بدراسة قانونية خص بها ((الآن)):
زاوية الكتابثقل العجمي يكتب عن توحيد الجنسية من أجل توحيد المواطنة
كتب مارس 12, 2012, 9:50 م 5168 مشاهدات 0
خص الدكتور ثقل سعد العجمي أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان بجامعة الكويت بمقال عن توحيد مواد قانون الجنسية الكويتية سعيا لتوحيد المواطنة، وجاء في نص الدراسة ما يلي: -
إن من أساسيات مفهوم الدولة هو تعاملها من كافة مواطنيها بذات الطريقة وبالتساوي, فالدولة لا يجوز لها أن تعمل على تقسيم المواطنة ولا يجوز لها أن تقبل بذلك. كما إن من منطلقات المواطنة الدستورية وجود علاقة مواطنة واحدة بين جميع الأفراد مع وطنهم دون أية تفرقة أو تمييز لأي سبب كان, لذلك نصت المادة 7 من الدستور على أنه 'العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع, والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين', وأوجبت المادة 8 من الدستور على الدولة صون هذه الدعامات والحفاظ عليها فقالت 'تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن وتكافؤ الفرص بين المواطنين'. كما نصت المادة 29 من الدستور على أن 'الناس سواسية في الكرامة الإنسانية, وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة, لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة'.
وبناء على ما تقدم, فإن اختلاف أسباب منح الجنسية واكتسابها حسب مواد قانون الجنسية الكويتي يجب أن لا يكون سبباً في التفرقة في الحقوق بين المواطنين بعد أن أصبحوا جميعا مواطنين كويتيين, وعليه فإن كل تفرقة قانونية بين الكويتيين على أساس الجنسية مثل الحرمان الدائم من حق الترشح لعضوية مجلس الأمة أو الحرمان المؤقت (20 سنة ) من حق الانتخاب لعضوية مجلس الأمة لا تتفق مع مفهوم المواطنة الواحدة التي يجب أن يشعر بها جميع المواطنين في علاقتهم مع وطنهم الكويت.
والحديث هنا ليس متعلقا بتوحيد أسباب كسب الجنسية الكويتية والأساس القانوني للحصول عليها, فهذه الأسباب والأسس تختلف باختلاف مواد قانون الجنسية, فمنها ما يتعلق بالتوطن بالكويت قبل عام 1920 إلى تاريخ نشر قانون الجنسية عام 1959 (المادة 1), ومنها ما يتعلق بالميلاد لأب كويتي سواء كان كويتيا بصفة أصلية أو متجنس (المادة 2), ومنها ما يتعلق بمجهولي الأبوين واللقطاء من مواليد الكويت (المادة 3),ومنها ما يتعلق بأبناء الكويتية من أب مجهول أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا (المادة 3), ومنها ما يتعلق بالإقامة الطويلة في الكويت (المادة 4), ومنها ما يتعلق بالخدمات الجليلة (المادة 5), ومنها ما يتعلق بأبناء الكويتية من أب أجنبي تم أسره أو طلق أمه طلاقا بائنا أو توفي عنها (المادة 5), ومنها ما يتعلق بالمقيمين بالكويت قبل عام 1965 واستمروا بذلك (المادة 5), ومنها ما يتعلق بالزوجة الأجنبية إذا اكتسب زوجها الجنسية الكويتية(المادة 7), ومنها يتعلق بأبناء المتجنس وأحفاده القصر والبالغين (المادة 7 و7 مكرر), ومنها ما يتعلق بالأجنبية المتزوجة من كويتي (المادة 8).
فكل ما سبق يتعلق بأسباب وأسس منح الجنسية الكويتية واكتسابها سواء كان ذلك بقوة القانون أو استعمالا للسلطة الجوازية التي تمتلكها الإدارة في هذا الشأن, المهم بعد أن يصبح الشخص كويتيا فإنه يجب أن يتمتع بذات الحقوق ويلتزم بذات الواجبات التي يتمتع أو يلتزم بها غيره من المواطنين.
وقد يقول قائل كيف يساوى في الحقوق بين الكويتيين بالتأسيس الذين تكلمت عنهم المادة 1 من قانون الجنسية وهم من توطن الكويت قبل عام 1920 مع غيرهم ممن اكتسبها لاحقا ولأسباب أخرى, فالسابقون هم فقط المواطنون بصفة أصلية. وفي ذلك نقول أن هناك فهم خاطئ لقانون الجنسية الكويتي الصادر عام 1959, فهذا القانون لم يقصر وصف الجنسية الكويتية بصفة أصلية على الكويتيين بالتأسيس الذين تحدثت عنهم المادة 1, حيث أضافت إليهم كل من ولد لأب كويتي سواء كان والده كويتيا بالتأسيس أو متجنس كما ذكرت ذلك المادة 2, والتي ولهذه الأسباب لم تطبق حتى هذه اللحظة, فما زال أبناء الكويتيين بالتأسيس (المادة 1) يحصلون على الجنسية الكويتية طبقا لهذه المادة على الرغم من هذه المادة هي مادة انتقالية متعلقة فقط بالأفراد الذين توطنوا الكويت قبل عام 1920 واستمروا في ذلك (أو فروعهم) إلى حين نشر قانون الجنسية عام 1959.
بل إنه, وقبل عام 1987, كان أيضا كويتيا بصفة أصلية من ولد في الكويت لأبوين مجهولين (اللقطاء) ومن ولد في الكويت أو في الخارج من أم كويتية وكان مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا (المادة 3), أما بعد التعديل في عام 1987 فقد أصبح هؤلاء كويتيين بالتجنس, وإن كان اللقطاء يكتسبونها بقوة القانون بينما يخضع ابن الكويتية من أب مجهول أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانون فتجنسيه للسلطة التقديرية للإدارة. ومع ذلك كلهم يتمتعون بحقوقهم السياسية بشكل كامل -انتخابا وترشيحا- إما بسبب القانون أو الواقع, أما من حيث القانون فالمادة 6 من قانون الجنسية التي نصت عدم تمتع من كسب الجنسية طبقا للمواد 4, 5, 7, و8 من حق الانتخاب لأي هيئة نيابية قبل انقضاء 20 سنة من تاريخ كسبه للجنسية الكويتية, لم تشر –وهي التي أيضا أحالت إليها المادة 1 من قانون الانتخاب- إلى من كسب الجنسية طبقا للمادة 3 المشار إليها أعلاه! أما من حيث الواقع فإنه خلافا للمادة 82 من الدستور والتي اشترطت في عضو مجلس الأمة (حق الترشيح) أن يكون كويتيا بصفة أصلية, فإن ما جرى عليه العمل أن يكتب في خانة الجنسية لمن يكتسب الجنسية طبقا للمادة 3 أنها تمت طبقا للمادة 1, ولعل السبب في ذلك الرغبة في الستر على هؤلاء الأفراد فلا ذنب لهم فيما حصل. وبذلك يستطيع المتجنس بسبب المادة 3 أن يحصل على كامل حقوقه السياسية من انتخاب وترشيح.
ويضاف إلى ما سبق سبب آخر للاستغراب, وهو أن المتجنسين طبقا للمادة 7 (مكرر) وهي المتعلقة بالأبناء الراشدين وقت اكتساب والدهم الجنسية الكويتية, والأحفاد الراشدين وأحفاد المتجنس القصر الذين توفى عنهم والدهم قبل منح هذا الأب الجنسية الكويتية, حيث يكون من حق المتجنسين طبقا لهذه المادة ان يمارسوا حقهم في الانتخاب لأن المادة 6 من قانون الجنسية لم تشر إلى هذه المادة 7 (مكرر), وهي مادة مستقلة بذاتها متضمنة لأحكام مختلفة عن ما سواها من المواد وتمت إضافتها عام 1998. ذلك ان المادة 6, التي أحالت إليها المادة 1 من قانون الانتخاب, حصرت المواد التي يحرم المتجنسون بمقتضاها من حق الانتخاب قبل مضي 20 سنة من تاريخ كسبهم للجنسية الكويتية والمواد هي 4, 5, 7, و8 فقط دون غيرها.
بل أن الأسوأ من ذلك كله أنك قد تجد في الأسرة الواحدة ثلاثة أنواع من المعاملة القانونية في الحقوق السياسية لدى أفراد هذه الأسرة, فمثلا إذا اكسب الأجنبي الجنسية الكويتية وكان له أولاد راشدون وقصر ورزق بأنباء بعد اكتسابه الجنسية, حيث يصبح الوضع كالتالي:
أولا: الأبناء الذين يولدون بعد اكتسابه الجنسية الكويتية سوف يصبحون كويتيون بصفة أصلية طبقا للفقرة الثالثة من المادة 7 والتي نصت على أنه 'أما أولاد المتجنس الذين يولدون بعد كسبه الجنسية الكويتية فيعتبرون كويتيون بصفة أصلية ...'. وقد أضيفت هذه الفقرة عام 1994 لتصحيح الوضع الخاطئ وهو عدم تطبيق المادة 2 من قانون الجنسية التي اعتبرت أبناء الكويتي سواء كان بالتأسيس أو بالتجنس هم كويتيون بصفة أصلية. وبذلك يكون هؤلاء الأبناء متمتعين بكامل حقوقهم السياسية من ترشيح وانتخاب.
ثانيا: الأبناء القصر وقت اكتساب والدهم الجنسية الكويتية, فهؤلاء يكتسبون الجنسية الكويتية بقوة القانون, غير أنهم يعتبرون متجنسون طبقا للمادة 7 من قانون الجنسية التي أشارت إليها المادة 6 , وبالتالي يحرمون من جميع حقوقهم السياسية, إما حرمانا دائما من حق الترشيح أو حرمانا مؤقتا من حق الانتخاب (20 سنة).
ثالثا: الأبناء الراشدون وقت اكتساب والدهم الجنسية الكويتية فهؤلاء يبقون أجانب ولا يتمتعون بالجنسية الكويتية إلا إذا قررت الإدارة خلاف ذلك طبقا للسلطة الجوازية التي أعطاها إياها القانون طبقا للمادة 7 (مكرر) من قانون الجنسية, فإذا قررت الإدارة طبقا لهذه السلطة منحهم الجنسية فسوف يتمتعون بحق الانتخاب كاملا لأن المادة 6 لم تشملهم, إما حق الترشيح فيمنعون من ممارسته بشكل دائم باعتبارهم متجنسين والمادة 82 من الدستور اشترطت أن يكون المرشح كويتيا بصفة أصلية.
ولنا أن نتأمل في هذا الوضع في ظل نص المادة 9 من الدستور في أن 'الأسرة أساس المجتمع, قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن, يحفظ القانون كيانها, ويقوي أواصرها, ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة'.
وعليه ولإزالة هذه التفرقة في الحقوق وللتخلص من هذه الأوضاع غير المنطقية ومن اجل توحيد المواطنة الكويتية, فإنني اقترح:
أولا: إجراء تعديل في قانون الجنسية بحيث يلغى الحرمان من حق الانتخاب فتلغى المادة 6 من قانون الجنسية ويحل محلها نص يؤكد أحقية كل كويتي في ممارسة حقه في الانتخاب واختيار من يمثله ويرعى مصالحه باعتبار أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها ويرعى مصالح الشعب بأكمه.
ثانيا: أما فيما يتعلق بحق الترشيح فالمشكلة فيها أكثر صعوبة لتعلقها بنص دستوري هو المادة 82, والتي اشترطت في عضو مجلس الأمة أن يكون كويتيا بصفة أصليه, ولذا ينبغي أن يكون الحل متوافقا مع هذا النص ولا يخالفه. لذا فإنني أقترح تضمين قانون الجنسية لمدة معينة (10 سنوات مثلا) بعدها يصبح الكويتي بالتجنس استنادا إلى أية مادة من مواد قانون الجنسية هو كويتي بصفة أصلية يتمتع بحق الدستوري في الترشيح لانتخابات مجلس الأمة ويتولى الوزارة إذا تم اختياره لذلك, بحيث تصبح هذه المدة فترة اختيار لولاء هذا الشخص للكويت –وان كان هذا الأمر أصلا مفترضا وعلى ضوئه تم منح الجنسية, يمكّن بعدها من ممارسة حقوقه في المواطنة الدستورية كاملة, كما أشارت إلى ذلك المذكرة التفسيرية للدستور في تعليقها على المادة 82 من الدستور.
تعليقات