن طريق طرح 150 فكرة وادخار المال الكافي لتطوير تلك الأفكار على مدى عشر سنوات- ربما 50 – 100 مليار دولار.
قد يفشل الكثير ولكن إذا عمل القليل سيسددون هيكل التزامات الديون المضمونة. لقد انتهت فقاعة الإسكان بشكل سيئ ولكنها أثبتت، وبكلمات الأستاذ لو ''باستخدام الهندسة المالية، يمكننا أن نصنع تكتلات هائلة من رأس المال''.
إن الفكرة لم يتم إثباتها، وفكرة الأستاذ لو المكتوبة في هذا الشأن لم تنشر بعد، ومن السهل تدارك العقبات فيها. سيكون على رأس المال الانتظار طويلا قبل أن تتجسد الأموال، وسيتطلب مقابلا من وكالة تصنيف ليحدد المشروعات الجيدة.
ولكنها مناشدة، ليس فقط لصناعة في حاجة للمساعدة، بل للائتمان المركب نفسه. لقد أعطت فقاعة الإسكان التزامات الديون المضمونة والهندسة المالية سمعة سيئة باستحقاق. وقد يحسن ''وول ستريت'' من صورته إذا استخدمت التقنيات نفسها في النهوض بالأبحاث الطبية.
تعليقات