صناديق التحوط تراهن ضد منطقة اليورو.. بقلم سام جونز

الاقتصاد الآن

974 مشاهدات 0


لا يخطر على بال المرء في العادة أن يكون مديرو صناديق التحوط من المؤيدين لفرانسوا هولاند، المرشح الاشتراكي للرئاسة الفرنسية. لكن كثيراً من صناديق التحوط تتوقع الآن أن يكون النصر من نصيب هولاند في الجولة الثانية المقبلة من الانتخابات الفرنسية، وأن يصاحب ذلك تدهور حاد في المزاج العام المحيط بالجدارة الائتمانية لفرنسا في سوق السندات.

ما يؤكد ذلك أن مراهناتهم ضد سندات البلدان الرئيسية في منطقة اليورو – وليس فقط فرنسا، وإنما كذلك ألمانيا وهولندا – تمثل مستوى جديداً وأكثر عمقاً من التشاؤم بخصوص آفاق منطقة العملة الموحدة.

وأعطت عمليات إعادة التمويل طويلة الأجل من البنك المركزي الأوروبي البنوك والأسواق جرعة معززة ضخمة في الربع الأول من العام وأشعلت فتيل اندفاع هائل في الائتمان، لكن عدداً متزايداً من صناديق التحوط يثير في الوقت الحاضر تساؤلات حول أثر هذه الجرعة.

وفي مذكرة أخيرة إلى المساهمين، قال صندوق بريفان هوارد، وهو أكبر صندوق تحوط في أوروبا، يستخدم استراتيجيات استثمارية على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم: 'إن القسم الأعمق من مشاكل الدفعات في منطقة اليورو يظل دون حل، ولا يمكن حله عن طريق المساعدة في السيولة'.

هناك مجموعة من صناديق التحوط، لكن صندوق بريفان ليس من بينها، يفترض أن تكون ضمن أذكى المستثمرين في الساحة، تراهن بصورة مباشرة على أن مشاكل أوروبا أصبحت متجذرة إلى درجة أنها ستؤدي في الأشهر المقبلة إلى حدوث أزمة أخطر كثيراً مما شهدت منطقة اليورو.

ومن القائلين بذلك جون بولسون، وهو ملياردير صاحب صندوق تحوط ويتمتع بميزة أنه جنى لعملائه وخسر أموالاً أكثر من أي من نظرائه في تاريخ هذه البضاعة.

وفي مكالمة خاصة قبل أسبوعين، أخبر المستثمرين لديه أنه يتوقع أن يسوء الوضع الأوروبي بشكل كبير.

وبينما يمكن أن تكون إسبانيا مركز الأزمة، فإن البلدان المركزية – وعلى الأخص ألمانيا – كانت الجهة التي وضع بولسون محفظته ضدها.

ورهان بولسون وغيره هو أن مركز أوروبا، مقارنة بالبلدان الطرفية حيث يكمن قدر كبير من مشكلة منطقة اليورو المباشرة، هو الذي يُسعّر على نحو خاطئ.

وتخفيض تصنيف إسبانيا من قبل وكالة ستاندار آند بورز مساء الخميس الماضي، أعاد عوائد السندات الإسبانية التي تعتبر مقياساً يسترشد به، إلى ما فوق 6 في المائة، لكن السندات الألمانية ظلت نسبياً غير متأثرة.

وتعتقد صناديق التحوط أن هذا الوضع غير قابل للدوام، وعندما تصبح المشاكل الخاصة بالبنوك الإسبانية أكثر حدة – الأمر الذي يمكن أن يفرض القيام بعملية إنقاذ كاملة النطاق للحكومة الإسبانية - سيكون لدى السندات الألمانية طريق واحد تسير فيه.

ويتمثل جزء من إغراء هذه التجارة في عدم تناسقها. ويقول مدير أحد أكبر صناديق التحوط في العالم: 'لم تكن المشكلة في تداول السندات السيادية لمنطقة اليورو في العامين الماضيين (...) بل كانت في التقلب فيما بينها'.

ويضيف: 'إذا حدث شيء مثل عمليات إعادة التمويل طويلة الأجل، عندها ستغير المشاعر في السوق، إن لم تغير الأساسيات'. وتابع: 'المغري في الرهان ضد سندات المركز هي أنها أقل تأثرا بهذه التأرجحات في المشاعر'.

ولأن عوائد السندات التي تتحرك بعكس الأسعار قريبة من أدنى مستوياتها قاطبة، يمكن لمديري الصناديق في هذه الأثناء أن يكتبوا مقايضات التخلف عن سداد القروض، وهي شكل من أشكال الحماية ضد التخلف عن السداد، مقابل جزء قليل مما يدعى 'المناقلة' وهي تكلفة المحافظة على هذه التجارة.

إن رهاناً ضد ألمانيا، مثلا، يكلف فقط 86 نقطة أساس في السنة على أساس الأسعار الحالية. حتى لو عادت فروقات العوائد على مقايضات التخلف عن القروض الألمانية إلى المستويات التي كانت عندها في كانون الأول (ديسمبر) 2010 – 121 نقطة أساس – يمكن لصندوق تحوط أن يكون في وضع يمكنه من جني ما نسبته 40 في المائة على مركزه.

ومن المستوى الراهن للسندات الإسبانية، يتعين أن تصل مقايضات التخلف عن سداد القروض الإسبانية إلى 660 نقطة أساس، بارتفاع 188 نقطة أساس، لإحداث الأثر نفسه.

علاوة على ذلك، تنطوي السندات الإسبانية على كثير من المخاطر الصعودية، إذا ما تم حل مشاكل البلد بصورة مؤقتة أو دائمة. وبالمقارنة، تتوقع قلة أن تنخفض أسعار مقايضة التخلف عن سداد القروض الألمانية إلى أدنى من ذلك بكثير.

وما يؤكد هذه المخاوف بالنسبة لمركز أوروبا هو البيانات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي نفسه. فبينما ظل الإقراض للاقتصادات الطرفية الأكثر تضرراً ـ اليونان، وإيرلندا، والبرتغال – ثابتاً نسبياً، تظهر البيانات أن الإقراض للمقترضين الإسبان والإيطاليين زاد بشكل حاد، كما زاد الاقتراض إلى المركز بشكل حاسم.

وهذا الإقراض المضاعف يزيد الروابط بين ما يفترض أن يكون البلدان الأكثر أماناً والبلدان التي تعاني من أشد المتاعب.

وفي مذكرة وجهتها صناديق تحوط إلى العملاء في وقت سابق من هذا الشهر، أشار محللون في دويتشه بانك إلى أن 'القروض (التي قدمها البنك المركزي الأوروبي) ساعدت في تمويل العجوزات المتراكمة في ميزان المدفوعات للدول غير الحاصلة على تصنيف A ثلاثية مقابل البلدان الحاصلة على هذا التصنيف (وهي ألمانيا، وهولندا، وفنلندا ولوكسمبورغ)'.

ومع ذلك، ورغم كل اليقين الذي يعبر عنه مديرو صناديق التحوط حول نتائج هذه الاختلالات، فإن المراهنة بالأموال عليها تظل منطوية على خطورة عالية.

ورهان بولسون على السندات الألمانية في بداية العام لا يسير على نحو جيد بشكل خاص. فالصناديق التي تخلصت من اليورو بكميات كبيرة على المكشوف، تضررت، تماماً كما حدث لها في عام 2011 جراء مرونة هذه العملة.

ويقول بن فانك، مدير البحوث في صندوق صناديق التحوط 'ليون جيت' الذي يدير أموالاً حجمها ثلاثة مليارات دولار: 'لقد تعرضت (صناديق التحوط) لأضرار كثيرة جراء محاولتها اللعب بأساسيات منطقة اليورو في العام الماضي. إن البنوك المركزية حول العالم تضخ كمية كبيرة من السيولة ضاربة عرض الحائط بالأساسيات'.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك