مطلب الدائرة الواحدة يحتاج إلى مزيد من البحث المتأني.. 'الديين' ناصحاً

زاوية الكتاب

كتب 1213 مشاهدات 0


عالم اليوم

لنتعظ من 'نبيها خمس'!

أحمد الديين

 

عندما انطلق التحرك في العام 2006 من أجل إصلاح النظام الانتخابي عبر المطالبة بتقليص الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين الصغيرة إلى خمس دوائر كبيرة فقد تمّ، مع الأسف، تجاهل حقيقة أنّ إصلاح النظام الانتخابي يجب أن يكون جزءا من عملية أوسع لإصلاح النظام السياسي حتى يحقق الهدف المنشود منه... ولهذا فقد جاءت مخرجات الانتخابات وفق الدوائر الخمس أسوأ في بعض الحالات من مخرجات انتخابات الدوائر الخمس والعشرين، وذلك على خلاف ما كان مؤملا أن يحدث!
وأمام خيبة الأمل من مخرجات تقسيم الدوائر الخمس تكررت المطالبات باستحداث نظام الدائرة الانتخابية الواحدة، الذي يرجو كثيرون أن يتجاوز سلبيات نظام الدوائر الخمس... وبالتأكيد فإنّ مثل هذه المطالبات محقّة عندما يتصل الأمر بمعالجة الخلل في عدم عدالة توزيع أعداد الناخبين بين الدوائر الخمس، إلا أنّه مع ذلك يجب الاتعاظ من التجربة السابقة وعدم تكرار أخطائها، حيث أنّه مالم يرتبط إصلاح النظام الانتخابي بحزمة متكاملة من الإصلاحات السياسية فإنّ هذا الإصلاح سيفقد معناه، بل ربما ستأتي نتائجه على خلاف ما كان مرجوا أن يتحقق.
 فعلى سبيل المثال فإنّه من دون وجود وجود حياة حزبية سليمة؛ ومن دون إلزام قانوني واضح وصريح بأن تتألف قوائم المرشحين وفقا للمعايير الوطنية فإنّ الدائرة الانتخابية الواحدة ستكرّس في الغالب التفتيت الطائفي والمناطقي والفئوي والقبلي للمجتمع الكويتي على نحو أشد من وضعها المؤسف حاليا، إذ ستتألف القوائم الانتخابية من ممثلي الطوائف والقبائل والفئات الاجتماعية؛ وسيجري التصويت لها وفقا لهذا التصنيف، وذلك من دون حاجة إلى إجراء انتخابات فرعية!
إنّ البديل لتلافي مثل هذه الحالة أن يتم التوافق على إقرار حزمة مترابطة من الإصلاحات السياسية الديمقراطية، التي يقع ضمنها إصلاح النظام الانتخابي المعيب... فالمطلوب إقرار قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية التي يفترض أن تتشكّل على أسس وطنية، والمطلوب أيضا إلغاء الوصاية الحكومية على مؤسسات المجتمع المدني وإطلاق حرية تكوينها، وإلغاء القوانين المقيّدة للحريات؛ أو المتعارضة مع الدستور؛ أو تلك التي تنتقص من الحقوق الديمقراطية مثل قوانين جمعيات النفع العام والمحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية، وكذلك المطلوب وضع نظام واضح للإنفاق الانتخابي للمرشحين يحدد سقفا أعلى للإنفاق وشفافية في كشف مصادر التمويل وأوجه الصرف، ولا بد أيضا من الحزم في ملاحقة الجرائم الانتخابية، وإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات... وإلى جانب ما سبق يفترض أن يتم تجريم دعوات إثارة الكراهية، وتأكيد احترام مبدأ المواطنة الدستورية المتساوية... وكذلك لابد من خطوات إصلاحية متزامنة للحدّ من احتكار السلطة على مستويات رئاسة مجلس الوزراء ووزارات السيادة وصولا إلى قيام النظام البرلماني.
بل ربما سيكون من المفيد البحث في إمكانية وجود نظام انتخابي مختلط يجمع من جهة بين نظام الدائرة الواحدة والدوائر الانتخابية المتعددة، ويجمع من جهة أخرى بين الترشيح وفق القوائم والترشيح الفردي، مثلما هي الحال في العديد من بلدان العالم.
باختصار، المطلوب من التيارات السياسية والكتل النيابية أن تخضع موضوع الإصلاح السياسي المستحق، وضمنه إصلاح النظام الانتخابي ومطلب الدائرة الواحدة، إلى المزيد من البحث المتأني والتداول الموسع وصولا إلى التوافق الوطني على حزمة متكاملة من الإصلاحات بدلا من الركض وراء شعارات عامة غير مدروسة.

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك