شرف الرجل وشرف المرأة مختلفان: سعد بن طفلة

زاوية الكتاب

كتب 1349 مشاهدات 0


 سعد بن طفلة العجمي

الشرف المؤنث والشرف المذكر
 

أمينة الفيلالي، مغربية قاصر عمرها ستة عشر عاماً، وافقت عائلتها على تزويجها من مغتصبها وفقاً لبند بالقانون الجزائي المغربي يسمح للمغتصب أن يتزوج ضحيته، تزوجت مغتصبها مكرهة، وذاقت على يد مغتصبها -زوجها- أصناف العذاب، فانتحرت.
 
كان الضغط العائلي منبعه الحرص على 'ستر' أمينة، فالمرأة بحاجة للستر في أعرافنا الاجتماعية، بينما 'ينقل الرجل عيبه' كما نقول بالأمثال الشعبية، والستر للمرأة يكون بتزويجها، ولا يمكن لها أن تستتر -اجتماعيّاً- ما لم تتزوج، وخصوصاً لو كانت مغتصبة؟ فالمغتصبة ضحية انتهاك لجسدها وعرضها وآدميتها، وهي في نفس الوقت ضحية مجتمع ينظر لها نظرة دونية لا يمكن الاقتراب منها والزواج منها، حتى وإن كانت ضحية لا ذنب لها في اغتصابها! بينما يمشي مغتصبها في الأرض مختالًا بفعلته وبفحولته الجنسية!

أمينة لم تكن تريد أن تنتهك آدميتها، لكنها في عرف المجتمع أصبحت شيئاً منتهكاً والسلام، وما كان لها إلا أن تتزوج مغتصبها، فلا فرص أمامها، والأهل دفعهم العرف والضغط والعار الاجتماعي إلى محاصرة أمينة لتقبل بأن يستمر اغتصابها وفقاً للقانون وبورقة زواج مشهر يشرع استمرار اغتصابها، أما الزوج المغتصب فقد وجد في الزواج له استمراراً لممارسة لذته الجنسية مع فتاة قاصر وتحاشيّاً لعقوبة اغتصابها.
 
في قاعة المحاضرات بجامعة الكويت، ناقشت كلمات القيم الاجتماعية في اللغة العربية في ضوء مأساة أمينة، وأبعاد وإيحاءات هذه الكلمات ومدلولاتها، فكانت بعض حصيلة الحوار في التالي:
 
-المرأة الشريفة تعني المرأة العفيفة، ففلانة شريفة تعني أنها لم ولن تعاشر رجلًا خارج الزواج، بينما الرجل الشريف كلمة توحي بأنه رجل نزيه، فالشرف يرتبط عند الرجل بنظافة الذمة، بينما يرتبط شرف المرأة بعرضها وجسدها.
 
وكما الشرف، ترتبط الأمانة بالذمة لدى الرجل، بينما ترتبط بالأسرار وحفظها لدى المرأة.
 
وترتبط مطالبة الرجل بالحرية -كمفهوم- بالرأي والقرار، بينما يتبادر إلى الذهن الاجتماعي أن المرأة التي تطالب بالحرية امرأة تطالب بكسر قيود المجتمع على حركتها وخروجها وبالتالي 'المشي على حل شعرها' كما يقول أهل مصر.
 
ولكن الصفة من كلمة الحرية: فلان حر أو فلانة حرة تتقاربان في المعنى والمدلول تقريباً، وتعني الكرامة وعزة النفس، وفي الأمثال العربية 'تموت الحرة ولا تأكل بثدييها'، وفي الشعبي 'الحر تكفيه الإشارة' أي بالإشارة يفهم.
 
-الرجل الشجاع، هو الرجل 'المهاوشجي'- هكذا قالت إحدى الطالبات، بينما مدلول الشجاعة عند المرأة يعني قوة شخصيتها وجرأة رأيها.
 
وتطرق الحوار إلى بعض كلمات العامية، فجاءت كلمة 'تكانة' التي تعني بالخليج 'رزانة'، فارتبطت بالعقل لدى الرجل وبالشرف -الجسدي طبعاً- لدى المرأة، فالرجل الذي 'مو تكانة' تعني أنه قليل عقل، بينما المرأة التي 'مو تكانه' تعني أنها ناقصة شرف.
 
وفلان عاقل، تعني أنه حكيم وذو رأي سديد، بينما توحي عبارة 'فلانة عاقلة' أنها تسمع الكلام ومطيعة.
 
واحتكر الرجل الشهامة، فنادراً ما نقول بأن فلانة شهمة، بينما يكثر نعت فلان بأنه شهم، وكذا بالعطاء والكرم، فيندر أن نقول فلانة كريمة، بينما يوصف الرجل بالكرم والجود، مع انتشار ملحوظ لاسم جود حديثاً بين أسماء الإناث.
 
ومع أن الدهاء مؤنث: 'فلان داهية' إلا أنه محتكر بشكل شبه تام للرجل، فلا نقول إن 'فلانة داهية'، بينما يمكن أن تكون حية أو عقرباً، لكننا لم نسمع أن رجلاً ثعباناً كصفة تدل على الغدر أو المراوغة، على الأقل ليس بين الزواحف، فقد يكون الرجل ثعلباً، ولكننا لا نصادف امرأة 'ثعلبة'.
 
مفاهيمنا الاجتماعية التي فرضت القانون المغربي، تعكسها عباراتنا وكلماتنا، وتفرق بين الرجل والمرأة حتى في الشرف والأمانة.
 

الإتحاد الإماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك