نجاد في أبو موسى: الانتفاضة الخليجية المطلوبة

عربي و دولي

8142 مشاهدات 0

الجزر الاماراتية المحتلة

في 28 سبتمبر2000م ودون خلع حذائه،محاط بـثلاثة آلاف رجل من الشرطة وحرس الحدود أقتحم أرييل شارون باحة الحرم القدسي الشريف مفجرا لانتفاضة الثانية ،فكلف هذا العمل الارعن الجيش الإسرائيلي 334 قتيل و735 قتيل من المستوطنين، بالاضافة الى ثلاثة آلاف جريح وعطب 15 دبابة،كما كلفت الفلسطينيين ضحايا عمليات الدرع الواقي وأمطار الصيف. وفي زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد لجزر أبو موسى الاماراتية وزيارة شارون تقاطعات مثيرة للاهتمام. منها حقيقة ان القوة ليست هي الحق أنما الحق هو القوة وقد غابت  كاملة عن مستشاري نجاد قبل شروعه في الزيارة في 11 ابريل 2012م .ومنها ان مفاتيح تحليل شخصية الرجلين تنحى لانتهاج المبادرة بالشر كعقيدة للتعامل مع الاخرين جاهلين ان  أشر الناس هو من يحسن إليه الناس إتقاء شره.

  حين زار نجاد جزيرة ليست متنازع عليها مع الامارات فحسب بل محتلة بالقوة  الايرانية الغاشمة منذ 1971م  أراد تحقيق اهداف عدة منها :1-إشغال دول الخليج عما يجري في سوريا حليفة طهران الاقرب  2- أراد ان يبرهن للعالم ان لديه الكثير من الاوراق ليلعب بها قبل مفاوضات المجتمع الدولي معه حيال طموحه النووي المثير للريبة 3- بسبب صدامه مع المحافظين أراد نجاد تقوية موقفه داخليا بعمل خارجي كما فعل فلاديمير بوتين حين وقف في وجه العالم بورقة الفيتو التي حمى  بها بشار الاسد.4- إن زيارة نجاد لابو موسى هي رد على الاجراءات المالية  الاماراتية المتوافقة مع قرارات الامم المتحدة . 5-ليست الزيارة إلا رأس حربة لموجة من الوقاحة أفتتحها أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي الذي قال:إن على المسؤولين الاماراتيين ان لا يتناغموا مع الصهاينة و من الاحرى بهم ان يقدموا اعتذارا الى ايران،واذا كان لديهم اعتراض فبامكانهم تقديمه بشكل مؤدب وعبر القنوات الدبلوماسية الى الحكومة الايرانية.

لقد تكشف جراء الزيارة فجأة وعلى غير ترتيب افتقار صانع القرار الخليجي للرؤيه، أو الاجراءات المعدة سلفا لمثل هذا التطاول الايراني . حيث لم يكن وزراء الخارجية الخليجيين مرتبكين بل مشوشين وعاجزين عملياتيا. فقد تعودنا أنماط الاستجابه العربية والخليجية لمثل هذا العمل، وهاهي التصريحات تتسابق للوصول الى صدر وسائل الاعلام دون ان نجد تصريح واحد  يضع  رؤية وخارطة طريق   عملية صارمة للانتفاضة على الغطرسة الايرانية .

إن استدعاء السفير الاماراتي من طهران،والاجتماع الاستثنائي الذي دعت اليه الامارات لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي،وإعلان الإتحاد الإماراتي لكرة القدم إلغاء مباراة مع المنتخب الإيراني لايرقى ان يكون وقود محرك الرد العنيف على هذه الخطوة الايرانية، لنظهر بمزاج اقل تسامحا مع طهران .

فالخطوة الايرانية تأتي خطورتها من إن الزيارة تمت من قبل أرفع مسؤول إيراني للجزيرة منذ احتلالها في زمن الشاه، ثم إلقائه خطاب في شعبها عن إيرانية الجزر وفارسية الخليج وكأنه في بزار طهران .كما كشفت الخطوة زيف الادعاءات الإيرانية حول علاقات جيدة مع دول الجوار. والزيارة جس نبض لردة الفعل الخليجي، يعقبها اجراءات ايرانية متطرفة حيال كل ماهو محل خلاف،وعلى رأس القائمة عودة التحريض بالعنف في مملكة البحرين الشقيقة والمماطلات في حقل الدرة الكويتي والجرف القاري .

أما الخطوة الخليجية الصحيحية فهي لانتفاضة على العمل التفاوضي الذي جربناه مع طهران حيال قضية الجزر العربية المحتلة طيلة 42 عاما ،وهي مدة تكاد تقترب بطولها من فترة الاحتلال الاسرائيلي التي بدأت قبلها بثلاثة أعوام فقط  في 1967م. و فتيل الانتفاضة الخليجية المطلوبة موجود في دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة  تحديدا،ويتمثل بإلغاء الطلب الاماراتي من شقيقاتها في مجلس التعاون والجامعة العربية والمنظمات الدولية وقف إدراج بند  الجزر الإماراتية المحتلة في بياناتها الختامية لإتاحة الفرصة للتفاوض الثنائي المباشر. لأن ترك موضوع النقاش بين الجانبين هو تسويف وإستفراد إيراني بالامارات، وتأصيل لنهجها في عدم التفاوض مع دول مجلس التعاون ككتلة واحدة، أو حتى بلدين فقط كما في قضية الجرف القاري مع الكويت والسعودية .

 إن توسيع دائرة التحريض على الانتفاضة الخليجية كردة فعل صادقة وقوية على تدنيس نجاد للجزر الاماراتية تتطلب : 1-سحب السفير الاماراتي  بصورة رسمية. 2- التلويح بسحب بقية سفراء دول مجلس التعاون،والدول العربية والدول الصديقة للخليجيين. 3- تتطلب الانتفاضة الاماراتية توقف التردد في دعم الثورة السوريه لما في ذلك من إضعاف لحليف طهران الاستراتيجي.4- إن علاقات أبوظبي الواسعة وشبكة العلاقات العامة المحترفة والضخمة التي سوقت بنجاح لبيع جزيرة النخلة وبرج العرب  قادرة أن تدفع قضية الجزر لواجهة الاهتمام العالمي. كما إن الضياع الذي يغلف الخطاب والأداء السياسي الإيراني والضغط الدولي حاليا هو منفذنا لاجبار طهران كخطوة أولى على الاعتذار عن الزيارة المشؤومة وقابلية تحقيق ذلك عالية جدا فقد كانت تصريحات الإدانة والشجب التي بلغت ذروتها بعد دخول شارون لساحة الحرم القدسي في جانب كبير منها من الاسرائيليين والغرب لان الزيارة  كانت من مفجرات النزاع الذي لم يكن يريده احد . أما الخطوة الثانية فهي الاصرار على المطالبة بجلوس طهران تحت سقف محكمة العدل الدولية . فهل نرى انتفاضة خليجية لتحرير قضية الجزر الاماراتية من النسيان، حتى ولو أخذت الاجراءات منحى تعبويا ؟

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك