الخليج وإستدارات المالكي الإستراتيجية

عربي و دولي

3401 مشاهدات 0

هل تسقط إيران المالكي؟

لو وضعت كلمة المالكي في أداة بحث الكترونية لعادت إليك بنتائج عن المذهب المالكي كأحد مذاهب السنة  اكثر من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وما تلك النتيجة إلا واحدة من جوانب الايحاءات المضللة  التي تلف شخصية رئيس الوزراء الذي لا يناوئ المذهب المالكي فحسب بل و يناوئ حتى بعض القوى الشيعية هناك ويغير جلده كلما استدار كتغييره أسمه من جواد الي أبوإسراء إلى نوري .ولعل آخر الايحاءات المضللة للمالكي  إصراره العروبي على لم شمل العرب  في قمة  بغداد  الـ23 في 29 مارس 2012م .ثم الارتماء  في 22 ابريل 2012م أي بعد أقل من شهر على صدر المرشد الاعلى للثورة الاسلامية  آية الله السيد علي حسيني خامنئي لينال ثنائه حين قال له: إن القمة العربية في بغداد وضعت العراق في رأس الجامعة العربية، ورئيس الوزراء رئيساً لهذه الجامعة.

أن إستدارة بغداد عن العرب  ناحية إيران وهجومها على دول الخليج ليس بالامر الجديد في مسيرة حكومة المالكي التي تعتبر طهران حليف إستراتيجي،لكن التضليل كان في الدعوة التي اطلقها المالكي قبيل  قمة  بغداد وذهب فيها الى الادعاء بوحدة العراق خلفه واستقراره السياسي وبأن بغداد إحدى اركان النظام العربي، وجزء لايتجزأ من أمن الخليج ،فالاستدارة الاستراتيجية الجديدة للمالكي نحو طهران  كشفت أمور عدة منها :

1-  ترحيله للأزمات الداخلية خارجيا باللعب على وتر الطائفية. حيث راح  المالكي يسوق في طهران عن حلف خماسي يضع اللمسات الاخيرة لاسقاطه بربيع طائفي يغرق العراق في مستنقع مذهبي. وأعمدة  هذا الحلف كما يقول هي  تركيا والسعودية وقطروالقائمة العراقية والقيادة الكردية. لكن الحقيقة ان المالكي  يعاني داخليا من معارضةٍ شيعية قوية منها المجلس الأعلى، والتيار الصدري وطموح للزعامة في صفوف حزب المالكي نفسه.كما أن هناك خلافات مع الأكراد والسنّة والتركمان،. حيث  لخص الجعفري، رئيس الوزراء السابق  وضع العراق تحت حكم المالكي قائلا: ألم يعد العراق يتسع للحكيم و النجيفي و علاوي و البرزاني  مع المالكي طبعا ! والازمة الداخلية التي ولدت هروب المالكي خارجيا هي نتيجة فقدان الحكم الراشد أو الحاكمية' Good Governance ' في المنطقة الخضراء .والذي لا يمكن أن يتم إلا بفرض القانون والديقراطية والتعددية والشفافية والمحاسبة الشعبية والحرية و ترقية حقوق الإنسان. فكيف يكون الحاكم راشدا وهويقول  لبقايا الصداميين من ضباطه الذين طلبوا الضوء الاخضر لطرد الاكراد خارج أربيل: انتظروا لحين وصول طائرات F16التي اشتريناها من أمريكا لدك معاقل البرزاني في مصيف صلاح .

2-  لم ينبس المالكي ببنت شفة حين أستنكرت العرب خطاب نجاد بإيرانية جزيرة أبو موسى وفارسية الخليج خلال زيارته المشئومة لها . لكنه سارع ليفك إيران من أزمتها النووي المستعصية باستعدادا العراق لاستضافة  محادثات الدول الست (5+1) مع إيران في شأن برنامجها النووي في 23 مايو2012م . وهو قرار يدخل في باب النكاية السياسية  من تركيا لوصف أردوغان حكومة المالكي بارتكاب أخطاء سياسية تزيد التوتر المذهبي في العراق عبر إقصاء السنّة من العملية السياسية . كما أن الاجتماع في بغداد هو تنفيذ أوامر إيرانية لمعاقبة أنقرة بعد نصبها الدرع الصاروخية الأطلسية على أرضها. ووقوفها في معسكر تغيير نظام دمشق .فلماذا غاب البعد الخليجي عن أهتمامات المالكي الاقليمية ولماذا لم يكن له تدخل يخفف علينا غطرسة طهران ولو بنصف جهده  الذي بذله لحمايتها من ضربات الغرب!

3- ترجع فجاجة المالكي مع الخليجيين منذ وصوله للسلطة في بغداد الى دوافع إيرانية،ثم جاءت الازمة السورية لتتكشف توجهاته لخلق محورطهران بغداد دمشق  جاعلا عاصمة الرشيد  نقطة الارتكاز فيه  .فتصريحاته بعيد القمة العربية كانت مؤيدة لنظام دمشق بطريقة فجة  صرخ عبرها (لن يسقط الاسد ) نقيضا للوداعة التي تجلل بها نفسه قبيل وخلال القمة ، في عودة لمنهج التضليل الذي يتسربل به .مما أوصل دول الخليج للقناعة ان المالكي يخدم باخلاص محور دمشق بغداد طهران، وإذا لم يتم اخذ ذلك بعين الاعتبار فسينجح في إطالة عمر نظام الاسد بتفويت فرص  الضغط واحدة بعد الاخرى ،بل قد يحيل العراق لعمود فقري للدعم اللوجستي الايراني .

 وبحثاً عن خاتمة  فقهية قد تحد من إستدارات المالكي التضليلية التي يتمسك بها من باب البراغماتيه السياسية، يمكننا القول إن  الضرورات الاقليمية تبيح في الخليج  تغيير المالكي، لان التغيير في دمشق وهو هدف إستراتيجي  خليجي ملح لن يتم إلا بالاستدارة شمالا وخلق ظروف ربيع عربي بحق  يمر على بغداد وطال انتظار أهلنا هناك له  .

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك