'مجرد ترهات'.. الدعيج منتقداً الأحاديث الحالية عن الوحدة الوطنية
زاوية الكتابكتب مارس 18, 2012, 1:19 ص 871 مشاهدات 0
القبس
استغلال الكراهية لفرض الكراهية
عبد اللطيف الدعيج
هذه الايام يتعالى الحديث عما يسميه البعض بالوحدة الوطنية وضرورة حمايتها، وتشريع القوانين للذود عنها. وهي احاديث وترهات ما انزل الله بها من سلطان، فهي غالبا ما يكون الهدف منها تحقيق ما يعجز او يخشى البعض اعلانه او الالتفاف على قضايا اولية وتمييعها، كما حدث مع الدعوات المزعومة لحماية الوحدة الوطنية عندما طرح البعض موضوع ازدواجية الجنسية.
لكن هناك في الجانب الاخر، من طرحَ قوانين وآراء لحماية الطوائف والفئات الاجتماعية، عبر محاولة تجريم التحقير او الازدراء اللذين يبديهما البعض تجاه الطوائف او الاطراف والفئات الكويتية بسب اصلها او عرقها او مذهبها. ومع ان هذا الاجتهاد وطني صالح وفيه الكثير من حسن النية، الا ان الخشية ان يستغله البعض، وسوف يستغله، للمزيد من التكبيل لحرية التعبير، ولتقييد الحريات الفكرية وابداء الرأي، وذلك بحجة الحفاظ على «الوحدة الوطنية» المزعومة وعدم المساس بكرامات المواطنين.
ان هناك فرقا، مع الاسف ليس كبيرا، بين حرية الرأي والقذف او السب. ومجاميع الردة والقوى المعادية للحرية على انواعها واختلافاتها معنية باستمرار بالتضييق على هذا الفارق وتقليص الاختلافات بين طرفيه. وحماية الوحدة الوطنية المزعومة او تحصين الجماعات او الطوائف المستهدفة بالتصغير او التهميش يتخذ وسيلة هذه الايام لفرض المزيد من التضييق والمزيد من الحصار على حرية الرأي والتعبير.
ان الاضرار او التهميش اللذين تتعرض لهما الفئات الاجتماعية لا يأتي من الافراد، ولا حتى من المؤسسات. وطائفة لها جذورها الاجتماعية او قبيلة لها مكانتها العامة ليس من المفروض ان يخدش كرامتها او يسيء الى مصالح افرادها شخص واحد او حتى حزب او جماعة، ما لم تكن الاساءة تستهدف الاقصاء والتحقير بشكل تحريضي واضح. لهذا فان الاهانات او التعريض بكرامة المواطنين او انتماءاتهم يتمان فقط من قبل الاجهزة الرسمية والموظفين العموميين، ولا يتمان من قبل الافراد العاديين مهما تعاظمت سلطاتهم.
ان رجل الامن الذي يستوقفك او ترمي بك الظروف اليه هو الذي يجاملك لانك ابن عم او فريج او طائفة، او يتحامل عليك في المقابل لانك لست كذلك. والموظف الذي تكون حاجتك عنده من الممكن ان يخدمك لانه مال اليك، ومن الممكن ان يعرقل خدمتك لا لشيء الا لانك تختلف فئويا او مذهبيا عنه.
القصد، ان حرية الرأي او التعبير لا تضر ولا تنفع الا صاحبها، ولكن ما يضر وما يؤدي الى الاضرار بمصالح الناس او حتى استفزازهم – كما حدث على ما يشاع لبعض المواطنين مؤخرا في المطار- ما يضر هو «المعاملة» والنتائج التي تتوقف على هذه المعاملة التي يضطلع بها في الغالب موظف حكومي او مسؤول في مكان عام.
هذا ما يجب ان تعنى قوانين تجريم الكراهية والتحريض على الاخرين به، وليس حرية الرأي او التعبير.
تعليقات