كويتي يعتذر للإمارات

زاوية الكتاب

استهداف الإمارات ضرب لتعزيز المسيرة الخليجية

كتب 3281 مشاهدات 0


لم أشك للحظة بأن أهل الإمارات الحبيبة لن يربطوا بين الكويت الشعب والكويت الدولة وبين التصريحات غير المسؤولة التي أطلقها بعض الكويتيين ممن ينتمون لتيارات إسلامية ضد دولة الإمارات. فالشعب الكويتي أُبتلي بمن يورط الكويت في قضايا لا علاقة له بها, وضد شعوب ودول تربطنا بهم علاقة متجذرة تاريخياً ويرسخها الحاضر.

فلكل إماراتي نعتذر عن هذه التصريحات، التي آلمتنا في الكويت قبل أن تصل للإماراتيين عبر وسائل الإعلام. ولعل رفض الأمين العام لدول مجلس التعاون عبداللطيف الزياني، لتصريحات الناطق باسم حركة 'الإخوان المسلمين' في مصر بشأن دولة الإمارات، وتأكيده على رفض دول المجلس كلها واستنكارها لهذه التصريحات يبين مدى الإساءة التي لحقت بدولة شقيقة ما يتطلب موقفاً شعبياً كويتياً ناقداً ضد كل من ينضم من الكويتيين لهذه الحملة خصوصاً ممن لا يضعون في الاعتبار مصلحة الكويت في انتمائها لمحيطها الخليجي.

هؤلاء ممن يورطون الكويت وهم لا صفة اعتبارية لهم يستغلون التسامح في الكويت والأجواء الديمقراطية لتحقيق أهداف لا نعلم حقيقتها، والسوابق في هذا الشأن كثيرة ولم تقتصر على دولة الإمارات الحبيبة.

المؤلم في هذه القضية الربط غير العقلاني بين معاناة الشعب السوري وبين مخالفات للقانون قام بها بعض السوريين في دولة الإمارات، وهو ربط لو صدق لرأينا من هؤلاء تصريحات تنتقد محاكمة الكويت لبعض السوريين الذين اقتحموا السفارة السورية في الكويت، ولكن يبدو أن دولة الإمارات مستهدفة من تيارات دينية بعينها.

شخصياً كنت أول اسم يسجل ويشارك في فعاليات دعم الثورة السورية في أبريل 2011 حينما كانت هذه التيارات مترددة في حساب الربح والخسارة, وحين كان من يهاجم دولة الإمارات الآن مشغولًا عن معاناة الشعب السوري بجمع الأموال من محاضرات وأناشيد ذات طابع ترفيهي.

نثق أن دولة الإمارات، وهي ترث تقاليد القائد العربي الإسلامي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ستكون أكثر رحمة ورفقاً بالسوريين، الذين خالفوا القانون من هؤلاء النفر القليل الذين تحركهم المصالح لا المبادئ والقيم.

ربما كان استهداف دولة الإمارات خطوة استباقية لضرب أي تعزيز للعمل الخليجي المشترك سواء عبر تطوير آليات عمل مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو عبر البحث عن أطر وحدوية أخرى تحصن دول مجلس التعاون وشعوبه من تحولات السياسة الدولية وتقلباتها. ومن محاولات الحركات الإسلامية التي تعيش عصرها الذهبي التغلغل في دول مجلس التعاون، ليس بهدف الإصلاح السياسي إنما بهدف السيطرة على المشهد السياسي وتهميش أي أدوار تقوم بها دول المجلس للإصلاح السياسي، الذي يتناسب مع طبيعة هذه الدول، ومن دون الدخول في مغامرات سياسية ظاهرها الإصلاح وباطنها تهميش الجميع وسيطرة حركة بعينها على مراكز القرار كما حصل في تونس ومصر.

لا نريد إضفاء أي حماية لأي حكومة، ولكن شعوب دول مجلس التعاون الخليجي لن تكرر الأخطاء التي وقعت فيها مجاميع كثيرة في دول عربية أخرى حين أعمت الشعارات البراقة والمثالية الناس عن حقيقة أن التحولات المدروسة والتدريجية تحمي المجتمعات من سيطرة تيار بعينه، وهي السيطرة التي تعتبر في حقيقتها مجرد نظام شمولي يرتدي قناع الديمقراطية.

دول مجلس التعاون مقبلة على تحديات حقيقية تتطلب ومنذ هذه اللحظة تطوير الخطاب السياسي لدى الشباب، لكي يكون محصناً وبشكل ذاتي من محاولات الاستقطاب التي لا تنتهي، فدول الخليج محسودة على الوضع الاقتصادي، الذي تعيشه وما هذه المحاولات إلا وسيلة لإيجاد التمويل لتيارات سياسية خارج المنطقة ما يتطلب من دول المجلس جميعاً فتح باب الحوار مع المجاميع الشبابية والوصول لصيغ تتيح لها مزيداً من المشاركة في الشأن العام استغلالاً لقدرات هذه المجاميع وهي القدرات التي لم تنتج عن وجود النفط وحده، بل نتجت عن قدرة شعوب دول الخليج وحكامها في خلق دول متطوره اقتصادياً وعمرانياً وقبل ذلك بشرياً.

نعتذر لدولة الإمارات الحبيبة شعباً ورئيساً وحكومة عن خطأ لم نقم به ولكن 'غلات' و'معزة' دار زايد تجعل الإمارات والإماراتيين فوق كل اعتبار.

 

 

 

الاتحاد-داهم القحطاني-مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك