أساس الفساد برأي السبيعي هو ثقافة المجتمع السائدة

الأنباء

الخط الأحمر  /  جايك من طرف فلان

سعود السبيعي

في فيلم الإرهاب والكباب طلب عادل إمام من المواطنين المحاصرين معه ان يعبر كل واحد منهم عن مطالبه التي يريدها بعد أن وعدت الحكومة بتحقيقها فصرخ الجميع بصوت واحد «الكباب الكباب لنخلي عيشتكم هباب» في الكويت هناك أكثر من عادل إمام كويتي يقف أمام الجماهير وهو يصرخ «الفساد الفساد لنخلي عيشتكم سواد» ويردد الجمهور خلفه الفساد الفساد ومن ثم ينصرف كل الى منزله دون تحقيق أي انجاز للحد من الفساد وتمضي السنون ويفنى الكبار ويرثهم الصغار في ترديد شعار «الفساد الفساد لنخلي عيشتكم سواد»، وبالرغم من ذلك لا تموت الذئاب ولا تفنى الغنم، فالذئاب تتكاثر والغنم تتوالد ولكل زمن فساده ومفسدوه وبالرغم من محاولات النواب والحكومة لإصدار تشريعات وقوانين تقضي على الفساد إلا أن لكل تشريع وقانون طريقة ملتوية للقفز عليه فلا أفلحت الرقابة ولا افلح القانون للحد من ظاهرة الفساد فالمسألة إذن ليست مرتبطة بالتشريع ولا بالرقابة إنما بثقافة بارك الله بمن فاد واستفاد ونظرية «جايك من طرف فلان» وهذه أخطر ثقافة يمارسها أفراد المجتمع لأن الموظف الذي يرفض مثل هذه النظرية يطلق عليه لقب «الردي» وينبذ من المجتمع ويعتبر خارجا على التقاليد فعليه أن يقوم بالواجب حتى وان خالف القانون في سبيل حصوله على لقب «والنعم» إذن أساس الفساد هي ثقافة المجتمع التي تحط من قدر من يطبق القانون وترفع قدر من يخالفه، فكم من واحد قتلته فضائله وكم من واحد رفعته رذائله، فمفهوم المرجلة عند عوام الناس ان الموظف العام لن يدفع شيئا من جيبه، فالقلم قلم الحكومة والورقة ورقة الحكومة فما عليه إلا أن يكتب لا مانع ويأخذ المرجلة بالمجان. فهكذا تسير الأمور وتتوالد المعاملات غير القانونية وتنتشر كالجراد في الدوائر الحكومية وتصبح أمرا واقعا وعرفا دارجا من العيب مخالفته بل حتى ان الوزراء لا يجرؤون على وقف أو فتح ملفات تلك المعاملات خوفا من فتح باب جهنم عليهم لأنها أكثر من ان تحصى ولأنهم لا يعرفون المتسبب كون الفاعلين أكثر من ثلثي موظفي الوزارة من الذين يطبقون نظرية «جايك من طرف فلان» ومما يساعد في استمرار الحال كما هو عليه ان الوزير لا يبقى في الوزارة أكثر من سنتين في أفضل الأحوال. أما بالنسبة لفساد السادة المحترفين (وهو اللي عليه القيمة) فيحصل بطريقة قانونية متقنة فيتم اختراق القانون باستخدام القانون نفسه فنحن هنا أمام فاسدين على درجة كبيرة من الوعي القانوني والسياسي وهم غالبا من كبار الموظفين الذين يجيدون حبك لعبة الفساد دون ان يطالهم مقص الوزير ولا تنال منهم منصة الاستجواب.