حول الإنذار الحكومي والخراب الاقتصادي،،يكتب الحرمي
الاقتصاد الآنمارس 27, 2012, 9:01 ص 1113 مشاهدات 0
بكل بساطة أقول أن الحكومة قد أطلقت في جلسة مجلس الأمة في يوم الخميس الماضي الإنذار الأول بأن الدولة ستعلن افلاسها مع نهاية عام 2030 في حال أن سعر النفط الخام الكويتي لم يصل إلى معدل 213 دولار للبرميل وأن الإنتاج اليومي من النفط الخام يجب أن يكون عند 3 ملايين برميل بشكل منتظم طوال السنة ، مما يعني أن أي سعر مادون الـ 213 للبرميل هو عبارة عن كارثة وطنية للجيل القادم وسيكون من ورائها تسييل الأصول من الإستثمارات الخارجية لسد العجز في ميزانية الدولة .
لا شك أن السبب هو النمو المتسارع للمصروفات الجارية للسنة المالية القادمة من مرتبات بقيمة 9 مليار دينار في السنة بالإضافة إلى 6 مليار دينار كدعومات مباشرة وغير مباشرة (مثل دعم الكهرباء و الماء و المنتجات النفطية المختلفة و أبرزها بنزين السيارات ) ، أي بمعنى أن إجمالي المرتبات والدعم سيبلغ 15 مليار دينار مما يعادل 70% من إجمالي الميزانية العامة للدولة للسنة المالية القادمة .
إلا أن الإنذار الحكومي لم يقدم البديل لمواجهة العجز والتنامي المتزايد في بند الرواتب ، كذلك و لم تقدم الحكومة الحلول المطلوبة في حال إنخفاض أسعار النفط إلى مادون الـ 100 دولار للبرميل مثلا ، يعني 'وين نروح و شندبر و شنو بعد' ، هل سنبدأ بتصفية و تسييل أصولنا أم سنبدأ بالإقتراض ومن سيقرضنا ؟! ، وأين نحن من تنويع مصادر الدخل وتقليل الإعتماد على النفط وتنويع مصادره ، كما طالبنا وما زلنا نطالب منذ الستينات ، وأين نحن من تنويع الإقتصاد و تشجيع القطاع الخاص تحديدا وبناء وتطوير الصناعات الأولية المرتبطة بالنفط مثل التصنيع و النقل والتوزيع وفتح مجال التوظيف المحلي ، و أين نحن من تطوير صناعة الغاز الطبيعي و الصناعات الأخرى ، وماذا إن لم نستطع أن نزيد من إنتاجنا من النفط الخام أو إن لم يعد لدينا كميات كافية من الإحتياطي النفطي ، وماذا سنعمل ، وماهو البديل ؟؟؟.
هل من المعقول أن نكون قد وصلنا إلى طريق مسدود وهل نقوم نحن بتدمير اقتصادنا الخاص والذي كان من أوائل أساساته شركة الخطوط الجوية الكويتية و بنك الكويت الوطني و ناقلات النفط الكويتية و شركة البترول الوطنية وشركة الصناعات البتروكيماوية . والآن نجد أن الخطوط الكويتية بالكاد تستطيع أن تطير و نجد شركاتنا النفطية مشغولة بالزيادات والمكافآت لكن من دون تطوير وتجديد و دون إنتاجية عالية وهي 'مكانك راوح' مقارنة بالشركات النفطية الأخرى ، في حين أن الدول النفطية المجاورة لنا شمالا و جنوبا مشغولة في البناء ، فالعراق مثلا سيصل إنتاجه من النفط الخام عند 3 ملايين برميل مع نهاية العام الحالي و المملكة العربية السعودية تبني حاليا 3 مصافي بمشاركات أجنبية ، وتبني في نفس الوقت أضخم مجمع بتروكيماويات في الشرق الأوسط بمبلغ 21 مليار بالمشاركة مابين 'أرامكو و شركة 'دوا ' الأمريكية ، أما نحن فكل آمالنا متعلقة بزيادة الإنتاج وارتفاعِ متواصل في سعر برميل النفط الخام .
أين نحن أيضا من زيادة إنتاجية الموظف العام وأين نحن من أن تكون ' الكويت ' مركزا ماليا واقتصاديا عربيا وعالميا ، وأين نحن من منافستنا لسنغافورة وماليزيا أو حتى أن نكون قريبين منهما ، وأين نحن من خطط واستراتيجية ' توني بلير ' أو من خطة التنمية ، وأين نحن من زيادة فعالية القطاع الخاص أو حتى الحفاظ على دوره ومكانته ، و لماذا أهملنا دوره و لماذا كان فعالا و منافسا وسباقا في الماضي والآن أصبح 'لا حول له ولا قوة ' و بدأ يفقد أفضل شبابه بتركهم لوظائفهم المبدعة و الخلاقة للإلتحاق بالقطاع الحكومي السهل و الغير منتج فقط رغبة منهم في الحصول على زيادة الرواتب والكوادر ، و لما لا ؟؟!!.
هذه الأسئلة والإستفسارات لم تطرأ على الحكومة و لكنها أطلقت صافرة الإنذار الأول حيث زادت من الرواتب و الكوادر لتصل ميزانية الدولة للعام القادم إلى 22 مليار دينار مبرئة ذمتها ومسوؤليتها أمام ممثلي الشعب وارتاحت ، ونست أو تناست بأن معدل سعر النفط الخام الكويتي يجب أن يكون عند 110 دولار لكي تتمكن الدولة بالوفاء بالتزاماتها ، وما نحن فاعلون أمام المصائب القادمة وماهو دور مجلس الأمة ؟؟ أم أنه طالما أن أسعار النفط في زيادة في الوقت الحاضر فلماذا ' عوار الرأس ' وباكر يصير خير ، و لما لا .!!
في النهاية يجب ألا ننسى 3 أرقام مهمة 213 دولار و 3 ملايين برميل معدل إنتاجنا في نهاية عام 2030 . والله يكون في عون أجيالنا القادمة.
كامل عبدالله الحرمي
كاتب ومحلل نفطي مستقل
تعليقات