عدم اليقين السياسى هو السبب الرئيسى فى النمو الضعيف
الاقتصاد الآنمارس 23, 2012, 1:32 ص 943 مشاهدات 0
عدم اليقين السياسى هو السبب الرئيسى فى النمو الضعيف الذى اعتبرته وحدة بحوث الإيكونوميست ملخصا لأداء الاقتصاد المصرى فى العام المالى الجارى، الذى توقعت ألا يرتفع نمو ناتجه الإجمالى على 1.6%. ويتضح مفهوم الإيكونوميست، أحد أبرز المؤسسات المعبرة عن الاستثمار العالمى، لغياب اليقينية السياسية فى تحليلها، فى آخر تقاريرها الشهرية، من خلال رؤيتها لغموض وضعف الرؤية الاقتصادية لأطراف السلطة الجديدة فى مصر بعد الثورة، المجلس العسكرى والإسلاميين وحكومة كمال الجنزورى.
ربما يكون ضمان نقل المجلس العسكرى للسلطة، هو أبرز ما يتطلع إليه الاستثمار الأجنبى من الجناح العسكرى للسلطة، وتعتبر الإيكونوميست أن العسكرى غير راغب فى البقاء، إلا أنها أشارت إلى أن المؤسسة العسكرية ترغب فى حماية «مصالحها، خاصة وضعها المالى المستقل نسبيا، من خلال التحكم فى تشكيل عملية التحول الديمقراطى، واعتبرت الإيكونوميست أن المجلس الذى بدأ عهده بشعبية واسعة بفضل دوره الحاسم فى إنهاء نظام مبارك «فشل فى تنفيذ إصلاحات فعلية»، وهو ما تسبب فى فقدان المصريين لصبرهم على بقاءه فى الحكم خلال الأشهر الأخيرة، بحسب الإيكونوميست.
والجناح المدنى للسلطة التنفيذية، حكومة كمال الجنزورى، لا يتمتع أيضا بشعبية كبيرة، برأى الإيكونوميست، حيث يتصاعد الغضب العبى ضدها بسبب الإدارة السيئة للفترة الانتقالية، وبينما يستند الجنزورى على شىء من الشعبية بفضل معارضته السابقة لبعض السياسات الليبرالية لنظام مبارك، وهى السياسات التى «تسببت فى زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء»، إلا أنه يبدو من تحليل الإيكونوميست تخوفها من أن يتم تطبيق تلك التوجهات الاجتماعية بطريقة متعارضة مع اقتصاد السوق «هناك مخاطر من أن الحكومات القادمة تتبنى توجهات مماثلة تتسبب فى سيطرة أكبر للحكومة على الاقتصاد».
وربما تسببت التصريحات المتعارضة للسلطة التنفيذية فى تعميق عدم ثقة الإيكونوميست فى رؤيتها الاقتصادية حيث أشارت إلى أن الحكومة المصرية قالت إنها ستنحرف عن معدلات العجز المستهدفة بهامش صغير، ثم أعلنت أنها ستلتزم بتلك المعدلات المستهدفة من خلال تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات، وهو الاتجاه الذى أعتبرته الإيكونوميست غير محتمل فى ظل التباطوء الاقتصادى الحالى، وبينما تتوقع الحكومة تحقيق عجز بـ8.6% من الناتج الإجمالى فى العام المالى الحالى، تقدر الإيكونوميست عجز العام الحالى بـ10.6% على أن يستمر فى الزيادة فى 2012/2013.
وتحت ضغط الانتقادات الشعبية لسوء الإدارة للمرحلة الانتقالية، تستشعر الإيكونوميست بأن الحكومة تسعى إلى إلقاء جزء من المسئولية واللوم على عدم الاستقرار الجارى على «الأجندات الأجنبية»، واصفة الحكومة بأنها مدفوعة بـ«برانويا التدخل الأجنبى». وفى مقطع آخر من التقرير يتضح التأثير السلبى لعنف السلطة ضد المتظاهرين على الاقتصاد، حيث أشارت الإيكونوميست إلى أن أحداث «محمد محمود» فى نوفمبر دفعت العملة المحلية إلى مستويات منخفضة أمام الدولار لم تسجلها منذ يناير 2005 «بعد أن كانت العملة المحلية قد اتجهت إلى الاستقرار فى الجزء الأخير من العام الماضى».
وكان تشكك المجلس العسكرى أيضا فى التدخل الأجنبى أحد أسباب وقف قرضى صندوق النقد والبنك الدوليين فى يونيو الماضى، قبل أن تجبر الحكومة على العودة له مجددا مع ارتفاع معدلات الاقتراض من المؤسسات المحلية، برأى الإيكونوميست.
الضلع الثالث للسلطة، وهو مجلس الشعب المنتخب، لا يبدو الخيار الأفضل فى رؤية الإيكونوميست، فبينما كانت المخاوف التقليدية للاستثمار الأجنبى من التيارات الدينية من تطبيق رؤيتها الدينية فى العمل السياسى، قالت الإيكونوميست إن المخاوف من أن حزب الأغلبية فى البرلمان، الحرية والعدالة أن يسعى إلى تطبيق «قوانين شريعة صارمة ستثبت تقريبا أنه ليس لها أساس من الصحة»، ولكن انتقاد الإيكونوميست للحرية والعدالة كان فى مجال آخر، فبعد استعراض أبرز السياسات الاقتصادية للبرنامج الإخوانى، قالت الإيكونوميست إن اقتراحات الحزب «تبدو مؤسسة على تقديرات غير صحيحة وحسابات غير دقيقة عن معدلات الادخار الممكنة أو الإيرادات التى يستطيعون تحقيقها»، واعتبرت فى مقطع آخر من التقرير أن اتسام الحزب بـ«نقص خبرة صناع السياسة مع الخوف من نفور قطاعات كبيرة من المصريين منهم سيجعلهم حذرين من الانحراف عن الاستراتيجية الموجودة».
ويظهر موقف الإخوان من الاحتجاجات الشعبية على الحكومة الحالية متخبطا، فى تحليل الإيكونوميست، فهم «كانوا فى البداية راغبين فى خطة العسكرى بالإبقاء على الحكومة حتى الانتخابات الرئاسية، ولكنهم أجبروا على إعادة تقييم موقفهم من خلال تصاعد الغضب الشعبى من الإدارة السيئة للفترة الانتقالية»، وبالرغم من أن الإخوان يسعون إلى بناء توافق سياسى بين التيارات المختلفة، فإن الإيكونوميست ترى أنهم سيصطدمون بالتعارض الايدلوجى العميق بين تيارات ليبرالية مثل أحزب الوفد والوسط، ومتشددة مثل حزب النور «هل ينجح الاخوان فى تشكيل هذا التحالف الشامل، من المرجح ان يكون تحالف قصير الاجل مع تصاعد التوتر بين الأعضاء يصبح مستعصى الحل».
وإلى جانب التحديات المحلية التى تقف أمام مستقبل النمو الاقتصادى، تبرز مخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية فى منطقة اليورو، أحد أبرز الشركاء التجاريين لمصر، فالإيكونوميست تتوقع أن تواجه المنطقة ركودا فى العام الجارى «وفى حالة وقوع سيناريو انهيار اقتصادى فى أوروبا ستقل فرص مصر فى التمويل الخارجى لأن الدائنين سيركزون على تخفيف تداعيا الأزمة الأوروبية».
تعليقات