العالم يحتفل بالمرأة اليوم

عربي و دولي

كفاح ونضال في الدول النامية للإعتراف بحقوقها

1677 مشاهدات 0


في الثامن من مارس من كل عام، تحتفل المرأة مع قريناتها في مختلف دول العالم بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة، والذي يحتفى به عرفاناً وتقديراً لدور المرأة في مناحي الحياة المختلفة والارتقاء بمجتمعها خاصة بعد اتساع نطاق نشاطها ليتخطى حدود أسرتها الصغيرة ويشمل مشاركات فعالة في مختلف نواحي الحياة.   وفي العام الماضي احتفل بهذا اليوم العالمي للمرة الأولى تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، التي أنشأتها الأمم المتحدة، بموجب قرار الجمعية العامة في 2 يوليو 2010، لتكون النصير العالمي الرئيسي لقضايا المرأة والفتاة بغرض التعجيل في إحراز تقدم فيما يتصل بتلبية احياجاتهن على الصعيد العالمي.   وموضوع اليوم العالمي للمرأة لعام 2011 هو: 'إتاحة الحصول المتاكفئ على التعليم والتدريب والعلم والتكنولوجيا: مسار إلى فرص العمل اللائق للمرأة.   وتكرس المناسبة لتسليط الاضواء على نجاحاتها وما حققته في مسيرة عملها في مختلف مجالات الحياة والمعوقات التي تعترض تحقيق طموحاتها واحلامها في حياة أفضل ومستقبل تنعم فيه المرأة بمساواة تسقط معها كل أشكال التمييز.

 وحقوق المرأة وواجباتها هي إحدى الشروط التي يقاس بها تقدم الأمم، فالعالم النامي مازال يعاني من تدهور أوضاع المرأة وعدم الاهتمام بها وعدم الاعتراف بحقوقها الإنسانية نتيجة لظروف اجتماعية واقتصادية سيئة.   وتخصيص يوم عالمي للمرأة هو اعتراف بجهودها ودورها في حياة المجتمع ونضالها المتواصل لنيل كافة حقوقها المشروعة كاملة دون نقصان، إلا أنه لم يأت 'هذا الاعتراف' إلا بعد نضال عسير من قبل المرأة المناضلة وأنصارها من الرجال في الحركات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التقدمية، حيث تعود جذور إحياء هذا اليوم إلى القرن الـ19، على خلفية 'التصنيع السريع' الذي شهدته أمريكا وأوروبا، حينما نمت حركات عمالية ونقابية جماهيرية رداً على استغلال العمال، ولم يكن هدف هذه الحركات تحسين ظروف العمل فحسب، بل تحويل العمال والعاملات إلى قوة سياسية، لذا كان التركيز في نضالاتها على 'حق الاقتراع للطبقة العاملة'.   وكون الأغلبية الساحقة من العاملين في فرع النسيج (في أمريكا) من النساء فقد جعل ذلك لهن دورًا مهمًا في تحديد ساعات العمل، وكان هذا المطلب الرئيسي الذي تصدر شعارات الأول من مايو (عيد العمال العالمي) الذي احتُفل به لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1886.   وكان للمظاهرات دور مهم في طرح 'مشكلة المرأة العاملة' على جدول الأعمال اليومية، فالمظاهرة الأولى للعاملات كانت في عام 1857 بنيويورك، حيث خرجت عاملات النسيج احتجاجًا على ظروف عملهن، وبعد 50 عامًا من المظاهرات خرج في 8 مارس 1908 ما يقارب 15 ألف عاملة بمسيرة في نيويورك، تطالب بخفض ساعات العمل ورفع المعاش، ووقف تشغيل الأطفال، وحق الاقتراع وكان شعار المظاهرات 'خبز وورود'.   رافق ذلك نمو حركات نسائية (في الولايات المتحدة) من الطبقات الوسطى طالبت بحق المرأة في المشاركة بالحياة السياسية، وأولها حق الاقتراع، وكان اسم هذه الحركات 'سوفراجيستس' وتعود جذورها للنضال ضد العبودية، ومن أجل انتزاع حق الأمريكيين الأفارقة بالمساواة.   وحين منعت النساء الامريكيات اللواتي شاركن في هذه الحركات من الخطاب من أجل 'حقوق السود'، لكونهن نساء.. قمن بتشكيل حركة نسائية للمطالبة بـ'حقوق المرأة' أيضًا، غير أن فكرة 'الاحتفال' ربما تحسب لائتلاف المنظمات النسائية الذي قرر عام 1908 الاحتفال بيوم المرأة في يوم الأحد الأخير من شهر فبراير، وكان أول يوم (وطني) للمرأة تم الاحتفال به في 28-2-1909، وظل كذلك حتى عام 1913.   وفي عام 1910 قررت الاشتراكية الدولية، المجتمعة في كوبنهاجن، إعلان يوم للمرأة، يوم يكون ذا طابع دولي، وذلك تشريفاً للحركة الداعية لحقوق المرأة وللمساعدة على إعمال حق المرأة في الاقتراع، ووافق المؤتمر الذي شاركت فيه ما يزيد على 100 امرأة من 17 بلداً على هذا الاقتراح بالإجماع، وكان من بين هؤلاء النسوة أولى ثلاث نساء ينتخبن عضوات في البرلمان الفنلندي، ولم يحدد المؤتمر تاريخاً للاحتفال بيوم المرأة.   وبالمقابل لم تكن أوروبا بعيدة عن هذه التغييرات، ففي 1910 سافر وفد نسائي أمريكي للمؤتمر الثاني للنساء الديمقراطيات الاشتراكيات في كوبنهاجن (الدانمارك)، حيث اقترح تكريس يوم المرأة العالمي، وكان الجو مهيأً لإعلان 'يوم المرأة العالمي' بعد نجاح يوم المرأة في الولايات المتحدة، لكن الاحتفال بيوم المرأة العالمي في 8 مارس تم في 1913، وبقي هذا التاريخ رمزًا لـ'نضال المرأة'.   وفي عام 1911 ونتيجة للقرار الذي اتخذه اجتماع كوبنهاجن في السنة السابقة، تم الاحتفال لأول مرة بيوم المرأة الدولي في 19 مارس في كل من ألمانيا والدانمرك وسويسرا والنمسا حيث شارك ما يزيد عن مليون امرأة في الاحتفالات، وبالإضافة إلى الحق في التصويت والعمل في المناصب العامة، طالبت النساء بالحق في العمل، والتدريب المهني وإنهاء التمييز في العمل.   وفي العامين 1913- 1914 وكجزء من حركة السلام التي أخذت في الظهور عشية الحرب العالمية الأولى، إحتفلت المرأة الروسية بيوم المرأة العالمي لأول مرة في آخر يوم أحد من شهر فبراير 1913، وفي الأماكن الأخرى من أوروبا نظمت المرأة في 8 مارس من السنة التالية، أو قبله أو بعده، تجمعات حاشدة للاحتجاج ضد الحرب أو للتعبير عن التضامن مع أخواتهن.   وكان ميثاق الأمم المتحدة، الذي وقع في سان فرانسيسكو في عام 1945، أول اتفاق دولي يعلن المساواة بين الجنسين كحق أساسي من حقوق الإنسان، ومنذ ذلك الوقت، ساعدت المنظمة على وضع مجموعة تاريخية من الاستراتيجيات والمعايير والبرامج والأهداف المتفق عليها دولياً بهدف النهوض بوضع المرأة في العالم، وبقرار من الجمعية العمومية للأمم المتحدة تم إعلان عام 1975 'سنة عالمية للمرأة' وفي عام 1977 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو الدول لتخصيص يوم 8 مارس للاحتفال بحقوق المرأة والسلام الدولي وذلك وفقاً للتقاليد والأعراف التاريخية والوطنية لكل دولة، وعرف هذا اليوم فيما بعد إختصاراً باليوم العالمي للمرأة، والذي أخذ بعداً عالمياً جديداً بالنسبة للمرأة في البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية على حد سواء.

وفيما يلي لمحات لبعض النساء اللائي كن نتاج هذا اليوم في بعض البلدان كما أوردتها صحيفة غارديان.

 جنوب السودان

 تقول إيميلدا ميلينغ إليوزاي إنها كانت في جنوب السودان وقت الحرب وكان أداء الفتيات في المدارس آنذاك ضعيفا. لكن في العام 1981 دخلت إليوزاي امتحان الثانوية ونالت شهادتها وانتقلت إلى الخرطوم للدراسة الجامعية وتخرجت هناك عام 2002. وعندما رجعت عينت في مدرسة جوبا الفنية عام 2004.

 وكانت الأنثى الوحيدة في التدريس بين الرجال ووجدت حياة التدريس صعبة نظرا لقلة المواد والرواتب في ظل الحرب الدائرة. وبعد انتهاء الحرب ظلت الفتيات يواجهن مشاكل جمة وتركت بعضهن الدراسة لضيق الحالة المالية للآباء ومن ثم فضلوا إبقاء الفتيات في المنزل. وتعتقد إيميلدا أن جنوب السودان سيتغير بعد الاستقلال وسيتغير معه حال المرأة.

 سيراليون

وتقول هوا بيو إن الحرب الأهلية هناك كانت وقتا مرعبا. وإذا كان هناك امرأة جميلة يأخذها المتمردون بالقوة لتسافر معهم لتحمل أغراضهم في الأدغال ونادرا ما كانت تعود.

 وتضيف بيو أن الحياة استمرت بعد الحرب، وقد ساهمت في مساعدة النساء اللائي تضررن من الحرب للعودة إلى بيوتهن وإعادة لم شمل الأسر ببعضها. لكنها ما زالت خائفة بعد مرور 10 سنوات على الحرب، أن ينسى أمر بلدها، لأن المعونة التي تقدم له أوشكت على النفاد، ومع ذلك تحاول بيو هي وغيرها من النساء التحلي بالإيمان والتصميم لتحقيق آمالهن.

   الهند

 أمروتا ميهتا من مومباي وتعيش في هولندا حيث تعمل في مجال الإعلام العلمي. وتقول ميهتا إن التلفاز والجرعة الزائدة من أفلام بوليوود كانت قاسية على بنات الهند. وتضيف ميهتا أن هناك الآن نساء لهن دور بارز في إحداث إصلاحات كثيرة وأصبحت النساء مديرات في شركات كبيرة ومشاهير في أعمال البر وغيرها.

 وبفضل الحقوق التي حصلت عليها استطاعت السفر وحدها للدراسة في الخارج وقد ساعدها والداها في ذلك بثقتهم فيها. وتقول إنه يجب الاحتفال بمثل هؤلاء النسوة في اليوم العالمي للمرأة.

 ماليزيا

 وعن وضع المرأة هناك تقول ريجينا ياو إنه تقدم ببطء لكن بثبات خلال القرن العشرين. ومع ذلك ظلت التوجهات العامة على مدار العقدين الماضيين تجاه النساء متمسكة بالتقاليد بعناد. وقالت إن الناشطات الماليزيات يعشن صراعا عنيفا مستمرا مع التقاليد والدين لمجرد المحافظة على التقدم للأمام، خاصة في وجه مقاومة التجديد الديني المتزايد لزعماء ماليزيا المسلمين الذين جلهم من الرجال.

 وتضيف أن الطريق طويل أمام النساء لأخذ حقوقهن لكنهن يسرن على الطريق الصحيح، وتأمل عندما يحتفل بالذكرى المائتين لليوم العالمي للمرأة أن يتمكن من تذكر عام 2011 عاما محفزا ونقطة تحول إيجابية للنساء في ماليزيا وما بعدها.

  غزة

 تقول نجاح عياش، رئيسة مركز التنمية النسائية في رفح الذي يقدم دورات تدريبية لنحو 300 امرأة إن حياتها وأسرتها كانت صعبة في الثمانينيات، ومع ذلك قد تشارك الناس في الحس المجتمعي. فكان الرجال هم المعيلون بينما كانت النسوة تهتم بالأطفال.

 ورغم نشأتها الفقيرة كانت نجاح محظوظة لأنها تلقت تعليما وهي الآن أم لسبعة أطفال تعيش في غرفتين في منزل أسرة زوجها. وتحكي نجاح عن معاناة أسرتها وكل من حولها من الاحتلال الإسرائيلي وأن مشاكل النساء غالبا تتركز حول تأمين الطعام والماء والكهرباء وتحاول مؤازرتهن، لكنهن يعشن حياة بائسة وكل ما يفكرن فيه هو حياة أسرهن اليومية بدلا من حقوقهن كنساء.

 وتقول نجاح إن نساء غزة يحببن الحياة كغيرهن من النساء في أنحاء العالم، ورغم الافتقار إلى الحقوق الأساسية، بسبب الحصار والسياسات الظالمة للمحتل هن أقوياء ويأملن أن يلتفت العالم أكثر إليهن كي يستطعن المساعدة في بناء المجتمع الفلسطيني.

  البرازيل

 تقول كارمن باروسو إنها نشأت في أسرة من الطبقة المتوسطة، وعمل والداها على أن تكون ربة منزل جيدة وتحصل على شهادة دراسية إذا لم تتزوج واحتاجت لتعمل وأن تظل عذراء حتى الزواج.

  وتضيف أن النساء لديهن اليوم خيارات أكثر وآفاق مهنية مفتوحة ولديهن حريات أكثر. وأهم تغيير هو طريقة تفكير النساء في أنفسهن. بمعنى أن ما كان حكرا على مجموعة صغيرة من النساء الثائرات مثلها أصبح ميزة كبيرة لأعداد كبيرة من النساء في طبقات اجتماعية مختلفة.

  فهن يرين أنفسهن بشرا مستقلين أحرارا في تقرير حياتهن كما يردن ولهن حق أن يحترمن ويعاملن دون تمييز. وتضيف باروسو أن النساء أحرزن تقدما هاما في المشاركة السياسية، حيث أصبح هناك الآن رئيسة للبلاد. ومع ذلك تشتكي أن انتخاب رئيسة لم يفتح الباب لمشاركة النساء في السياسة دون تحيز.

  أفغانستان

 شهرزاد أكبر من جوزجان هي أول امرأة أفغانية تدرس دراسة جامعية في جامعة أكسفورد، وهي في السنة الثانية من الماجستير في دراسات التنمية ببرناج ويدنفيلد للمنح والقيادة. وتقول شهرزاد إن الحرب الأهلية، عندما كانت في السادسة من عمرها، كانت شديدة الوطأة على أسرتها مما اضطرها للانتقال إلى العاصمة كابل. ومن ثم لم تكن الدراسة أولوية للأسر الأفغانية في ذاك الوقت. لكن والديها حاولا تعليمها وإخوتها في البيت.

 وإبان حكم طالبان هربت الأسرة لباكستان لكي تتمكن من مواصلة دراستها، والآن هناك 2.4 مليون فتاة أفغانية مسجلة في المدراس، مقارنة بـ5000 فقط عام 2001.

 لكن لا تزال هناك عوائق كثيرة تمنع الفتيات من المدرسة وتجعل الأمر أصعب لهن للحصول على تعليم جيد مثل الفقر والزواج المبكر وبالإكراه. كما أن عدم الأمان المتزايد يجعل الأمر صعبا للفتيات للذهاب إلى المدارس، ونقص أعداد المدرسات يمثل مشكلة أيضا.

 فكثير من الفتيات لا يذهبن للمدرسة لأن الآباء لا يشعرون بارتياح من تعليم الرجال لهن أو الجلوس مع الأولاد. وكثير من المدارس ليس بها مبان ومن ثم تجبر الفتيات على التعلم في خيام أو في الهواء الطلق. ومع ذلك تقول شهرزاد إن هناك كثيرا من الفتيات النجيبات والموهوبات في أفغانستان اللائي  من حقهن الحصول على تعليم جيد كما كانت هي محظوظة.

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك