المعارضة البحرينية 'الطائفية' قسرا
زاوية الكتاببن طفلة يشرح كيف تكالبت الظروف ضد المعارضة بالبحرين لتحصرها بالشيعة
كتب إبريل 21, 2012, 11:17 ص 5077 مشاهدات 0
البحرين: المعارضة نحو المجهول
د. سعد بن طفلة العجمي
لا تزال البحرين تعيش حالة من الصراع المحزن الذي شرخ التعايش بين الشيعة والسنة، على رغم مرور سنة حافلة بالمطالبات المشروعة خلفت ضحايا أدمت قلوب كل محب لهذا البلد العزيز. فبعد مرور أكثر من عام على المواجهات الدامية في فبراير العام الماضي، لا يزال المشهد متوتراً بين المعارضة والحكومة، وعلى رغم الهدوء النسبي إلا أن سباق الفورمولا هذه الأيام في البحرين يعد مناسبة للحكومة لإثبات عودة الأمور إلى طبيعتها، ومناسبة للمعارضة لتفعيل الاحتجاجات وانتهاز السباق لتسليط الضوء على مطالبها.
ولكن أية معارضة؟
فلقد تعاضدت عوامل عدة للتقليل من شأن المعارضة البحرينية وحصرها ضمن الطائفة الشيعية وتصويرها على أنها معارضة مذهبية، والحق أن المعارضة في بداياتها لم تكن كذلك، ولكنها كانت معارضة وطنية شاملة، إلا أن أخطاء المعارضة وأطرافاً في الحكومة البحرينية نجحت بعمد أو بغباء في تحويل الصراع من مطالب مشروعة، إلى معارضة يقودها رجال الدين -وتحديداً رجال الدين الشيعة، فلقد تضاءل الدور السني في المشاركة بالاحتجاجات، وتلاشى الدور المدني الضعيف أصلاً، وحدثت انشقاقات داخل حركة 'وعد' الليبرالية وخاصة بعد موت رمزها عبدالرحمن النعيمي، وتخوف أطراف داخل الحركة من استغلال الدين السياسي لمطالبهم ومصادرتها مثلما جرى في مصر، حيث صادر 'الإخوان المسلمون' حق الآخرين في صياغة الدستور بعد سيطرتهم على البرلمان وتكالبهم على الرئاسة والبرلمان ولجنة الدستور في نفس الوقت، متجاهلين بذلك القوى المدنية المصرية التي أشعلت ثورة مصر وخلعت رئيسها.
إن من سوء حظ المعارضة في البحرين أن المنطقة تعيش احتقاناً مذهبياً بين الشيعة والسنة، وبالتالي فإن مخاوف سنية من تكرار تجربة العراق -حيث يستفرد حزب الدعوة الشيعي بالسلطة بعد وصوله، ومن تكرار تجربة إيران حيث صفى 'الحزب الجمهوري الإسلامي' كافة الفرقاء السياسيين ثم التفت إلى داخل الحزب نفسه لتصفية المعارضة.
ولعل من العوامل التي عززت الصورة المذهبية للمعارضة البحرينية -وإن ظلماً- أن معظم قادتها اليوم هم رجال الدين، وبالتالي فإن تسويق المطالب المدنية والديمقراطية من قبل العمائم واللحى بشكل عام مسألة صعبة بعد التجارب المرة في إيران والسودان والعراق ومصر اليوم -بل وحتى في تونس رغم تباين بسيط في المشهد الديني السياسي هناك.
ويأتي مساندو المعارضة ومعارضوها من خارج البحرين ليصبوا الزيت على نار الطائفية بالبحرين، وتكريس صورة مذهبية للمعارضة فيها، فلقد وقف متطرفو السنة ضد المعارضة في الخارج، ووقف متطرفو الشيعة مع المعارضة، وساندت قنوات فضائية مذهبية عراقية وإيرانية و'المنار' التابعة لـ'حزب الله' المعارضة البحرينية، بينما تصدت لها قنوات طائفية سنية مثل قناة 'صفا' السلفية المتطرفة.
ومن سوء طالع المعارضة البحرينية، أن من يقف معها اليوم هي أطراف تتباكى على الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، لكنها تساند وبكل قوة سفك الدماء البشع في سوريا، وهي مسألة لا يمكن للبحريني العادي إلا أن يتوقف عندها مشككاً بصدق نوايا معارضته التي تساندها قوى دموية، صحيح أن ذلك ليس بالضرورة ذنب المعارضة بالبحرين، ولكن الأمور متصلة ببعضها -شاءت المعارضة أم أبت ذلك.
لقد تضافرت عوامل ومعطيات جديدة لصبغ المعارضة البحرينية بالصبغة الطائفية، ولم تعد شعاراتها المتشددة تجذب كافة الأطراف، ولم يعد أمامها إلا القبول بالحوار والحوار وحده، وهذه حقيقة نتمنى ألا يظن النظام في البحرين أنها نقطة ضعف، فبعض مطالب المعارضة البحرينية مطالب مشروعة، واعتقاد النظام أن الظروف حاصرتها في دائرة الطائفية وبالتالي تجاهلها هو خطأ جسيم، فالمطلوب تهيئة الأرضية لحوار بناء وحقيقي بإطلاق سراح المعتقلين ووقف أية انتهاكات لحقوق الإنسان، ومن دون ذلك ستبقى المعارضة في دائرة المجهول، وتبقى البحرين في شر الانقسام الطائفي.
تعليقات