(تحديث5) تحفة قضائية تاريخية تضاف لسجل العدالة الكويتي

أمن وقضايا

التمييز تلغي حكم الاستئناف بسجن الفضالة لخطأ بالاجراءات وتعيدها لمحكمة الدرجة الأولى والفضالة يصرح

13403 مشاهدات 0


قضت محكمة التمييز اليوم بحكم تاريخي غير مسبوق الغت به حكم محكمة الاستئناف بسجن أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي السابق خالد سند الفضالة لخطأ بالاجراءات في محاكمته السابقة.وفي التفاصيل قضت محكمة التمييز برئاسة المستشار نايف محمد المطيرات اليوم في الطعن المقام من أمين عام التحالف الوطني السابق خالد الفضاله ضد الحكم الصادر من محكمة أول درجة بحبسه ثلاثة أشهر والحكم المعدل من محكمة الجنح المستأنفة المعدل بالحبس مدة عشرة أيام إلى القضاء ببطلان حكم محكمة أول درجة الصادر بحبس الفضالة ثلاثة أشهر وبطلان الحكم المؤيد له الصادر من محكمة الجنح المستأنفة، وقررت محكمة التمييز اليوم إعادة القضية إلى محكمة اول درجة لنظرها بهيئة مشكلة تشكيلا صحيحا وفقا لقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
 
وإستمعت المحكمة لدفاع الطاعن خالد الفضالة الذي حضر شخصيا أمام المحكمة ومعه هيئة الدفاع عنه والمكونة من المحامين حسين الغريب وبسام العسعوسي وعبدالله الأحمد وحسين العبدالله،حيث أكدت هيئة الدفاع عن الفضالة بطلان حكم محكمة أول درجة وذلك لعدم تشكيل محكمة اول درجة التشكيل القانوني السليم وذلك لان المعني بالحضور أمام محكمة اول درجة في قضايا الجنح هو ممثل الإدارة العامة للتحقيقات وليس ممثل النيابة العامة، كما طعنت هيئة الدفاع عن الفضالة ببطلان التفويض الصادر من وزير الداخلية للنيابة العامة بشأن السماح للنيابة العامة التحقيق والتصرف والإدعاء في القضية وذلك لأن قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أعطى لوزير الداخلية فقط التفويض للنيابة العامة التحقيق والتصرف في قضايا الجنح من دون أحقيتها بسلطة الإدعاء أمام المحاكم.
وبينت هيئة الدفاع في بيان لها أن محكمة التمييز إنتصرت للقانون بقضائها بطلان حكم محكمة أول درجة وإعادة الدعوى مرة أخرى أمام محكمة أول درجة بعد أن يراعي في تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها قانونا علاوة على إحتفاظ هيئة الدفاع عن خالد الفضالة بباقي أوجه البطلان التي نالت التحقيقات في القضية وصولا إلى سلامة الموقف القانوني لخالد الفضالة
من جانب آخر إستغربت هيئة الدفاع التصريحات الصادرة من محامي رئيس الوزراء عماد السيف بعد حكم محكمة التمييز اليوم من أن محكمة اول درجة التي سيعاد الأمر إليها ستقضي بإدانة الفضالة مرة أخرى، مطالبة الجميع عدم التدخل بالقضاء أو نسبة له أمر قد يسيء للقضاء، والإبتعاد كل البعد عن مايسيء للقضاء والسلطة القضائية

 

وقام المحامون حسين الغريب، وبسام العسعوسي، وحسين العبد الله، وعبد الله الأحمد بالترافع أمام محكمة التمييز دفاعا عن الأمين العام السابق للتحالف الوطني الديمقراطي في القضية الرفوعة ضده من قبل رئيس الوزراء، حيث من المنتظر أن تصدر محكمة التمييز حكما في الدعوى بعد قليل.

وكانت محكمة الجنح قد أصدرت حكما بحبس الفضالة ثلاثة أشهر مع النفاذ، وغرامة قدرها 150 دينار، وإحالة الدعوى المدنية في الدعوى المرفوعة من رئيس الوزراء.

وكان رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد قد وجه دعوى للفضالة يتهمه فيها بسبه وقذفه خلال مهرجان خطابي بساحة الإرادة تحت عنوان 'ارحل تستحق الأفضل' بإتهام ناصر المحمد بغسيل الأموال حسب ادعاء فريق دفاع رئيس مجلس الوزراء.

من ناحيته صرح الأمين العام السابق للتحالف الوطني الديمقراطي خالد الفضالة بما يلي:

تشرفت بمثولي أمام محكمة التمييزاليوم والتي قررت الإنتصار لحقي في بطلان الأدانة الصادره نتيجة لبطلان الإجراءات المتبعة ضدي من دفاع سمو رئيس مجلس الوزراء أمام النيابة العامة والقضاء .
وكم سعدت بتأسيس مبدأ جديد في حيثيات الحكم الصادر حيث أكد على بطلان التفويض الصادر من وزير الداخلية للنيابة العامة وبالتالي بطلان كافة الإجرءات المتخذة ضدي من سمو رئيس مجلس الوزراء وفريق دفاعه .
كما أعرب عن سعادتي بالفرصه التي سنحت لي مجدداً لأثبات برائتي من التهم المنسوبة لي أمام محكمة أول درجة مع إحتفاظي بحقي في الدفوع القانونية والشكلية بالإضافة لتمتعي بكافة درجات التقاضي . كما أعرب عن استعدادي مجدداً للمثول أمام قضائنا العادل كما في المرة السابقة والتي نترك لها نظر القضية والفصل فيها بما تملكه من سلطة .
وبالرغم مما أسسه حكم التمييز ببطلان الإدانة الصادرة بحقي فأنني اعتبر أن ما لاقيته من ظلم بحبسي بالسجن هو جزء من ضريبة كفاحنا المستمر لمحاربة الفساد والدفاع عن المكتسبات الدستورية بحماية المال العام والدفاع عن حرية التعبير .

 

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?cid=48&nid=54965


http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=55235&cid=30

للمزيد من التفاصيل، أنظر أدناه:

وفي ما يلي نص الحكم:

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة، وحيث ان الطاعن قرر بطعنه امام قلم كتاب هذه المحكمة، واودع الاسباب التي بني عليها طعنه موقعة من محاميه خلال الميعاد المقرر به قانونا مستوفيا بذلك الاوضاع الشكلية مما يتعين قبوله شكلا.
وحيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه اذا دانه بجرائم القذف والسب واهانة موظف عام قد شابه القصور في التسبيب ذلك انه لم يعرض لدفاعه ببطلان تمثل النيابة العامة امام المحكمة عملا بنص المادة 106 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية مما يعيب الحكم ويوجب تمييزه.
وحيث ان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة امام محكمة الجنح المستأنفة ان المدافع عن الطاعن قدم مذكرة دفع فيها امام المحكمة ببطلان تمثيل النيابة العامة في الادعاء امام المحكمة الا ان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ايرادا وردا رغم جوهريته مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه .
وحيث ان موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه.
وحيث ان المدافع عن المتهم قدم مذكرة دفع فيها ببطلان تمثيل النيابة العامة امام المحكمة.
وحيث ان ذلك الدفع في محله، اذ ان المادة 106 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية تنص على ان «يتولى المحققون مباشرة الدعوى بطلب توقيع العقوبة على المتهمين في جميع الجرائم التي يملكون فيها سلطة التحقيق والتصرف والادعاء وفقا للفقرة الثانية من المادة 9 وذلك طبقا للشروط والاجراءات المنصوص عليها في هذا القانون.
وكان مفاد هذا النص ان قضايا الجنح ومنها الدعوى المطروحة يمثل الادعاء فيها ممثل عن الادعاء العام ومن ثم فان حضور ممثل النيابة وتمثيل النيابة في الادعاء العام امام المحكمة يكون باطلا لانه جاء على خلاف ماتقضي به 106 اجراءات سابق الاشارة اليه ولا يغير من ذلك تفويض وزير الداخلية للنيابة العامة التحقيق والتصرف في الجنحة الماثلة ذلك ان هذا الامر يعني تفويض النيابة العامة في التحقيق والتصرف فقط وهو ما تملك وزارة الداخلية التفويض فيه وليس الادعاء العام لانها لا تملك التفويض فيه وذلك عملا بنص المادة 9 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
حيث انه من المقرر فقها وقضاء ان التفويض لا يكون الا بنص، فلا يجوز التفويض الا بقانون اذ يلزم حتى يكون التفويض صحيحا ان يسمح القانون بالتفويض، فاذا منح القانون الاختصاص الى جهة معينة ليس لهذه الجهة التنازل عن هذا الاختصاص او تفويضه الى سلطة اخرى الا اذا اجاز القانون ذلك ومن الضروري ان يصدر قرار صريح من الجهة صاحبة الاختصاص الاصيل عن رغبتها في استخدام التفويض الذي منحه لها القانون، كما يشترط لصحة التفويض ان يكون جزئياً، وان يكون المفوض مسؤولا عن الاعمال التي فوضها بالاضافة الى مسؤولية المفوض اليها، تطبيقا لمبدأ ان التفويض في السلطة ولا تفويض في المسؤولية، ولايجوز للمفوض اليه ان يفوض غيره، فالتفويض لايتم الا لمرة واحدة، لان الاصل هو عدم التفويض والاستثناء هو التفويض ولا يجوز التوسع بالاستناء، وتفويض الاختصاص ينقل السلطة باكملها الى المفوض اليه، وهذا يمنع الاصيل المفوض من ممارسة الاختصاص الذي تم تفويضه اثناء سريان التفويض، ويخضع حق التفويض لمبدأ المشروعية الذي يستدعي ان يكون خاضعا للقانون، والا كان باطلاً وغير مشروع.
ولما كان المقرر ان التحقق من سلامة الاجراءات وتشكيل المحكمة من الامور التي تتعلق بالنظام العام التي تقررها المحكمة من تلقاء نفسها. كما انه يستلزم للاستيثاق من صحة التفويض بخصوص الاجراءات وسلامته من عدمه الخضوع لمبدأ الشرعية الاجرائية المنصوص عليه في قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية رقم 17 / 1960 بكونه القانون الخاص المختص بتنظيم الاجراءات والاختصاص في الدعاوى الجزائية وتحديد القواعد والاجراءات التي تتبع في المحاكمة، ومن الاطلاع على المادة «9» اجراءات نجد انها تنص:
تتولى النيابة العامة سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات. ويتولى سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح محققون يعينون لهذا الغرض في دائرة الشرطة والامن العام. وتثبت صفة المحقق ايضا لضابط الشرطة الذي يعينهم النظام الداخلي المنصوص عليه في المادة (38). ومع هذا فان للنيابة العامة ان تحيل اية جناية على المحققين او الضباط في دائرة الشرطة لتحقيقها كما ان لرئيس دائرة الشرطة والامن العام ان يعهد للنيابة العامة بالتحقيق والتصرف في اية جنحة اذا رأى من ظروفها او اهميتها مايتطلب ذلك.
ويتبين من هذا النص ان قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية قد نظم صراحة اختصاص النيابة العامة واختصاص الادارة العامة للتحقيقات في تولي سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في جرائم الجنح والجنايات، كما نظم كذلك حق التفويض في تلك الاختصاصات، ولا محل بعد ذلك للاجتهاد القضائي اخذا بالمبدأ القضائي الشهير «لا اجتهاد في ظل وجود النص»، والقول بغير ذلك يعد مخالفة لصريح النصوص وهدراً للغايات التشريعية التي تكفل حماية حقوق الفرد من اي تعسف للسلطة سواء كانت تشريعية او تنفيذية او قضائية.
ومفاد نص المادة «9» إجراءات أعلاه، أن صاحبة السلطة في التحقيق التصرف والادعاء في الجنايات هي النيابة العامة كأصل عام، والاستثناء هو أن للنيابة العامة فقط دون غيرها أن تتنازل عن سلطتها في التحقيق وتفوض المحقق أو ضا بط الشرطة دون غيرهما، مما يعني أن صاحبة سلطة التفويض في الجنايات هي النيابة العامة، المفوض إليه يجب أن يكون محققا أو ضابطا في دائرة الشرطة، وبالتالي لا يجوز التفويض لغيرهما، وأما عن نطاق التفويض وحدوده المسموح فيها وفقا لما نصت عليه فإنه في الجنايات يقتصر على التحقيق فقط، ومن ثم لا يجوز أن التفويض في سلطة التصرف والادعاء في الجنايات وإلا كان باطلا، فإذا قامت النيابة العامة بتفويض المحقق بالتحقيق بجناية فإن عمله يقتصر على مباشرة إجراءات التحقيق وينتهي دوره بانتهاء التحقيق فيها، ويتعين عليه بعد ذلك إرفاق محضر التحقيق الذي أجراه بملفها وإعادتها بحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شؤونها فيه المتمثلة في مباشرة التصرف والادعاء فيها، إذ ان التفويض استثناء ولا يجوز التوسع بالاستثناء.
وأما في جرائم الجنح فإن صاحب الاختصاص الأصيل في التحقيق والتصرف والادعاء هو المحقق المعين من وزارة الداخلية، كما تثبت صفة المحقق أيضا لضابط الشرطة الذي يعينه النظام الداخلي وفق المادة 38 إجراءات، هذا كأصل عام، والاستثناء الوارد عليه يتمثل في أن القانون بالمادة أعلاه قد منح وزير الداخلية الحق في أن يفوض النيابة العامة بالتحقيق والتصرف في أية جنحة إذا رأى من ظروفها أو أهميتها ما يتطلب ذلك، فصاحب سلطة التفويض في الجنح هو وزير الداخلية فقط دون غيره، والمفوض إليه هي النيابة العامة، ولا يجوز التفويض لغيرها، ومحل التفويض يجب أن يقتصر على سلطة التحقيق والتصرف، مما يعني عدم جواز التفويض في الادعاء، فهو حق أصيل للمحقق لا يجوز فيه التفويض، ومفاد هذا أنه لا يحق للنيابة العامة مباشرة التحقيق والتصرف في الجنح من تلقاء نفسها بمقولة انها صاحب الاختصاص الأصيل بل يتعين عليها أن تتحصل على تفويض في ذلك من قبل وزير الداخلية، أما حق الادعاء في الجنح فإنه لا يجوز للنيابة العامة أن تباشره سواء من تلقاء نفسها أو بتفويض لأن سلطة الادعاء في الجنح حق خالص بحكم القانون للمحقق لا يجوز فيه التفويض، فإذا صدر تفويض من وزير الداخلية للنيابة العامة، فإنه يجب على الأخيرة أن تلتزم في الحدود المقررة للتفويض وفقا للقانون بمعنى أن تقتصر دورها في التحقيق والتصرف، ولا يجوز لها أن تتجاوز ذلك النطاق وتمد يدها لممارسة سلطة الادعاء، إذ ان أي تفويض يرد على حق الادعاء بالجنح يوصمه بالبطلان لعدم مشروعيته، وهذا هو الأصل العام الوارد بحكم المادة «9» من قانون الإجراءات ولا يجوز مخالفته إلا بقانون وليس بتفويض، ومن ثم فإن على النيابة العامة الالتزام بحكم «9» إجراءات، حال حصولها على تفويض من وزير الداخلية في خصوص جرائم الجنح أن تباشر التحقيق والتصرف فيها، ويتمثل حق التصرف في حفظ الدعوى أو إحالتها إلى المحكمة المختصة، ولا يجوز لها بعد ذلك أن تمارس حق الادعاء لأن يدها مغلولة بحكم القانون وتترك ذلك لصاحبه الأصيل وهو المحقق ليقوم في مباشرة الادعاء فيها.
ولما كان ما تقدم وكان الثابت أن الدعوى الماثلة قام بتحريكها وكيل المجني عليه بتقديم شكوى للسيد النائب العام متهما فيها الطاعن بالاعتداء على موكله بالسب والقذف والإهانة، وانتهى طالبا اتخاذ الإجراءات القانونية قبله، فقام السيد النائب العام بالاطلاع على الشكوى المقدمة وتبين له أن مضمون الاتهامات المسندة للطاعن تمثل جرائم الجنح وفقا لنص المادة «5» من قانون الجزاء، والتي تختص فيها الإدارة العامة للتحقيقات، فقام بمخاطبة السيد وزير الداخلية بكتاب مرسل بتاريخ 2009/12/15 يطلب فيه التفويض للنيابة العامة في مباشرة التحقيق والتصرف والادعاء في الدعوى الماثلة، وبناء على كتاب السيد النائب العام، واستنادا على المادة 3/9 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية أصدر السيد وزير الداخلية قراره الوزاري رقم 2009/3696 المؤرخ في 2009/12/23 بتفويض النيابة العامة بالتحقيق والتصرف والادعاء في جرائم الجنح المسندة للطاعن محل الدعوى الماثلة، ومن ثم يكون القرار قد خرج عن نطاق وحدود التفويض المقرر بحكم المادة 3/9 من قانون الاجراءات المحاكمة الجزائية، وأصبح قرارا معيبا جزئيا لم شابه من بطلان جزئي بخصوص التفويض بحق الادعاء، مما يتعين بطلانه في جزئية التفويض بحق الادعاء، وبطلان ما ترتب على الادعاء من قبل النيابة من آثار، وهو ما يعرف بالبطلان الجزائي للقرار، مما يعني أن قرار التفويض صحيح ومنتج لأثره بخصوص التحقيق والتصرف فقط وصحة ما قامت به النيابة العامة من إجراءات التحقيق والتصرف، وبطلان ما عدا ذلك.
وتطبيقا لما تقدم، فإن ما قامت به النيابة العامة من إجراءات التحقيق والتصرف في الدعوى الماثلة، هي إجراءات صحيحة، تستند على تفويض صادر من وزير الداخلية يخولها بالقيام بالتحقيق والتصرف، ويتمثل مفهوم التصرف هو ما يتم اتخاذه من إجراءات بعد الانتهاء من التحقيق سواء كان بحفظ الأوراق لعدم كفاية الأدلة، أو لعدم وجود جريمة، أو إحالتها للمحكمة بقيد ووصف لتتخذ المحكمة شؤونها فيها كما هو في الدعوى الماثلة، وينتهي التصرف في الدعوى بصدور قرار إحالتها للمحكمة، بينما يتمثل مفهوم الادعاء في الاجراءات التي تتم بعد مرحلة انعقاد الخصوم أمام المحكمة، كتمثيل الجهة أمام المحكمة ومباشرة الادعاء امامها في طلب توقيع العقوبة، والمرافعة، وطلب الاستئناف على الاحكام الصادرة، وكان يجدر على النيابة العامة ان تتوقف عند الانتهاء من تصرفها، وتترك امر الادعاء «للمحقق» التابع للادارة العامة للتحقيقات لمباشرة حقه الاصيل بحكم القانون، وهو ما لم تفعله اذا قامت بمباشرة الادعاء فيها دون وجه حق أو سند من القانون مما يوصم ادعاءها بالبطلان وبطلان الآثار المترتبة عليه، فحق الادعاء حق اصيل للمحقق لا يجوز التفويض فيه ولا يجوز لغيره ان يمارسه عنه في الجنح، ولما كانت النيابة العامة قد خالفت ذلك ومارست حق الادعاء بمثولها امام محكمة الجنح ومحكمة الجنح المستأنفة، وتثبيت ذلك في محاضر جلساتها، فإن تلك الاجراءات بخصوص الادعاء باطلة وتبطل بالتالي ما يترتب عليها من آثار، باعتبار ان ما قامت به النيابة العامة من ممارسة حق الادعاء خروج على مبدأ المشروعية لافتقادها للسند القانوني ومخالفة حكم القانون في تشكيل محاكم الجنح، اذ ان المقرر قضاء ان حضور المحقق في المحاكمة الجزائية بالجنح واجب اخذا من روح نصوص قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية وان تخلفه عن المحاكمة يعيب الحكم الجزائي ويؤدي الى بطلانه، وحق الادعاء يتمثل في حضور المحاكمة ومباشرة الدعوى بطلب توقيع العقوبة على المتهم وفقا للاجراءات وطبقا للشروط المنصوص عليها في هذا القانون، التي تنص على ان يتولى المحققون مباشرتها بالنسبة للجنح، والادعاء هو مباشرة الدعوى المتمثلة بتمثيل المجتمع امام المحكمة وحضوره المحاكمة كجزء من تشكيلها، اذ ان تمثيل النيابة العامة بمحكمة الجنايات وتمثيل المحققون بمحكمة الجنح وجوبي لصحة انعقاد المحكمة وفقا لنصوص احكام قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية وان تخلفهم عن المحاكمة يعيب الحكم الجزائي ويؤدي الى بطلانه، وهذا الوجوب يظهر واضحا من مفهوم نصوص قانون الاجراءات وان كان لم ينص عليها صراحة، اذ تضمنت نصوص ذلك القانون اشارات على وجوب حضورهما وافتراض وجودهما لانعقاد المحاكمة، ويظهر ذلك من مقاصد وعبارات نصوص القانون وروحه، وآية ذلك:
-1 ان المادة 9 من قانون الاجراءات، حددت المختص بتولي التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات للنيابة العامة وفي الجنح للادعاء العام «المحقق»، بينما اوردت المادة 105 من ذات القانون، ان النيابة العامة تتولى مباشرة الدعوى بطلب توقيع العقوبة على المتهمين بالجنايات وفقا للاجراءات وطبقا للشروط المنصوص عليها في هذا القانون، ويتولى المحققون مباشرتها بالنسبة لجنح، ويفهم من ذلك ان دور النيابة العامة والادعاء العام لا يقف عند التحقيق والتصرف وانما يستمر الى الادعاء في مباشرة الدعوى، والمباشرة هنا المقصود بها حضور المحاكمة، ويظهر ذلك جليا ما اوردته المادة 107 اجراءات «يتولى اجراءات الاتهام في الدعوى الجزائية من باشر التحقيق والتصرف، ومفهوم هذه النصوص مجتمعة ان المحكمة الجزائية لا تنعقد بالنسبة للجنايات الا بحضور النيابة العامة وفي الجنح للادعاء العام «المحقق» وبالتالي لا تنعقد المحاكمة الجزائية في غيبتهما».
-2 ان حكم المادة 122 اجراءات نظم المحاكمة في حال تخلف المتهم عن الحضور بنفسه أو بوكيل عنه، وحق المحكمة بأن تصدر حكما في غيبة المتهم، ولم يتعرض بذلك بخصوص النيابة العامة والمحقق «ممثل الادعاء العام»، مما يعني ان حضورهما شرط من شروط تشكيل المحاكمة الجزائية التي لا تنعقد صحيحة بدونهما.
-4 كما تستظهر المحكمة من حكم المادتين 133، 134 اجراءات بخصوص حق المحكمة بالاذن للمدعي في ان يدخل تعديلا في صحيفة الاتهام في أي وقت انها تفترض ان المدعي من ضمن تشكيل المحاكمة وذلك واضحا عند عباراتها بالنص «للمحكمة ان وجدت ما يستدعي تعديل وصف التهمة ان تنبه جميع الخصوم الى ذلك، وتأمر المدعي بالقيام بما يستدعيه التعديل من اجراءات» اذ يفهم من ذلك ان وجود الادعاء العام أو النيابة العامة ملازم لوجود وانعقاد المحكمة.
-5 ولا يقدح من ذلك عدم وجود نص صريح يوجب حضور النيابة أو المحقق كما هو في نص المادة 137 بخصوص كاتب الجلسة اذ نص على وجوب حضوره بالجلسة لانعقاد المحاكمة، اذ ان ممثل الادعاء العام والنيابة العامة ذو اهمية اكثر من كاتب الجلسة بالمحاكمة الجزائية وافتراض شرط وجوده لتشكيل المحاكمة حكمي لا يستلزم النص عليه.
-6 كما يفهم جليا من حكم المادة 139 اجراءات بخصوص حق المحكمة بمحاكمة من تقع منه اثناء انعقادها جريمة تعد على هيئتها أو على احد اعضائها أو على احد الموظفين في المحكمة، ان النيابة العامة حاضرة جلسة المحاكمة، فتولي الادعاء في جريمة اثناء الانعقاد يؤكد وجود الادعاء العام أو النيابة العامة، وتحكم عليه فورا بالعقوبة. وما يؤكد ذلك ما يفهم من حكم المادتين 140، 168 اجراءات من ان حضور المحقق بالجلسة حتمي لا تنعقد المحاكمة من دونه.
-7 واخيرا نجد ان مفهوم المادتين 187، 188 اجراءات يفترض ضمنا حضور المدعي الجزائي «ممثل النيابة أو الادعاء» بالمحاكمة الجزائية ويعد حضورهما شرطا في تشكيل المحاكمة لا تنعقد دونهما، وذلك حين تقررا ان حق المعارضة في الحكم الغيابي مقرر للمحكوم عليه فقط، واعتبار ان المدعي سواء النيابة العامة او الادعاء العام حاضر الجلسة حكما، وبالتالي فان المشرع لم يتصور ان يكون الحكم غيابيا بالنسبة لهما ولم يقرر لهما حق المعارضة مما يؤكد ان المشرع اعتبر حضورهما شرطا واجبا في تشكيل المحاكمة الجزائية وانعقادها.
ومما تقدم فان حضور ممثل النيابة العامة في محكمة الجنايات ومحكمة الاستئناف الجزائية والتمييز الجزائية، وجوبي في تشكيل المحاكمة واساس لانعقادها، كما ان حضور ممثل الادعاء العام «المحقق» في محكمة الجنح ومحكمة الجنح المستأنفة، يعتبر وجوبي كذلك في تشكيل المحاكمة واساس لانعقادها، وان تخلفهما يؤدي لبطلان المحاكمة، ما لم ينص القانون على تشكيل معين كما هو وارد في قضايا الشيكات بدون رصيد وقضايا جنح التجارة اذ ان القانون يشترط حضور ممثل النيابة العامة امام محاكم الجنح بدلا من المحقق، وكذلك في تشكيل هذه المحكمة «تمييز الجنح»، وهذا سنده نص القانون وليس التفويض، ولما كان حضور المحقق وممثل النيابة العامة في جلسات المحاكمة وجوبيا كما سلف بيانه فان ذلك يعني ان وجودهما في تشكيل المحاكمة اساس لانعقادها، ومن ثم فان الحكم الصادر من محكمة جزائية تخلف عن حضورها ممثل الادعاء العام بالجنح او ممثل النيابة العامة في الجنايات او الجنح التي تباشرها بحكم القانون هو حكم معيب بالبطلان لاخلاله بالتشكيل الذي يتطلبه قانون الاجراءات والمحاكمة الجزائية، وبالتالي فان شروط صحة انعقاد المحاكمة الجزائية يتطلب حضور الهيئة القضائية وسكرتير المحكمة والمدعي «المحقق بالجنح او ممثل النيابة في الجنايات» في جلسة المحاكمة، ومن ثم لا تنعقد المحاكمة بتخلف أي منهم، فان هي عقدت بغيبة المدعي ممثل الادعاء العام بالجنح او ممثل النيابة العامة بالجنايات فانعقادها باطل ومن ثم يمتد الى ذلك العيب ما يصدر منها من احكام، وكذلك الحكم لو عقدت محكمة الجنايات جلستها في حضور ممثل الادعاء العام بدلا من النيابة العامة فان انعقادها باطل ويبطل ما يصدر عنها من احكام والحال كذلك في محكمة الجنح والجنح المستأنفة اذا انعقدت بحضور النيابة العامة بدلا من الادعاء العام فان انعقادها باطل ويبطل ما يصدر عنها من احكام، وان حضور اي منهما بدلا من الآخر يؤدي الى بطلان الانعقاد ومن ثم بطلان الحكم الصادر من ذلك التشكيل المعيب، ولا ينطبق ذلك على الجنح التي تباشرها النيابة العامة كأصل عام بحكم القانون مثل «جنح الشيك بدون رصيد، وجنح التجارة»، اذ ان سند ذلك هو القانون وليس التفويض، فالقانون هو الذي عقد الاختصاص للنيابة العامة كأصل عام ولا محل للتفويض في هذا النوع من القضايا، وبالتالي فان انعقاد المحاكمة بالنسبة لهذه القضايا ينعقد بحكم القانون بحضور ممثل النيابة العامة في محكمة الجنح والجنح المستأنفة وليس المحقق، وحضور المحقق بدلا منها يبطل انعقادها.
ومما تقدم من السياق السابق، وكان الثابت ان النيابة العامة بناء على تفويض وزير الداخلية قامت بمباشرة التحقيق في الدعوى وتصرفت فيها، منته الى ان المتهم «الطاعن» قد ارتكب جرائم السب والقذف واهانة موظف عام والمعاقب عليها بالمواد 1/134، 209، 210 من قانون الجزاء، وينطبق عليها وصف الجنح عملا بحكم (المادة 9) من قانون الجزاء، وتختص بنظرها محكمة الجنح، وبالتالي ينعقد الاختصاص بالاصل بالادعاء لمحققي «الادارة العامة للتحقيقات التابعة لوزير الداخلية، اذ لا يجوز التفويض في سلطة الادعاء بالجنح، مما كان يتعين على النيابة العامة ان تغل يدها عن الدعوى حال تصرفها فيها باحالتها لمحكمة الجنح ليقوم «المحقق» بالادعاء فيه امام محكمة الجنح، وحال مخالفتها لذلك فانه يتعين بطلان تصرفها وبطلان الاحكام الصادرة بناء على تلك الاجراءات الباطلة.
وحيث انه لما كان من المقرر ان التقاضي في المواد الجزائية بالنسبة للجنح على ثلاث درجات وهي محكمة الجنح (المادة 4) من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية ومحكمة الجنح المستأنفة (المادة 6) من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية ومحكمة الاستئناف العليا بهيئة تمييز «المستحدثة بالمادة (200 مكرر) من القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 2003».
وكان النص في (المادة 9) من القانون المشار اليه على انه: «تتولى النيابة العامة سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات، ويتولى سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح محققون يعينون لهذا الغرض في دائرة الشرطة والامن العام، وتثبت صفة المحقق ايضا لضابط الشرطة الذي يعينهم النظام الداخلي المنصوص عليه في (المادة 38)» فضلا على نص (المادة 105) من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية: «تتولى النيابة العامة مباشرة الدعوى الجزائية بطلب توقيع العقوبة على المتهمين بالجنايات. ويتولى المحققون مباشرة الدعوى الجزائية بطلب توقيع العقوبة على المتهمين بالجنح وذلك وفقا للمادة 9 من ذات القانون»، ونص (المادة 106) اجراءات: «يتولى المحققون مباشرة الدعوى بطلب توقيع العقوبة على المتهمين في جميع الجرائم التي يملكون فيها سلطة التحقيق والتصرف والادعاء وفقا للفقرة الثانية من المادة 9 وذلك طبقا للشروط والاجراءات المنصوص عليها في هذا القانون».
مما مفاده ان هؤلاء المحققين هم وحدهم اصحاب الحق في تمثيل الادعاء العام في مواد الجنح امام محكمة الجنح بعد ان تصرفوا فيها، بإحالتها الى محكمة الجنح المختصة فإذا حل محلهم غيرهم حتى لو كانت النيابة العامة صاحبة الاختصاص الاصيل فان هذا التمثيل للادعاء امام محكمة الجنح يصبح باطلا ويبطل من بعده تشكيل هذه المحكمة التي اصدرت الحكم باعتباره قد صدر من محكمة غير مشكلة بشكل صحيح وفقا للقواعد المار بيانها، ولا يصحح ذلك العيب الاستناد الى التفويض لبطلانه بخصوص حق الادعاء، الذي لا ينال ما تم في الدعوى من تحقيق وتصرف، وكان الواجب على النيابة العامة بعد قيامها بالتحقيق والتصرف ان تعهد لسلطة التحقيق بالقيام بحق الادعاء قبل المتهم امام محكمة الجنح، وتخلف حضور المحقق صاحب الاختصاص الاصيل عن الحضور وصم الحكم بالبطلان متى استقام ذلك وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة في الجنح المعروضة والمؤرخ 2 – 9 – 2010/6/30 ان من مثل الادعاء العام فيها امام محكمة الجنح هو السيد وكيل النيابة الاستاذ يوسف المقهوي، هو ليس محققا من الادارة العامة للتحقيقات فان مؤدى ذلك بطلان تشكيل المحكمة بما يستتبعه بطلان الحكم الصادر فيها، ويتعين عدم الاعتداد به واعتباره كأن لم يكن وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر فانه يكون حريا بالالغاء.
لما كان ذلك وكانت هذه المحكمة لا تستطيع التعرض لموضوع الاتهام والفصل فيه لان ذلك فضلا على ان يعد اخلالا بمبادئ التقاضي على ثلاث درجات كما سبق القول وهو مبدأ دستوري حافظ عليه المشرع، فان في ذلك تفويت لدرجتين من درجات التقاضي على المتهم وهي محكمة الجنح ومحكمة الجنح المستأنفة الامر الذي يتعين معه على هذه المحكمة ان تشمل تمييز الحكم المطعون فيه باعادة الاوراق لمحكمة اول درجة لنظرها بهيئة مشكلة تشكيلا صحيحا وفقا لقانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية.

فلهذه الأسباب: حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف واعادة الاوراق الى محكمة اول درجة لتحديد جلسة لنظرها واعلان المتهم.

الآن - أحمد السالم

تعليقات

اكتب تعليقك