مغامرة جريئة تحاول إنقاذ «نوكيا» من منصتها المحترقة بقلم توني باربر
الاقتصاد الآنإبريل 28, 2012, 3:07 م 850 مشاهدات 0
إذا اضطررنا إلى أن نقول إن شركة نوكيا لم تستطع تحقيق شيء ما، فإن أوروبا لن تحقق ما تريد أيضا، إلا أن الشركة الفنلندية الرائدة في مجال الاتصالات تواجه مشكلة أشبه بالهاوية بعد أن كان يتردد صدى صعودها المتفاخر، وفي الوقت ذاته تحقق أوروبا ارتفاعات في عملتها الواحدة.
ولم تنجرف كل من نوكيا أو اليورو بعيدا عن تلك الهاوية. ولكن في حين أن اعتبارات الاستقرار المالي العالمي تمنح حافزا للدول غير الأوروبية لتمنع انهيار الاتحاد النقدي لقارة أوروبا، لم توجد أي حوافز واضحة لشركة ''أبل'' أو ''سامسونج '' أو أي شركات منافسة أخرى من أجل إنقاذ نوكيا. بطريقة أخرى فإن العالم بالنسبة لستيفن إيلوب المدير التنفيذي لشركة نوكيا يعتبر مكانا منعزلا أكثر مما يعني بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ولكن من غير المؤكد إلى أي درجة يظهر المستثمرون صبرهم لإيلوب.
ومؤخرا في فبراير من العام الماضي، وبعد خمسة أشهر من تعيينه مديرا تنفيذيا للشركة، راهن إيلوب على مستقبل نوكيا حول اتفاق عقدته الشركة مع شركة مايكروسوفت. مما اضطر هذا الأمر إلى التخلي عن نظام التشغيل سيمبيان بنوكيا للبدء في استخدام برنامج ويندوز الذي أعدته شركة مايكروسوفت التي لم تختبره بعد. لذا تتطلب ثورة تغيير كهذه لاستراتيجية نوكيا إعدادا وتنفيذا بعناية فائقة، لذا فإن إيلوب يستحق برهة من الوقت، وحتى تلك اللحظة فإنه ما زال يستحقها.
وبكل شجاعة، لم يناشد إيلوب المستثمرين للتحلي بالصبر، بل فضل التأكيد على أن نوكيا قد سقطت في حفرة صنعتها الشركة بنفسها ولا يوجد من يخرجها من تلك الحفرة سوى الشركة ذاتها. وكانت هذه فحوى رسالة ألقاها على الموظفين منذ 14 شهرا، حيث أرسل مذكرة تحليل بليغة حول أزمة نوكيا بعنوان ''مذكرة لمنصتنا المحترقة''. وأضاف ''لقد فشلنا، وفقدنا الكثير من الاتجاهات، وأهدرنا الوقت. إننا نجد أنفسنا متراجعين لعدة سنوات إلى الخلف''.
ومنذ نحو ثمانية عشر شهرا، يزداد استياء المستثمرين في نوكيا. ولا شك أن هذا يدل على وعيهم بأن سرعة وتيرة التغيير في سوق الهواتف الذكية أمر صارم لدرجة مؤلمة، وينعكس هذا التغيير بدرجة كبيرة وسريعة على أسعار أسهم شركات التكنولوجيا.
وبلغ سعر سهم نوكيا المتداول هذا الأسبوع نحو 2.70 يورو، وسبب ذلك خفض في قيمة إجمالي رأس المال السوقي عن 10 مليارات يورو، وهو أكبر انخفاض شهدته الشركة من 110 مليارات يورو في نهاية عام 2007. فمن الغريب حقا أن تجد أحد المساهمين لم يسأل عن الخطأ الذي حدث.
ومن ثم لا بد من الأخذ في الحسبان إعلان نتائج نوكيا هذا الشهر، حيث تقلصت كل من صافي النقدية والأصول السائلة الأخرى إلى 4.9 مليار يورو في نهاية مارس، لتنخفض من 5.6 مليار يورو في ختام العام الماضي، ومن 6.4 مليار في مارس 2011. ووصول فقدان النقدية عند هذا المعدل أمر غير مستقر، مما يعد خطرا ينعكس على انخفاض سعر دين نوكيا وارتفاع مقايضات العجز الائتماني.
وتعاني نوكيا مأزق في نهاية الأمر، حيث ما زالت الجهود التي تبذلها الشركة لاستخدام أجهزة هواتف ذكية تعمل على نظام لوميا للاستحواذ على أسهم السوق من شركات أبل وسامسونج في مرحلة مبكرة. لكن في الوقت الذي تناضل فيه الشركة لتواكب نظائرها في السوق، تخسر الشركة في الوقت نفسه في أرض ما يسمى الهواتف العادية، وهي عبارة عن هواتف أرخص وأقل تطورا من الناحية التكنولوجية التي كان مجال نوكيا التقليدي فيها سائدا. وبعد خسارة المركز الأول في سوق الهواتف الذكية في العام الماضي لشركة أبل وسامسونج، كان من المعتقد أنه يجب على شركة نوكيا أن تتنازل عن المرتبة الأولى في حجم مبيعات الهواتف المحمولة العادية لشركة سامسونج في الربع الأول من هذا العام. وبدأت الشركة الفنلندية في عملية التجديد الذاتي لتفكر مليا في سعر عقابي.
وكتب ستيفن روزنمان، في الآونة الأخيرة على الموقع التحليلي لسوق الأسهم في الولايات المتحدة ''سيكينج ألفا''، أن نوكيا التي تصر على إنقاذ نفسها قد قفزت من على منصتها المحترقة إلى المحيط الثلجي، ولكن لا يزال يمكنها السباحة في مياه مليئة بالأندرويد والآي فون.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت استراتيجية إيلوب جني ثمارها في بعض النواحي. ففي الربع الأول، شحنت شركة نوكيا مليونين من أجهزة لوميا. ولكن هذا الأمر ليس كافيا لضعف هيمنة شركة أبل وسامسونج، ولكنه يمثل أسرع معدل للشحن عن شركة جوجل التي تمكنت من تحقيقه بعد إطلاق منصة أندرويد. وكما يشير مثال لوميا، فإن نوكيا تحت إدارة إيلوب تتعلم أهمية السرعة في مجال تجارة الهواتف الذكية. ومنذ وقت ليس ببعيد، قضت نوكيا نحو عامين لتطوير نموذج جديد، ولكن إيلوب قد ضمن نزول أجهزة لوميا إلى السوق في أقل من 12 شهرا.
ولا يثبت قطعيا أي شيء من هذا أن إيلوب كان على حق عندما شارك شركة مايكروسوفت. بيد أن الحكم لم يصدر بعد، ومن طبيعة الحال فإنه لا بد أن يأتي يوم لصدور الحكم. ولكن أقرب وقت للحكم على إيلوب هو فبراير 2013؛ أي بعد عامين من مغامرته الجريئة.
تعليقات