إلغاء إتفاقية الغاز المصري

الاقتصاد الآن

الحرمي يتمنى إيجاد بديل تجاري آمن لها

1275 مشاهدات 0



 أعلنت مصر الأسبوع الماضي عن الغاء اتفاقية تزويد  مصر لإسرائيل بحوالي 2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي . وقد وقعت مصر هذه الإتفاقية في يونيو عام 2005  ولمدة 20 عاما و باسعار تترواح مابين  75 سنت  و  500 ر1 دولار لكل وحدة بريطانية حرارية أو بما يسمى (BTU) British Thermal Unit  . و السعر ثابت دون تغيير خلال ال15 سنة الاولى من  العقد.
 ويمر هذا الأنبوب من العريش في سيناء الى عسقلان وبطول قدره 100 كيلومتر .  وسعر الغاز عند معدل ال 75 سنت امريكي فعلا سعر  منخفض وهذا ما تحدت عنه الإعلام المصري ولهذا السبب والرشاوي، طالبت الجماهير المصرية بالغاء  عقد الغاز. إلا أن المحكمة الإدارية العليا حكمت لصالح الحكومة المصرية وألزمتها بتنفيذ الاتفاقية باستمرار  تزويد الدولة العبرية بالغاز الطبيعي طوال سنوات العقد المبرم بينهما.
 
اتفاقية تزويد مصر بالغاز الطبيعي هي اتفاقية تجارية بحته وليست مثل اتفاقية ' كامب ديفيد ' و التي كانت تلزم مصر بتزويد النفط الخام من حقول سيناء وبأسعار عالمية و ان لم توفر مصر اسرئيل بسعر منافس فان الولايات المتحدة ألامريكية مجبرة على تعويض اسرائيل بفرق السعر . 
ونتمنى ان يكون لدى الطرف المصري بديل آخر افضل من السعر الحالي السائد حيث ان مصر تنفق أكثر من 12 مليار دولار على استيراد المنتجات والمشتقات البترولية من الخارج ومنها الكويت والمملكة العربية السعودية. وقد يكون البديل تزويد السوق المحلي بالغاز الطبيعي و توفير العملة الصعبة بدلا من شراء المنتجات من الخارج.
و السعر الحالي السائد و بقيمة 500 ر1 دولار لكل وحدة بريطانية حرارية يعتبر سعرا منافسا حيث ان الأسعار السائدة حاليا في حدود الدولار الواحد. لكن ان كان السعر مادون الدولار الواحد فإن هذا يعتبر سعرا ضعيفا ومنخفضا خاصة وان الاتفاقية كانت قد وقعت في يونيو من عام 2005  حيث كانت الأسعار مابين 1دولار  و 500 ر1 للوحدة الحرارية الواحدة.
واسعار الغاز وللعقود الطويلة المدى غير متغيرة وتضل ثابتة لسنوات طويلة لما فيها تكاليف عالية على الدولة المستهلكة لبناء البنية التحتية من أنابيب طويلة المسافات وصهاريج تخزين و بناء ناقلات متخصصة للغاز الطبيعي بعكس تكاليف البنية التحتية لاستيراد النفط والمنتجات النفطية.
في الوقت الحالي  حاليا اسعار الغاز منخفضة نتيجة نتيجة لاكتشافات الغاز الصخري أو بما يسمي ب  (Shale gas )   هذا وبالرغم من زيادة  نمط الاستهلاك على الغاز وخاصة من اليابان والمانيا و اللتان تحولتا من الطاقة النووية الي الغاز الطبيعي . 
ولهذا السبب ايضا نريد ان نتأكد من وجود البديل التجاري الافضل لمصر . ولا نعرف بالتاكيد ما أسباب الغاء العقد الا ان كل الدلائل و المؤشرات تؤكد بان السب الوحيد هو سبب تجاري بحت ولا توجد عوائق أو اسباب سياسية . ولذا نفترض جدلا بأن السبب الوحيد هو تجاري وقد ترى مصر بأنه وللأسباب أمنية ومنها التفجيرات المتكررة (أكثر من 12 إنفجار) مما يعني ان الكلفة قد زادت على الطرف المصري للمحافظة على الأمن وسلامة خط أنابيب الغاز مابين مصر و اسرائيل ولذا قد يكون عذرا مناسبا ومقبولا في سبب الطلب في زيادة سعر الغاز .
و الحديث عن الأسباب يجرنا هذا الى تكرار حوادث زيادة الأسعار والتي كانت تحدث وتكرر تقريبا سنويا  مابين روسيا و الدول المجاورة لها والتي كانت دائما روسيا تطالب أوكرانيا مثلا  بزيادة السعر أو انها ستوقف أمدادات الغاز وفعلا أوقفت روسيا أمدادتها من الغاز عدة مرات. لكنها أنهت خلافاتها بعد ان تدخلت الدول الأوروبية وتم التوصل زيادة سعر الغاز الطبيعي حسب رغبة البائع الروسي.
العلاقات التجارية  طويلة الأمد دائما تحدث فيها خلافات وذلك بسبب مدة العقد حيث تحدث متغيرات منها تجارية ومنها سياسية لم تكن في الحسبان و لكن طالما ان هناك نوايا ورغبة في استكمال العقد فان العقود تمتد الى سنوات أطول مادام الأستفادة تعم على الطرفين و لا يوجد غالب ومغلوب  في العلاقة الثنائية.
نتمنى ان لدى الشقيقة مصر البديل التجاري المربح  والأفضل من اتفاقية الغاز مع الدولة الصهيوينة و لا نتمنى علي الشقيقة الكبري الدخول في محاكم دولية والتحكيم الدولي ولها عذرها في تحسين و تعديل الأسعار وخاصة و ان المشاكل الأمنية قد ازدادت و البدائل و المعطيات قد تغيرت . هذا بالاضافة الى قضايا الرشاوي التي ان نظرت فيها المحاكم الدولية بكل شفافية  وعدالة واذا ثبتت دعاوي الرشاوي و تحكم بأشد العقوبات المالية علي الراشي و المرتشي .
نتمنى على مصر العربية ان يكون لديها البديل التجاري الآمن وان تلتزم بالعقد ان لم تجد البديل و لها الحق في المطالبة في زيادة سعر الغاز الطبيعي اذا ارتأت ذلك ومن حقها .

كامل عبدالله الحرمي    
كاتب ومحلل نفطي مستقل           
  

الآن - كامل عبدالله الحرمي

تعليقات

اكتب تعليقك