المليفي «سجين رأي»، براى المقاطع، واستمرار حبسه اعتداءً صارخاً على الحرية
زاوية الكتابكتب مارس 8, 2012, 12:04 ص 1112 مشاهدات 0
القبس
الديوانية
سجين الرأي المليفي.. واستجواب بنهج جديد!
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :
الدولة بكل سلطاتها مطالبة بكفالة الحريات وضمانها والذود عنها تشريعياً وقضائياً وتنفيذياً، وليس أخطر على الحرية من التعامل معها على أنها هبة أو منحة من الدولة أو الحكومة، وتجاهل أن حقيقتها حق قررته الشرائع السماوية، والدساتير القديمة والحديثة، فضلاً عن أنه حق طبيعي للإنسان يولد معه وينتهي بوفاته، «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!». وبعد، فالحرية كلٌّ لا يتجزأ، وليست هناك حريات تتصرف فيها الدولة أو الحكومة بمزاجها أو برد فعل، إرضاء لهذا أو تحييداً لذاك، أو خضوعاً لابتزاز أو تهديد. فسلامة الحكومة واستمرارها ورئيسها، لا قيمة لكل ذلك ولا أهمية عند إهدار حرية إنسان أو الاعتداء عليها، فلترحل الحكومة ورئيسها ولتبق الحرية. إن استمرار حبس الكاتب محمد المليفي يمثل اعتداءً صارخاً على الحرية بصفة عامة، وعلى حرية الرأي بصفة خاصة، «فهو سجين رأي»، فحبسه والشكوى المقدمة ضده سببهما رأي كتبه وفكرة ناقشها، قد لا نتفق معه بشأنهما أو أسلوبه في طرحه وتناوله للموضوع، بل حتى توقيته، لكنه رأيه، وله كامل الحرية في إبدائه، قد تكون هناك مآخذ من الناحية القانونية على بعض عباراته ومفرداته، لكنها يجب أن تكون محكومة بالقانون لا بالمزاجية والتقدير من قبل السلطة، فالشكوى عليه إجراء مقرر قانوناً، لكن اعتقاله وحبسه واستمرار ذلك ترويعاً له على رأي أعلنه.. لا يجوز دستورياً وقانونياً.
أما وان التحقيق تم معه، فإطلاق سراحه هو الإجراء الطبيعي، فهو ليس خطراً على الأمن ولا يُخشى فراره. ولذا، فإن استمرار حجزه باطل دستورياً، وليترك أمر الحكم بموضوعه للقضاء، ولا نستخدم السجون وسيلة لترهيب الناس عند ممارستهم حرية الرأي، الحكومة سقطت سياسياً في هذا الموضوع، وانتهكت الدستور واعتدت على الحريات بتصرف غلبت عليه رد الفعل والحسابات السياسية الضيقة، وهو ما يثير مسؤوليتها السياسية كاملة، ويؤكد أن نهجها هو النهج القديم بما فيه من إرضاءات سياسية، ألحقت بالبلد الضرر والتخلف والفساد، أطل.قوا سجين الرأي محمد المليفي من معتقله، صوناً للحرية، وانتصاراً لها!
***
الاستجواب الذي قدمه النائب صالح عاشور لرئيس الوزراء، على الرغم مما على بعض وقائعه وفقراته من مآخذ وشُبهات بعدم دستوريتها، مثل مساءلة رئيس الوزراء عن تشريعات أصدرها مجلس الأمة وأعمال تمت منذ سنوات سابقة، وخلطه بين موضوعات لا صلة بينها، أو تركيزه على قضية بدأت إجراءات حلها، وما زالت مستمرة، أقول على الرغم من ذلك، فإنه استجواب سياسي صحيح بمعنى الكلمة، وفيه محاور جوهرية تتطلب الاستماع إلى الأجوبة عنها، قبل أن يستعجل الإنسان الحكم عليها، مثل موقف الحكومة من الإيداعات، وهل فعلاً فيه انتقائية تعلم بها الحكومة ولديها معلومات بشأنها، وهي تخفي ذلك أو متواطئة فيه؟! ولماذا تم تحويل التحويلات الخارجية لديوان المحاسبة؟ وهل ذلك محاولة للالتفاف على المساءلة السياسية والتحقيق البرلماني كما أثار ذلك بعض الأعضاء؟ ويبقى تقصير الحكومة في تقديم برنامجها مسألة تستحق الوقوف عندها، لأنه التزام دستوري لا يجوز تجاهله، وقد أثرت وطالبت منذ سنوات عدة بمساءلة الحكومة على تقصيرها بتقديمه، وإخلالها بالمادة 98 من الدستور.
والأهم في استجواب النائب عاشور هو إعلان رئيس الوزراء المبكر والمباشر بأنه على استعداد لصعود المنصة في الموعد لمواجهة الاستجواب، ولن يطلب مناقشته بجلسة سرية، ولن يطلب إحالته إلى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية، وهو توجه ومنهج جديدان، طالما طالبنا بهما للندية في مواجهة الاستجوابات، حتى لا يكون مجرد تقديمها أو التلويح بها سبباً لتخويف الحكومة وشل تفكيرها وتعطيلها عن العمل، وكأن ذلك نهاية مطاف الحكومة والتردد بمجرد تقديم الاستجواب. فشكراً لرئيس الوزراء على هذا النهج الأول الجديد، وبانتظار جولة الاستجواب.
اللهم إني بلّغت،،
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات